(ما قيل من الشعر في عدل نور الدين زنكي)
من كتاب عصر الدولة الزنكية ونجاح المشروع الإسلامي بقيادة نور الدين الشهيد في مقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي
الحلقة: 116
بقلم: د.علي محمد الصلابي
شعبان 1444ه/ مارس 2023م
قال ابن منير:
بنـــــــــــور الديـــــــــــن رُوض كــــــــــــــــــــلُّ مَحْـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــلٍ مــــــــــــــــن الدنيــــــــــــــــا وجُــــــــــــــدِّد كُــــــــــــــــــــــلُّ بـــــــــــــــــــــــــــــالِ
وَصَـــــــــــوَّب عَدْلُــــــــــــه فــــــــــــي كُــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــلِّ أوبٍ فعــــــــــــــــوَّض عاطِـــــــــــــــــلاً منـــــــــــــــــــــــــــــــه بحــــــــــــــــــــــــــــــــــــالِ
ويُنكــــــــــــــــــــــــــــــــــــي رأيُــــــــــــــــــــــــــــــــــــهُ رأي المحامــــــــــــــــــــــــي ويَقْتُـــــــــلُ خوفـــــــــــــــه قبــــــــــــــــــــــــــــــل القتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــالِ
لقــــــــــــــــــد أحصــــــــــــــدَت للإســــــــــــــــــلام عِــــــــــــــــــــــــــزاً يفـــــــــــــوت سَنامـــــــــــــــــه يَــــــــــــــــــــدَ كُــــــــــــــلّ قـــــــــــالِ(1)
وقال أيضاً:
وانْتـــــــــــاش ديــــــــــنَ محمــــــــــــــــــــــــــــــــدٍ محمـــــــــــــــــــــــــــــودُهُ مـــــــــــــــــن بعـــــــــــــد مــــــــــــا عَلَـــــــــــــــــــق دمــــــــــــــاً عَبَراتُــــــــــــــهُ
رددتَ علــــــى الإســـــــــــــلام عصــــــــــــــرَ شبابــــــــــــــــــــِه ثباتــــــــــــــــــــــــــــه مِــــــــــــــــــن دونـــــــــــــــــــــــــــــــــــــه وثباتُـــــــــــــــــــــــــــــــــــــهُ
أرســـــــــــــى قواعــــــــــــــده ومَـــــــــــــــــــــــــــــــدَّ عِمـــــــــــــــــــــــــادَهُ صُعُـــــــــــــــداً وشيَّــــــــــــــــــدَ ســــــــــــــــــــــــــــوره سوراتُـــــــــــــــــــــــــــــــــــــهُ
وأعــــــــــــــــاد وجـــــــــــــــــــه الحــــــــــقِّ أبيـــــــــض ناصعــــــــــــاً إصلاتُــــــــــــــــــهُ وصِلاتُــــــــــــــــــــــــهُ وصَلاتُـــــــــــــــــــــــــــــــــــــهُ(2)
وقال أيضاً:
لا تأمنــــــــوا فــــــــي اللـــــــــــــه بطشـــــــــــــــة ثائِــــــــــــــــــــــــــــرِ للــــــــــــه مــــــــــــــــــــــــــــــلءُ سريــــــــــــــــــــــــــــــــــــــره أســــــــــــــــــــــــــــــــــرارُ
صـــــــــافٍ إذا كُــــــــدِرَ المعــــــــــــــادِنُ عـــــــــــــــــــــــــــــــــــادِلٌ إن خـــــــــــاف حُكّـــــــــــام الملــــــــوك وجـــــــــــــــــــــــــاروا(3)
وقال أيضاً:
أَوَلَسْــــتَ مَـــنْ مـــــلأ البسيطـــــــــــــــــة عَدْلُـــــــــــــــــــــــــــــهُ واجْتَــــــــــــبَّ بالمعـــــــــــــــــــــــــــروف أنـــــــــــــــــف المُنـــكـــــــــــــــــــــــرِ
