النفاق: حقيقته وأقسامه، وأبرز صفات المنافقين
د. علي محمد الصلابي
الحلقة: الحادية والثلاثون
رمضان 1441ه/ أبريل 2020م
1 ـ تعريف النفاق:
النفاقُ: لفـظٌ إسلاميٌّ، لـم تكـنِ العربُ تعرفـه قبل الإسلام بهـذا المعنى المخصوص، وحاصِلُ عباراتِ العلماء في تعريفه يمكِنُ إرجاعُها إلى أنَّ النفاق هو: إظهارُ الإيمانِ، وإبطانُ الكفرِ.
2 ـ أقسام النفاق: ينقسِمُ النفاق إلى قسمين:
القسم الأول ـ نفاق الاعتقاد: وهذا النوعُ من النفاق يسمّى النفاق الأكبر، الذي يخرجُ صاحبه من ملة الإسلامِ، ويوجِبُ له الخلودَ في النار، ويُحرِّمُ عليه دخولَ الجنة، وذلك لأنَّه أظهرَ الإسلامَ والخيرَ، وأبطنَ الكفرَ والشرَّ، وهؤلاء هم أشدُّ خطراً وبلاءً على الإسلام والمسلمين، لأنَّه يؤمَنُ جانبُهم لما ظهر من أمورٍ تدلُّ على إيمانهم، ويأتي الخطرُ كلُّ الخطرِ من جانبهم، فهم الذين يُشيعونَ الفاحشة في الذين آمنوا، وهم الذين يذبذبون الصفَّ المسلم، وغير ذلك، ولكنّ الله كاشِفٌ أمرهم، وهو على إذلالهم قديرٌ، قال تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ *يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ *فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ *} [البقرة:8 ـ 10] .
القسم الثاني ـ نفاق العمل: وهو النفاقُ الذي لا ينقلُ صاحبه عن الملّة، بل يظلُّ معه مسلماً، ويبقى معه إيمانُه، وهذا النفاقُ العمليُّ هو الاتصاف ببعض أعمال المنافقين التي لا تنقض الإيمان، بل هي في المعاملات، وذلك مثل الكذب في الحديث، وإخلاف الوعد، والغدر عند الخصام، والخيانة عند الائتمان، فإنَّه قد يجتمعُ في العبدِ بعضُ خصالِ الخيرِ، وبعضِ خصالِ الشرِّ، ويستحقُّ من الثواب على قدر ما عنده من خصالِ الخيرِ، ويستحقُّ من العذابِ على قدر ما عنده من خصال الشرِّ والنفاقِ، وكان الصحابةُ رضوان الله عليهم يخافون النفاق، ويحذرون من الوقوع فيه، والاقتراب منه، قال ابن أبي مُليكة رحمه الله: أدركتُ ثلاثينَ من أصحابِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم كلُّهم يخافُ النفاقَ على نفسه.
إنَّ اتهامِ بعضِ الصحابةِ أنفسَهم بالنفاقِ والخوفِ من الوقوع فيه يدلُّ على أشياء كثيرةٍ، ومعانٍ رفيعةٍ منها:
• مدى حرص الصحابة رضوان الله عليهم على إيمانهم وتوحيدهم، وحفظ إيمانهم من أن تشوبه شائبةٌ تعكّر صفوه، أو تنقص كماله.
• تواضع الصحابة رضوان الله عليهم، وعدمِ اغترارِهم بأعمالهم.
• ما يجبُ أن يكونَ عليه العبدُ من الخوفِ والرجاء، فإنَّه يخاف ربَّه أن يقعَ فيما يغضبه، وفي الوقت نفسه يرجو رحمته.
3 ـ أبرز صفات المنافقين:
أ ـ الإفساد في الأرض بتهديم شريعة الله، واتهام المؤمنين بالسفه: قال تعالى في وصف المنافقين: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ *أَلاَ إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لاَ يَشْعُرُونَ *وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ أَلاَ إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لاَ يَعْلَمُونَ *} [البقرة :11 ـ 13] .
ب ـ خداع المؤمنين: قال تعالى: {وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ *} [البقرة :14].
ج ـ الإعراض عن التحاكم إلى شرع الله: قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلاَلاً بَعِيدًا *وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا *} [النساء :60 ـ 61] .
د ـ الأمر بالمنكر والنهي عن المعروف: قال تعالى: {الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ *} [التوبة :67] .
هـ اتخاذ الكافرين أولياء من دون المؤمنين: قال الله تعالى: {بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا *الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَولِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا *} [النساء :138 ـ 139].
يمكنكم تحميل كتاب سلسلة أركان الإيمان (1)
كتاب الإيمان بالله
من موقع د.علي محمَّد الصَّلابي:
http://alsallabi.com/s2/_lib/file/doc/Book174.pdf