(قوة الشخصية نور الدين زنكي)
من كتاب عصر الدولة الزنكية ونجاح المشروع الإسلامي بقيادة نور الدين الشهيد في مقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي
الحلقة: 91
بقلم: د.علي محمد الصلابي
جمادى الأولى 1444ه/ ديسمبر 2022م
كان نور الدين قوي الشخصية، قديراً على الوقوف في نقطة التوازن بين الصرامة والمرونة، والشدة واللين، والعنف والرحمة(1)، وقد وصفه ابن الأثير بأنه كان: «مهيباً مخوفاً مع لينه ورحمته، وأنه كانت إليه النهاية في الوقار والهيبة شديداً في غير عنف، رقيقاً في غير ضعف»(2). ويصف مجلسه، فيقول: «وكان مجلسه كما روي في صفة مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم مجلس حلم وحياء، لا تؤبن فيه الحرم، ولا يذكر فيه إلا العلم والدين، وأحوال الصالحين والمشورة في أمر الجهاد، وقصد بلاد العدو، ولا يتعدَّى هذا».
وقال الحافظ ابن عساكر الدمشقي: «كنا نحضر مجلس نور الدين، فكنا كما قيل:
كأن على رؤوسنا الطير، تعلونا الهيبة والوقار، وإذا تكلم؛ أنصتنا، وإذا تكلمنا؛ استمع لنا(3). وقال ابن كثير: «لم يُسْمَعْ منه كلمة فحش قط في غضبٍ، ولا رضاً، صموتاً وقوراً»(4).
وكان نور الدين محمود يملك هيبة عجيبة على موظفيه، ويلزمهم بوظائف الخدمة، ولم يجلس عنده أمير من غير أن يأمره بالجلوس باستثناء نجم الدين أيوب...وكان مع هذه العظمة، وهذا الناموس القائم إذا دخل عليه الفقيه، أو الصوفي، أوالفقير؛ يقوم له، ويمشي بين يديه، ويجلسه إلى جانبه، ويُقبل عليه بحديثه كأنه أقرب الناس إليه، وإذا أعطى أحداً منهم؛ أعطاه شيئاً كثيراً، وقال: «هؤلاء جند الله، وبدعائهم ننتصر على الأعداء، ولهم في بيت الله حقٌّ أضعاف ما أعطيهم، فإذا رضوا منا ببعض حقهم؛ فلهم المنَّـةُ علينا»(5).
مراجع الحلقة الواحدة والتسعون:
(1) نور الدين محمود ص 22.
(2) المصدر نفسه ص 24.
(3) الباهر ص 173 نور الدين محمود ص 24.
(4) البداية والنهاية نقلاً عن نور الدين محمود ص 24.
(5) الباهر ص 172 ـ 173 تاريخ الزنكيين ص 409.
يمكنكم تحميل كتاب عصر الدولة الزنكية ونجاح المشروع الإسلامي بقيادة نور الدين الشهيد في مقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي
من الموقع الرسمي للدكتور علي الصَّلابي
http://www.alsallabi.com/salabibooksOnePage/40