حـــــــــــــــدبُ الأب البــــــــــــرِ الكبيــــــــــــــرِ ورأفــــــــــــــــــــــة الأم الحفيـــــــــــــــــــــة باليتيــــــــــــــــــــــــــــــم الأصغـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــرِ
يا هضبـــــــــــــــة الإِســـــــلام مــــــــن يعصــــــم بهــــــــــــــــــــا يأمَــــــــــنْ، وَمَـــــــــــنْ يَتَــــــولَّ عنهــــــــــــا يَكْفُــــــــــــــــــرِ(4)
وقال أيضاً:
لا مُلْـــــــــكَ إلا مُلْــــــــــــــكُ محمـــــــــــــــــــــود الـــــــــــــــذي اتَّخــــــــــــــذَ الكتــــــــــــــــاب مظاهــــــــــــــــــــــــراً ووزيـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــرا
تمشــــــــــــــــــي وراء حــــــــــــــــــــــــــدودِه أحكامُـــــــــــــــــــــــــــــهُ تأْتمُّهَــــــــــــــــــــــــــنَّ فيحكـــــــــــــــــــــــــــــــــــــم التقديــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــرا
يقظـــــــــــــــــــــان ينشــــــــــــــــــر عَدْلَـــــــــــهُ في دولـــــــــــــــــــــــــة جــــــــاءت لِمَطْــــــــــــوي السمــــــــــــاح نشـــــــــــــــــــــــوزا(5)
وقال أيضاً:
يـــــــا سائلــــــــــــــي عـــــــــــــــن نهــــــــــــــــج سيرتــــــــــــــــــــــــــــــــــه هــــــــل غيـــــــــــر مفـــــــــــــرق هامِــــــــــــــــــــــــــة الفجــــــــــــــــــــــــــــرِ
عـــــــــــــــــدلٌ حقيــــــــــــقٌ مـــــــــــــــــــــــــــــــن تأملُـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــهِ أن يحيـــــــــــــي العمريـــــــــــــــــــــــــــــــن بالذكـــــــــــــــــــــــــــــــــر(6)
وقال أيضاً:
ثنــــــــــى يــــــــده عــــــــــن الدنيــــــــا عفـــــــــــــــــــــــــــــــــــــاف ومــــــــــــــال بهـــــــــــا عــــــــــــــن الأمـــــــــــــــوال زهـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــدُ
رأى حــــــــــــطًّ المكـــــــــــــوس عــــــــــــــن الرعايــــــــــــــــــــا فــــــأهــــــــــــــــــدر مـــــــــــا أنشـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــاه بعـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــد
ومــــــــــــــــــــدَّ لهـــــــــــــــــــا رواق العـــــــــــــــدل شرعــــــــــــــــــــاً وقـــــــــــد طُــــــــــــوي الــــــــرواق ومـــــــــــــــن يمــــــــــــــــــــــــــــــــدُّ(7)
وبــــــــــــــات وعنــــــــــــد بـــــــاب العـــــــــرش منهــــــــــــــا لدولتــــــــــــــــــــــــــــه دعـــــــــــــــــــــــــــــاء لا يـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــردُّ(8)
وقال العماد الأصفهاني في عدله:
يا محيـــــــــيَ العـــــــــدل الــــــــذي فــــــــي ظلــــــــــــــــــــــــــــه مــــــــــن عدلـــــــــــــه رعـــــــت الأســـــــود مــــــــــع المهَــــــــــــــــــــــــــا
محمــــــــــــــــــودٌ المحمــــــــودُ مِــــــــــــــــــن أيامــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــه لبهائِهـــــــــــا ضحــــــــك الزمـــــــــــــــان وقهقهـــــــــــــــــــــــا (9)
