الأحد

1446-11-06

|

2025-5-4

من كتاب كفاح الشعب الجزائري ضد الاحتلال الفرنسي(ج1)
(فظائع الجيش الفرنسي)
الحلقة: التاسعة والأربعون
بقلم الدكتور علي محمد الصلابي
ربيع الأول 1442 ه/ نوفمبر 2020
 
ارتكب جيش الاحتلال أكثر الفظائع وحشية ضد المدنيين، والتي سماها المؤرخون بالرازيا، يروي العقيد مونتانياك قائلاً: أخبرني بعض الجنود أن ضباطهم يلحون عليهم ألا يتركوا أحداً حياً بين العرب، كل العسكريين الذين تشرفت بقيادتهم يخافون إذا أحضروا عربياً حياً أن يجلدوه.
ويقول النائب البرلماني طوكفيل: إننا نقوم بحرب أكثر بربرية من العرب أنفسهم، لم نستطع هزم العرب حربياً، فهزمناهم بالتدمير والجوع.
ويقول مونتانياك: لقد محا الجنرال لاموريسيير من الوجود خمسة وعشرين قرية في خرجة واحدة، إنه عمل أكثر انعداماً للإنسانية، ويروي: فمجرد أن حدد موقع القبيلة انطلق سائر الجنود نحوه، ووصلنا الخيام التي صحا سكانها على اقتراب الجنود، فخرجوا هاربين نساء وأطفالاً ورجالاً مع قطعان ماشيتهم في سائر الاتجاهات، هذا جندي يقتل نعجة، بعض الجنود يدخلون الخيام ويخرجون منها حاملين زرابي على أكتافهم، بعضهم يحمل دجاجة، تضرم النار في كل شيء، يلاحق الناس والحيونات، وسط صراخ وثغاء وخوار، إنها ضجة تصم الاذان. مدينة معسكر يوم (19/12/1841م).
الفظائع «الرازيا» كما يسميها الفرنسيون لا تهدف إلى معاقبة المخطئين وإنما صارت مصدراً لتموين الجيش، كان كل ما ينهب يباع ويوزع ثمنه على الضباط والجنود، ربع الغنائم للضباط والنصف للجنود.
يقول النقيب لافاي: كان الضباط يخيرون الفلاحين بين أن يقدموا لهم الأكل أو الإبادة، كنا نخيم قرب القرية، يعطيهم الجنرال مهلة لإعداد الطعام أو الموت، كنا نوجه سلاحنا نحو القرية وننتظر، ثم نراهم يتوجهون لنا ببيضهم الطازج وخرافهم السمينة ودجاجاتهم الجميلة وبعسلهم الحلو جداً للمذاق.
يعلق ش.أ. جوليان: وتنتشر الرازيا فتصير أسلوباً للتدمير المنظم والمنهجي الذي لم يسلم منه لا الأشخاص ولا الأشياء. إن جنرالات جيش إفريقيا لا يحرقون البلاد خفية، إنهم يستعملون ذلك ويعتبرونه مجداً لهم، سواء كانوا ملكيين أم جمهوريين أو بونابارتيين.
يقول مونتانياك: إن الجنرال لاموريسيير يهاجم العرب ويأخذ منهم كل شيء: النساء والأطفال والمواشي، يخطف النساء، يحتفظ ببعضهن رهائن، والبعض الاخر يستبدلهن بالخيول، والباقي تباع في المزاد كالحيوانات، أما الجميلات منهن فنصيب الضباط.
ويروي الضابط المراسل لسانت أرنو: إن بلاد بني مناصر رائعة، لقد أحرقنا كل شيء ودمرنا كل شيء، اه من الحرب، كم من نساء وأطفال هربوا منا إلى ثلوج الأطلس، ماتوا بالبرد والجوع.. إننا ندمر، نحرق،ننهب، نخرب البيوت ونحرق الشجر المثمر.
يقول مونتانياك: النساء والأطفال اللاجئون إلى أعشاب كثيفة يسلمون أنفسهم لنا: نقتل، نذبح، صراخ الضحايا واللاقطين لأنفاسهم الأخيرة يختلط بأصوات الحيوانات وهي تثغو وتخور، كل هذا ات من سائر الاتجاهات، إنه الجحيم بعينه وسط أكداس من الثلج، إن كل ذلك من العمليات التي قمنا بها تثير الشفقة ؛ حتى في الصخور إذا كان عندنا وقت للشفقة، وكنا نتعامل معها بلا مبالاة جافة تثير الرجفة في الأبدان.
يقول الجنرال كاروبير: ينفذ جنودنا هذا التدمير بحماس، إن التأثير الكارثي لهذا العمل البربري، والتخريب العميق للأخلاق الذي يبث في قلوب جنودنا وهم يذبحون ويغتصبون، وينهب كل واحد منهم لصالحه الشخصي.
ويقول النقيب لافاي: لقد أحرقنا قرى لخريمس في قبيلة بني سنوس، لم يتراجع جنودنا أمام قتل العجائز والنساء والأطفال. إن أكثر الأعمال وحشية هو أن النساء يقتلن بعد أن يغتصبن، وكان هؤلاء العرب لا يملكون شيئاً يدافعون به عن أنفسهم.
 
يمكنكم تحميل كتب كفاح الشعب الجزائري ضد الاحتلال الفرنسي من موقع د.علي محمَّد الصَّلابي


مقالات ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة © 2022