الأربعاء

1446-11-02

|

2025-4-30

(فشل الأمويين في إيجاد تيار حضاري)

من كتاب الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار (ج2):

الحلقة: 276

بقلم: د. علي محمد الصلابي

ذو الحجة 1442 ه/ أغسطس 2021

كان عمر بن عبد العزيز قد حاول ـ بإيمان صادق ، وذكاء متميز سبقه إليه جده عمر بن الخطاب ـ أن يوقف هذا الامتداد في الأرض حتى يواكبه امتداد في الدعوة ، بحيث لا تطغى الأرض على الحضارة ، ولا الدولة على الدعوة ، ولا تصبح اعتبارات السياسة أهم من مبادأى الدين ، فقد عمل على إيجاد تيار حضاري عقدي يملأ أركان الحياة.

ومهما يكن من أمر فإن الدولة الأموية ـ في عمومها ـ لم تستوعب قانون الامتداد الحضاري ، فبعد الامتداد (بالفتوحات) كان عليها أن تمتد (بالدعوة) ، وإلا فقدت بالداخل البقاء والتقدم.

وفي عصري الانطلاق والازدهار أيام معاوية وعبد الملك والوليد وحتى هشام كان بريق الامتداد يبهر الأبصار ، ويوجه الطاقات ويقدم تبريرات البقاء ، فلما أوشك هذان العصران على الانتهاء كان لابد للأمويين من تبريرات جديدة يعيشون عليها ، وتندفع الجماهير خلفهم تحت رايتها ، وافتقد أواخر العهد الأموي وجود أمثال عبد الملك والوليد من بناة الدول وصانعي الفتوحات العظيمة ، ومن أمثال عمر بن عبد العزيز من رجال الإصلاح والتجديد ومن رجال الدعوة والعدل الشامل ، وتقديم نموذج الدولة الراشدة لبقية الإنسانية ، فبدلاً من هذا ، قدم الأمويون رجالاً من طراز الوليد بن يزيد ويزيد بن الوليد وإبراهيم بن الوليد؛ الذين لم يستطيعوا أن يقدموا مشروعاً حضارياً يجدد حيوية الدولة ، ويرسم أهدافها ويدفعها بقوة نحوها ، وإنما دخلوا في أنفاق مظلمة انتهت بزوال دولتهم.

لقد فشل خلفاء بني أمية المتأخرون في إيجاد تيار حضاري بعد أن اتسعت رقعة الأرض التي يقومون فوقها ، ولم يستطيعوا تحويل المناوئين لهم إلى عاملين معهم ، في مجال الدعوة ونشر الإسلام ودعوة الأمم وتعليمها وتربيتها على الإسلام الصحيح ، وتعليم الشعوب دين الله سواء باللغة العربية ، أو بترجمة حقيقة الإسلام للغات الشعوب المسلمة، فقد كان المطلوب منهم تحقيق التوازن بين الدولة والدعوة ، والأرض والعقيدة ، والسياسة والفكر ، وكانت هذه رسالة عظمى ، لم يتقدم فيها الأمويون كما تقتضي الظروف والتحديات ، وكما تقتضي الملائمة للتحدي ، وهذا هو الخطأ الحضاري الكبير ، فحقيقة الأمر أنهم لم ينبعثوا بتيار حضاري يتمم تيارات الفتوحات ويكمله ، ويمتص كل حركات الخروج والفتن ، فهكذا التاريخ الحضاري دائماً؛ إما أن تتقدم أو تموت ولا سكون في تاريخ الإنسانية.

يمكنكم تحميل كتاب الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار

من الموقع الرسمي للدكتور علي محمَّد محمَّد الصَّلابي:

الجزء الأول:

http://alsallabi.com/uploads/file/doc/BookC9(1).pdf

الجزء الثاني:

http://alsallabi.com/uploads/file/doc/BookC139.pdf

كما يمكنكم الاطلاع على كتب ومقالات الدكتور علي محمد الصلابي من خلال الموقع التالي:

http://alsallabi.com


مقالات ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة © 2022