إن الملك العادل نور الدين زنكي، حَرِصَ على بناء مجتمع العدل، والقوة، وسوف يأتي الحديث بإذن الله عن اهتمام نور الدين بالقوة العسكرية، ولا شكَّ: أن القوة العسكرية لا يمكن بناؤها في مجتمع ضعيف، فهي جانب من جوانب المدنيَّة المتكاملة، فالمجتمع القوي عسكرياً يلزم أن يكون قوياً في صناعاته الأخرى، لأن الأمن العسكري يحتاج إلى الأمن الثقافي، والأمن الغذائي، والأمن الصحي، وهذه الأمور عَمِلَ نور الدين على توفيرها كما سيأتي بيانه، بإذن الله. قال تعالى: ﴿لَقَدۡ أَرۡسَلۡنَا رُسُلَنَا بِٱلۡبَيِّنَٰتِ وَأَنزَلۡنَا مَعَهُمُ ٱلۡكِتَٰبَ وَٱلۡمِيزَانَ لِيَقُومَ ٱلنَّاسُ بِٱلۡقِسۡطِۖ وَأَنزَلۡنَا ٱلۡحَدِيدَ فِيهِ بَأۡسٞ شَدِيدٞ وَمَنَٰفِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعۡلَمَ ٱللَّهُ مَن يَنصُرُهُۥ وَرُسُلَهُۥ بِٱلۡغَيۡبِۚ إِنَّ ٱللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيز ٢٥ ﴾ [الحجر: 25] . فهذه الآية الكريمة توضِّح الأسس اللازمة لبناء مجتمع قوي متحضِّر، يقوم على العدل، والقوة، فالكتاب والميزان لإقامة العدل، والحديد لإيجاد القوة، التي تحمي العدل، وتكفل استمراره، ولو أردنا تحويل هذا الشرح إلى لغة لقلنا: إن الآية تشير إلى أن المجتمع المتحضِّر ينبغي أن تتوفر له الإيدلوجية الصالحة، زائد التكنيك المتقدِّم، فالإيديولوجية تحفظ البنية الاجتماعية متماسكة، بعيدة عن التجزئة والتشرذم، وتمنحها الأهداف، ووحدة الحركة، والتصميم، والإرادة، وتمنع ذوبانها في البنى الاجتماعية المغايرة في العقيدة، والفكر، والتنظيم الاجتماعي، والاقتصادي، والتكنيك يمنحها فُرَصَ التقدُّم على الاخرين، علمياً وصناعياً، ليس من أجل إذلالهم، واستعمارهم، فالإيديولوجية الإسلامية لا تسمح بذلك، بل لإقامة العدل في الأرض، بعد إقامته في المجتمع الإسلامي، ثم لضمان استمرار العدل، الذي أرسل الله تعالى الرسل ـ صلوات الله وسلامه عليهم ـ لبيانه، ووضع الموازين الحق له، فنزول الكتب السماوية، وخاتمها القران الكريم، يهدف إلى تثبيت موازين العدالة، وبيان الأسباب والوسائل اللازمة لتحقيقها، فالناس يقومون بالعدل، ويحيون بالأمل ويسعون بالأمن، وينتفعون بالعمل والإنتاج.(11)
إنَّ العدل الشامل لا يتحقَّق، إلا بتطبيق شرع الله تطبيقاً قائماً على الفهم الصحيح، للكتاب والسنة والمعرفة الدقيقة بالواقع من ناحية، وبمقاصد الشريعة الإسلامية من ناحية أخرى، وهو أمر لايتحقَّق إلا بتكوين العدد المناسب من العلماء المجتهدين النابهين.(12)
مراجع الحلقة السادسة عشر بعد المائة:
(1) كتاب الروضتين نقلاً عن شعر الجهاد الشامي ص 167.
(2) شعر الجهاد الشامي ص 168.
(3) شعر الجهاد الشامي في مواجهة الصليبيين ص 170.
(4) المصدر نفسه ص 170.
(5) المصدر نفسه ص 171.
(6) عيون الروضتين (1 / 386، 287).
(7) المصدر نفسه (1 / 388).
(8) عيون الروضتين (1 / 388).
(9) شعر الجهاد الشامي في مواجهة الصليبيين ص 174.
(10) الإسلام والوعي الحضاري د. أكرم العمري ص 115.
(11) الإسلام والوعي الحضاري ص 117.
(12) المصدر نفسه ص 117.
يمكنكم تحميل كتاب عصر الدولة الزنكية ونجاح المشروع الإسلامي بقيادة نور الدين الشهيد في مقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي
من الموقع الرسمي للدكتور علي الصَّلابي