(الإمام أبو حنيفة من أهل المال الصالح)
اقتباسات من كتاب "مع الأئمة" لمؤلفه الشيخ الدكتور سلمان بن فهد العودة (فرج الله عنه)
الحلقة: الحادية والثلاثون
ذو القعدة 1443ه/ يونيو 2022م
كان أبو حنيفة رحمه الله من أهل المال والأعمال الذين يأكلون من كَدِّهم وجهدهم؛ إذ كان يبيع الخَزَّ وينفق على مَن يعول، ويجود على المحتاجين ويبذل لهم.
قال عمر بن حَمَّاد بن أبي حنيفةَ: «كان أبو حنيفة خَزَّازًا، ودكانه معروف في دار عَمرو بن حُريث».
وقال أبو نُعيم الفضل بن دُكين يصفه: «كان أبو حنيفةَ رحمه الله كثير البِرِّ والمواساة لكل مَن أطاف به».
وقال الفُضيل بن عِياض: «كان أبو حنيفة واسع المال، معروفًا بالإفضال على كل مَن يُطِيف به».
وقد كان يبعث بالبضائع إلى بغداد، فيشتري بها الأمتعة، ويحملها إلى الكوفة، ويجمع الأرباح عنده من سنة إلى سنة، فيشتري بها حوائج الأشياخ المحدِّثين وأقواتهم وكسواتهم وجميع حوائجهم، ثم يدفع باقي الأرباح من الدنانير إليهم، ويقول: «أنفقوا في حوائجكم، ولا تحمدوا إِلَّا الله؛ فإني ما أعطيتكم من مالي شيئًا، لكن من فضل الله عليَّ فيكم، وهذه أرباح بضائعكم».
وهكذا يبدو الصَّفْق في الأسواق الذي ذكره عُمر رضي الله عنه عن نفسه حين قال: «خفي عليَّ هذا من أمر رسول الله؛ ألهاني عنه الصَّفْق بالأسواق». طريقًا سالكًا لشباب السلف وطلبتهم، وفي سيرة أبي حنيفة وابن المبارك وسواهم ما يذكِّر بقول محمد بن شهاب الزُّهْري رحمه الله يُخاطب أخاه عبد الله حين رآه تجهَّز للسفر في طلب الرزق:
أقولُ لعبدِ الله لمَّا لقيتُه *** وَقدْ شدَّ أحلاسَ المَطِيِّ مُشرِّقا
تتبَّعْ خَبَايا الأرضِ وَادعُ مَليكَها *** لعلَّكَ يومًا أنْ تُجابَ فَتُرزقا
سيؤتِيكَ مَالًا واسعًا ذا مثابةٍ *** إذا مَا مِياهُ الأرضِ غَارتْ تدفقا
هذه الحلقة مقتبسة من كتاب مع الأئمة للشيخ سلمان العودة، صص 69-67
يمكنكم تحميل كتاب مع الأئمة من الموقع الرسمي للدكتور علي محمد الصلابي عبر الرابط التالي: