الخميس

1446-11-03

|

2025-5-1

تأملات في الآية الكريمة

﴿وَعَلَى آلِ يَعْقُوبَ﴾

الحلقة: 36

بقلم الدكتور علي محمد الصلابي

محرم 1445ه/ يوليو 2023م

أي: وعلى من يصطفيهم ويختارهم للنبوة من آل يعقوب. فكلمة ﴿آل يعقوب﴾، تعمّ الأنبياء وغيرهم، وقد تفرّع من آل يعقوب: الأسباط - القبائل – الاثنا عشر، الّذين يكونون اليهود، وقد اختار الله تعالى، منهم من عهد موسى إلى عهد عيسى عليهم السلام، كثيراً من الأنبياء. ولا دليل في الآية على أن إخوة يوسف كانوا أنبياء، كما رأى بعض المفسرين، فما صدر منهم في حقّ أبيهم وأخيهم - كما سيأتي - لا يتّفق مع أخلاق الأنبياء، قبل النبوّة وبعدها، ولو كان إخوة يوسف هم مراد قوله تعالى: ﴿آل يعقوب﴾، لكان الأظهر أن يقول: وعلى إخوتك.

والقول بأنهم لم يكونوا أنبياء هو قول أكثر المفسرين سلفاً وخلفاً، فلم يُنقل عن أحد من الصحابة ولا عن التابعين أنّه قال بنبوتهم، ولكن وُجد بعد ذلك بعض المفسرين القائلين بنبوّتهم كابن زيد، وقد بالغ في ردّه البغوي وابن كثير، وذكر ابن تيمية في مؤلف له خاص هذه المسألة وملخصه: الّذي يدل عليه القرآن واللغة والاعتبار أنّ إخوة يوسف عليه السلام ليسوا بأنبياء، واحتجّ من قال بأنهم أنبياء بقوله تعالى في آيتي البقرة والنساء: ﴿والأسباط﴾، وفسّر ذلك بأولاد يعقوب، والصواب: أنّه ليس المراد بهم أولاده لصلبه، بل ذريته، كما يقال لهم: (بنو إسرائيل)، ويقال لسائر النّاس: (بنو آدم). وقوله تعالى: ﴿وَمِنْ قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ﴾ [الأعراف: 159]، صريح في أنّ الأسباط هم الأمم من بني إسرائيل. وكل سبط أمة، وقد صرّحوا بأن الأسباط من بني إسرائيل كالقبائل من بني إسماعيل، وأصل السبط: شجرة واحدة ملتفة كثيرة الأغصان، فلا معنى لتسمية الأبناء الاثني عشر أسباطاً قبل أن ينتشر عنهم الأولاد. (1)

ولو كانوا أنبياء ما وصّاهم يعقوب عليه السلام عندما حضره الموت بالثبات على عبادة الله الواحد الأحد، قال تعالى: ﴿أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ﴾ [البقرة: 133] . (2)

مراجع الحلقة السادسة والثلاثون:

روح المعاني، شهاب الدين الألوسي، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، 1415ه، (12/184).

2 التفسير الموضوعي، مرجع سابق، (4/123).

يمكنكم تحميل كتاب النبي الوزير يوسف الصديق عليه السلام

من الموقع الرسمي للدكتور علي محمد الصلابي

http://www.alsalabi.com/salabibooksOnePage/668


مقالات ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة © 2022