البلد الأمين (3)
الحلقة 132 من كتاب
مع المصطفى صلى الله عليه وسلم
بقلم: فضيلة الشيخ الدكتور سلمان بن فهد العودة (فرج الله عنه)
تاريخ النشر: شعبان 1443 هــ / مارس 2022
فتح لا توسع:
نصر الله تعالى جاء وفتح مكة جاء أيضًا: ﴿وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا﴾ [النصر: 2]. لم يكن المقصود أن تؤخذ أموال الناس، فقد أقرهم النبي صلى الله عليه وسلم على بيوتهم وممتلكاتهم، بل أكثر من ذلك، لما قيل له: يا رسول الله، أتنزل غدًا في دارك بمكة؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «وَهَلْ تَرَكَ لَنَا عَقِيلٌ مِنْ رِبَاعٍ أوْ دُورٍ؟».
تخلى المسلمون عن بيوتهم وأموالهم التي أخذت منهم واحتسبوها عند الله عز وجل.
كان الأمر أبعد ما يكون عن السلطان الدنيوي، وهذه أعظم ميزات الإسلام.
﴿وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا﴾ كان الأمر متعلقًا بالدعوة إلى الله عز وجل، وقد علم الله سبحانه أن من طبيعة الإنسان التسلط والعدوان، وقديمًا كان المتنبي يقول:
والظُّلمُ مِن شِيَمِ النُّفوسِ فَإِنْ تَجِدْ *** ذا عِفَّةٍ فَلِعِلَّةٍ لا يَظْلِم!
ولكن بالتقوى والإيمان ودوام المراقبة يتم إقصاء هذه الصفات عن أن تؤثر في سلوك المؤمنين، أو تحكم تصرفاتهم، وهذا يحتاج إلى صبر وتربية ومجاهدة، وهو الذي فعله النبي صلى الله عليه وسلم مع أصحابه خصوصًا الصحابة الذين قادوا الجيوش، والمؤمنين، والسابقين الأولين من المهاجرين والأنصار رضي الله عنهم، فكانوا بحق هم قادة البشرية، انتقلوا من رعاية الغنم إلى قيادة الأمم، وأصبحوا أساتذة الحضارة البشرية في التاريخ كله.
كانت القضية دعوة إلى الله عز وجل، وزحزحة للعوائق والحواجز التي تقف بين الناس وبين الدينونة للحق والفطرة.
رابط تحميل كتاب مع المصطفى صلى الله عليه وسلم
http://alsallabi.com/books/view/506
كما ويمكنكم تحميل جميع مؤلفات فضيلة الدكتور سلمان العودة من موقع الدكتور علي الصَّلابي الرسمي