الخميس

1446-11-03

|

2025-5-1

(دعوة الأنبياء والمرسلين واحدة خالصة)

من كتاب إبراهيم خليل الله دَاعِيةُ التَّوحِيدِ وَدينِ الإِسلَامِ وَالأُسوَةُ الحَسَنَةُ

الحلقة: 39

بقلم الدكتور علي محمد الصلابي

ذو الحجة 1443 ه/ يوليو 2022م

نقف أمام الدعوة الواحدة الخالدة على لسان كل رسول، وفي كل رسالة دعوة توحيد العبادة والعبودية لله المتمثّلة فيما يحكيه القرآن الكريم عن كل رسول: {... قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ..}، ولقد كنا دائماً نفسّر "العبادة" لله وحده بأنها "الدينونة الشاملة لله وحده في كل شأن من شؤون الدنيا والآخرة"، ذلك أن هذا هو المدلول الذي تعطيه اللفظة في أصلها اللغوي، فإن "عبد" معناها: دان وخضع وذل، وطريق معبّد: طريق مذلّل ممهّد، وعبّده: جعله عبداً أي خاضعاً مذللاً، ولم يكن العربيّ الذي خوطب بهذا القرآن أول مرة يحصر مدلول هذا اللفظ وهو يؤمر به في مجرد أداء الشعائر التعبُديّة، بل إنَّه يوم خوطب به أول مرة في مكة، لم تكن قد فرضت بعد شعائر تعبديّة، إنما كان يفهم منه عندما يخاطب به أن المطلوب منه هو الدينونة لله وحده في أمره كله، وخلع الدينونة لغير الله من عنقه في كل أمره.

إنَّ توحيدَ الألوهية، وتوحيد الربوبية، وتوحيد الحاكمية، وتوحيد مصدر الشريعة، وتوحيد منهج الحياة، وتوحيد الجهة التي يدين لها الناس، والدينونة الشاملة، هو التوحيد الذي يستحق أن يرسل من أجله كل هؤلاء الرسل وأن تبذل في سبيله كل هذه الجهود وأن تحتمل لتحقيقه كل هذه العذابات والآلام على مرِّ الأزمان؛ ذلك ليس لأنَّ الله سبحانه في حاجة إليه، فهو سبحانه غنيّ عن العالمين، ولكن لأن حياة البشر لا تصلح ولا تستقيم ولا ترتفع ولا تصبح حياة لائقة "بالإنسان"، إلا بهذا التوحيد الذي لا حدّ لتأثيره في الحياة البشرية في كل جانب من جوانبها .

من كل ما سبق، يتأكد لنا أنَّ دين الأنبياء عليهم السلام واحد، وبأنَّ دعوتهم واحدة، أنّها دعوة الإسلام، وإخراج الناس من عبادة العباد إلى عبادة ربّ العباد، ومن ضيق الدنيا إلى سعتها، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، كما أن هناك أموراً أخرى اتفقت عليها جميع الأديان والرّسالات ودعت إليها، ألا وهي الأخلاق والقيم التي فطر الله الناس عليها، حيث نجد الدعوة إليها والمحافظة عليها ونبذ ما يخالفها موجود في كل رسالة، وقد تضمنتها دعوة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، ولا يمكن أن تتغير ولا يعتريها تبديل ولا نسخ مثلها، مثل التوحيد وأصول الإيمان، وكذلك برّ الوالدين، وتحريم الفواحش والظلم، وقتل النفس بغير حق، والإحسان إلى اليتيم، والقسط بين الناس، وتحريم الكبر والفجر، والحثّ على الكرم والوفاء، وتحريم الغدر والخيانة .

مراجع الحلقة التاسعة والثلاثون:

(( في ظلال القرآن، سيد قطب، باختصار، (3/1902-1903).

(2) وقفات تربوية في ضوء القرآن الكريم، عبد العزيز ناصر الجليل، (3/47).

يمكنكم تحميل كتاب إبراهيم خليل الله دَاعِيةُ التَّوحِيدِ وَدينِ الإِسلَامِ وَالأُسوَةُ الحَسَنَةُ

من الموقع الرسمي للدكتور علي الصَّلابي

http://alsallabi.com/uploads/books/16228097650.pdf


مقالات ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة © 2022