الخميس

1446-11-03

|

2025-5-1

الحشر: تعريفه، مكانه، صفة الناس في الحشر

الحلقة: التاسعة عشر

بقلم الدكتور علي محمد الصلابي

ذو القعدة 1441 ه/ يوليوز 2020


أ ـ تعريف الحشر:
جمع الخلائق يوم القيام لحسابهم والقضاء بينهم .
1 ـ قال تعالى: ﴿وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلاَ شَفِيعٌ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ *﴾ [الأنعام: 51] .
2 ـ وقال تعالى: ﴿وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا إِلاَّ سَاعَةً مِنَ النَّهَارِ يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ *﴾ [يونس: 45] .
3 ـ وقال تعالى: ﴿وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الأَرْضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا *﴾ [الكهف: 47] .
4 ـ وقال تعالى: ﴿يَوْمَ تَشَقَّقُ الأَرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعًا ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ*﴾ [ق: 44] .
5 ـ وقال تعالى: ﴿وَمَا مِنْ دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ *﴾ [الأنعام: 38].
6 ـ وقال تعالى: ﴿وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ *﴾ [التكوير: 5] .

ب ـ مكان الحشر (أرض الحشر):
دلَّ الكتاب والسنة على أنّ أرضَ المحشر هي أرض الشام قال تعالى : ﴿الْحَشْرِ مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الأَبْصَارِ *﴾ [الحشر: 2] .
وعن سمرة بن جندب أنَّ رسول الله (ﷺ) كان يقول « إنَّكم تحشرونَ إلى بيتِ المقدسِ، ثم تجتمعون يومَ القيامةِ » .
ج ـ صفة الناس في الحشر:
1 ـ يحشر الناس حفاة عراة غرلاً: حفاةً غير متنعلين، عراةً غير لابسين، غرلاً غير مختونين، فكما أنّ الإنساَن يولد حافياً عارياً أغرلاً فكذلك يبعث .
وعن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي (ﷺ) قال: «أيها الناسُ ؛ إنّكم تُحْشَرُوْنَ إلى الله حفاةً عراةً غرلاً، ﴿كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ *﴾ [الأنبياء: 104] ألا وإنّ أوَّل الخلائقِ يُكْسَى يومَ القيامة إبراهيمُ عليه السلام، ألا وإنَّه سَيُجَاءُ برجالٍ من أمتي، فيؤخَذُ بهم ذاتَ الشمالِ فأقول: يا ربِّ أصحابي، فيُقَالُ: إنَّكَ لا تدري ما أحدثوا بَعْدَكَ، فأقولُ كما قالَ العَبْدُ الصَّالحُ: ﴿وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ * إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ *﴾ [المائدة: 117 ـ 118] قال: فيُقالُ لي: إنَّهم لم يزالوا مرتدينَ على أعقابهم منذُ فارقتَهُم» .
وعن عائشة رضي الله عنها أنّ رسول الله (ﷺ) قال: « يُبْعَثُ الناسُ يومَ القيامةِ حُفاةً عُراةً، غُرْلاً »، فقالت عائشة: فكيف بالعوراتِ، قال: « لكلِّ امرىءٍ يومئذِ شأنٌ يغنيه » .
2 ـ الوجوه: قال تعالى: ﴿وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا *﴾ [طـه: 111] أي ذلت وخضعت .
3 ـ الأبصار: قال تعالى: ﴿خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُنْتَشِرٌ *﴾ [القمر: 7] وقال تعالى: ﴿فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ *﴾ [القيامة: 7] أي اضطربت وجالت العينُ من الخوفِ.
4 ـ أحوال الناس عموماً: يعرضون صفّاً أمام الله تعالى، قال تعالى: ﴿وَعُرِضُوا عَلَى رَبِّكَ صَفًّا لَقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِدًا *﴾ [الكهف: 48] .
ولا يتكلمون، قال تعالى: ﴿يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لاَ عِوَجَ لَهُ وَخَشَعَتِ الأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَانِ فَلاَ تَسْمَعُ إِلاَّ هَمْسًا *﴾ [طـه: 108] وقال تعالى: ﴿هَذَا يَوْمُ لاَ يَنْطِقُونَ *وَلاَ يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ *﴾ [المرسلات: 35 ـ 36] .
وأحياناً يتكلمون، قال تعالى: ﴿يَقُولُ الإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ *﴾ [القيامة: 10] يدلُّ على أنّهم يتكلمون، فكيف يتكلّمون ولا يتكلمون ؟
الجواب: هـذا بحسب اختلاف الأوضاع، فيومُ القيامة يومٌ طويلٌ، وفي موقفٍ يتكلّمون، وفي موقف يصمتون، والله تعالى يقول: ﴿يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلاَئِكَةُ صَفًّا لاَ يَتَكَلَّمُونَ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَانُ وَقَالَ صَوَابًا *﴾ [النبأ: 38] . فإثباتُ الكلام من الخلق يوم القيامة تبعٌ لإذن الله لهم، ونفيُه في الحالةِ التي لم يؤذَنْ فيها.
5 ـ ذهول الناس وخوفهم وهلعهم:
قال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ *يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ *﴾ [الحج: 1 ـ 2] فإن كانت الأمُّ المرضعةُ ـ وهي أحرص ما يكون على ولدها ـ تذهلُ عنه، فغيرها من بابٍ أولى، وإن كان الطفلُ الصغيرُ الذي لم يذنبْ بعدُ يخاف حتى يشيبَ عارضاه فما بالك بغيره من الناس .
6 ـ تُنسى الأنسابُ، فكلُّ إنسانٍ مشغولٌ بنفسه لأنه يأتي وحيداً:
قال تعالى: ﴿فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلاَ أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلاَ يَتَسَاءَلُونَ *﴾ [المؤمنون: 101] قال تعالى: ﴿إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ إِلاَّ آتِي الرَّحْمَانِ عَبْدًا *لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا *وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا *﴾ [مريم: 93 ـ 95] وقال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لاَ يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلاَ مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئًا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلاَ تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلاَ يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ *﴾ [لقمان: 33] .
7 ـ يجثون على الرُّكبِ، قال تعالى: ﴿وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ﴾ [الجاثية: 28] .
8 ـ يعرضون على الله لا يخفى منهم شيء: قال تعالى: ﴿يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لاَ تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ *﴾ [الحاقة: 18] وغير ذلك من أحوال الناس

يمكنكم تحميل -سلسلة أركان الإيمان- كتاب:
الإيمان باليوم الآخر
من الموقع الرسمي للدكتور علي محمَّد محمَّد الصَّلابي

http://alsallabi.com/uploads/file/doc/Book173.pdf


مقالات ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة © 2022