فريضة كل مسلم (3)
الحلقة 104 من كتاب
مع المصطفى صلى الله عليه وسلم
بقلم: فضيلة الشيخ الدكتور سلمان بن فهد العودة (فرج الله عنه)
رجب 1443 هــ / فبراير 2022
الأمر الأول: اقرأ:
وهنا يأتي سؤال كبير: ما معنى أن تبدأ الرسالة بهذا الأمر: (اقرأ)؟ إن أول أمر ينزل من السماء إلى محمد صلى الله عليه وسلم يخاطبه بالقراءة، فمن هذا المنطلق قال العلماء: إن أول واجب على المكلفين هو العلم: ﴿فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ﴾ [محمد: 19].
إن الحياة كلها لا تصلح إلا بالعلم، فنحن أمةٌ العلمُ أساس حركتها ونهضتها، والعلم أساس العبادة، والعلم أساس العمل والتجارة، والعلم أساس الجهاد والسياسة، والعلم أساس العلاقة الاجتماعية، بل هو المنطلق في جميع المجالات.
إنني أعجب أشد العجب وأقف كثيرًا عند هذا المعنى السهل والعظيم في الوقت ذاته، أن أمة (اقْرَأْ) أصبحت اليوم في ذيل القافلة، وفي آخر الأمم في تحصيلها العلمي وعنايتها بالمعلومات، ففي عصر انفجار المعلومات والتقدم التقني والعلمي المذهل الذي يأتينا في كل ثانية بالمزيد من المعلومات والحقائق والنظريات الهائلة، والتي بموجبها أصبحت أمم الغرب تتقدم العالم وتسيطر على كثير من مقدراته وإمكاناته، وأمة (اقْرَأْ) لا زالت في آخر القائمة.
كم هو محزن أن تجد المواطن في أوروبا أو في اليابان ينتظر الحافلة وهو يقرأ، وإذا ركب من مكان إلى آخر يحتضن كتابًا قد يكون بضع مئات من الصفحات ويدفن رأسه فيه، كم هو محزن ذلك وأنت ترى أمة: (اقْرَأْ) لا تلقي للقراءة بالًا، ولا تعيرها اهتمامًا.
كثيرًا ما أسأل نفسي وأسأل غيري: كيف تفوقت أمم ليس عندها كلام مقدس يأمرها بالقراءة ويجعل القراءة حتمًا عليها؟! في حين يقول ربنا سبحانه في أول آية نزلت في كتابه: (اقْرَأْ). وهذا أول الأوامر التي وجهت إلى الأمة؛ فما معنى أن نتخلى نحن عن هذه القيمة الربانية المقدسة، والأمر الموجه إلينا؟!.
طلب العلم فريضة:
حين يقول صلى الله عليه وسلم: «طَلَبُ العِلْمِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ»، نلاحظ أنه صلى الله عليه وسلم لم يقل: على كل مسلم ومسلمة؛ لأن كلمة مسلم تشمل الذكر والأنثى، فالذكر والأنثى على حد سواء في أصل التكليف والمساءلة، والمطالبة بالتحصيل والمعرفة والعلم.
إن الغرب ليس عندهم كتاب مقدس أول نصوصه (اقْرَأْ)، لكنهم أدركوا بفطرتهم وبتجاربهم أن القراءة ضرورية للحياة، فقرؤوا وتفوقوا، بينما أمة الإسلام التي عندها الكتاب المقدس الذي يأخذ بيدها ويدلها لا تزال تسبح في بحار الجهالات والظلمات والبعد عن المعرفة.
رابط تحميل كتاب مع المصطفى صلى الله عليه وسلم
http://alsallabi.com/books/view/506
كما ويمكنكم تحميل جميع مؤلفات فضيلة الدكتور سلمان العودة من موقع الدكتور علي الصَّلابي الرسمي