سليمان (عليه السلام) في القرآن الكريم
مختارات من كتاب الأنبياء الملوك (عليهم السلام)
بقلم: د. علي محمد الصلابي
الحلقة (49)
ذكر سليمان (عليه السلام) في القرآن الكريم سبع عشرة مرة:
- في سورة البقرة مرتان.
- وفي سورة النساء مرة.
- وفي سورة الأنعام مرة.
- وفي سورة الأنبياء ثلاث مرات.
- وفي سورة النمل سبع مرات.
- وفي سورة سبأ مرة.
- وفي سورة ص مرتان.
أشارت سورة البقرة إلى افتراءات اليهود على سليمان (عليه السلام) بعد وفاته، ومزاعمهم حول السحر والسحرة، والشياطين، وذكرت قصة الملكين هاروت وماروت.
أما سورة النساء فقد ذكرت اسم سليمان (عليه السلام) ضمن مجموعة من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، قال تعالى: ﴿إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا﴾ [النساء: 163].
وكذلك سورة الأنعام، قال تعالى: ﴿وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ﴾ [الأنعام: 84].
وفي سورة الأنبياء وردت إشارة إلى سليمان في تفهيم الله له الحكم، واستدراكه على حكم أبيه داوود عليهم السلام، إشارة إلى بعض ما أنعم الله به على سليمان من تسخير الريح والشياطين، يأتي شرحها بالتفصيل لاحقاً بإذن الله تعالى.
وقد تحدثتْ سورة سبأ عن سليمان (عليه السلام) بعد حديثها عن أبيه داوود عليهما السلام، حيث أشارت إلى الريح التي سخرها الله له، وإلى النحاس الذي أساله الله له، وإلى الجن الذي بين يديه، وإلى بعض المصنوعات النحاسية العظيمة التي يصنعها الجن له، ثم أشارت الآيات إلى وفاة سليمان (عليه السلام) بطريقة عجيبة، جعلها الله عبرة للجن؛ سيأتي الحديث عنها بإذن الله تعالى.
وأما سورة ص فقد تحدثنا عنها بالتفصيل بفضل الله وتوفيقه.
ووردت أطول مشاهد قصة سليمان في سورة النمل.
- لماذا سميت سورة النمل؟
سميت سورة النمل لإيراد قصة وادي النمل فيها، ونصيحة نملة منها بقية النمل بدخول جحورهن، حتى لا يتعرض للدهس من قبل سليمان (عليه السلام) دون قصد، ففهم سليمان الذي تعلم منطق الطير والدواب كلامها، وتبسّم ضاحكاً من قولها، ودعا ربه أن يلهمه شكره على ما أنعم به عليه.
- مغزى دقيق لأصحاب الجاه والسلطان والعظماء والملوك:
في هذه القصة مغزى دقيق لأصحاب الجاه والسلطان والعظماء، فقد اتخذ سليمان الملك وسيلة للدعوة إلى الله، فلم يترك حكماً جائراً ولا ملكاً كافراً إلا دعاه إلى الله، وهكذا كان شأنه مع بلقيس حتى تركت عبادة الأوثان، وأتت مع جندها خاضعة مسلمة مستجيبة لدعوة الرحمن.
تضمنت قصة سليمان (عليه السلام) في القرآن الكريم، وفي هذه السورة الكثير من معجزاته، كما حَوت الكثير من أسس الحكم والقضاء والحسبة والتربية والأخلاق. وإلى جانب هذا وذاك اشتملت على مناهج الدعوة وأساليبها، وأهدافها، وكل هذا يرد في إطار السمات العامة للسور المكية، ويقف المتأمل في قصة سليمان على الملك الوطيد، والجاه العريض وقبلهما النبوة والحكمة، ويرى الشخصية المؤمنة، المطمئنة بذكر الله المنيبة إليه الشاكرة لآلائه ونعمائه التي تسخر الملك والسلطان لإبلاغ دين الله، وإقامة الحجة على العالمين.
ومن أبرز السمات في هذا النبي الكريم، الشر بمعناه الواسع، وبأنواعه المختلفة، يتضلع به كلما سعد بنعمة وأحس بفضل.
وإن قصة سليمان مع النملة، ومع الهدهد، ومع ملكة سبأ وقومها، تظهر فيها نعمة الله على داوود وسليمان وقيامهما بشكر هذه النعمة وهي نعمة العلم، والملك، والنبوة مع تسخير الجن والطير لسليمان، وفيها تظهر كذلك أصول العقيدة التي يدعو إليها كل رسول، ويبرز بصفة خاصة استقبال ملكة سبأ وقومها لكتاب سليمان -وهو عبد من عباد الله- والله هو الذي وهب سليمان ما وهب، وسخر له ما سخر، وهو الذي يملك كل شيء، وهو الذي يعلم كل شيء، وما مُلك سليمان، وما عِلمه إلا قطرة من ذلك الفيض الذي لا يغيض.
والتركيز في هذه السورة على العلم، علم الله المطلق الظاهر والباطن، وعلمه بالغيب خاصة، والعلم الذي وهبه لداوود وسليمان، وتعليم سليمان منطق الطير وتنويهه بهذا التعليم. فعندما يريد سليمان استحضار عرش الملكة، لا يقدر على إحضاره في غمضة عين عفريت من الجن، إنما يقدر على هذا ﴿الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ﴾.
وهكذا تبرز صفة العلم في جو السورة تظللها بشتى الظلال في سياقها كله من المطلع إلى الختام، ويمضي سياق السورة كله في هذا الظل.
مراجع الحلقة:
- الأنبياء الملوك، علي محمد محمد الصلابي، الطبعة الأولى، دار ابن كثير، 2023، ص 219-225.
- الموجهات الدعوية والإعلامية في سورة النمل، منى محمد، ص174.
- صفوة التفاسير، الصابوني، (2/303).
- الدعوة إلى الله، عبد الرب نواب الدين، ص203.
- في ظلال القرآن، سيد قطب، (5/2624).
لمزيد من الاطلاع ومراجعة المصادر للمقال انظر:
كتاب الأنبياء الملوك في الموقع الرسمي للشيخ الدكتور علي محمد الصلابي: