(إضاءات حول صفات الإمام مالك بن أنس الخِلقية )
اقتباسات من كتاب "مع الأئمة" لمؤلفه الشيخ الدكتور سلمان بن فهد العودة (فرج الله عنه)
الحلقة:الثالثة و الأربعون
ذو الحجة 1443ه/يوليو 2022م
كان مالكٌ رحمه الله طويلًا جسيمًا، عظيم الهامة، أصلع، أبيض شديد البياض إلى الشقرة، حسن الصورة، واسع العينين، وإذا أراد أن يَخْرج إلى الناس خرج مُزَيَّنًا مطيَّبًا، وكان يتطيَّب بالمسك وأجود الطيب، ويعتني بلباسه أشد عناية، فلا تراه العيون إلا بكامل زينته.
قال بشر بن الحارث: «دخلتُ على مالك، فرأيتُ عليه طَيْلَسانًا يساوي خمسمئة، وقد وقع جناحاه على عينيه، أشبه شيء بالملوك».
وكان إذا لبس العمامة جعل منها تحت ذقنه، ويسدل طرفيها بين كتفيه.
ولما سُئل عن لبس الصوف قال: «لا خير في لبسه إِلَّا في سفر؛ لأنه شهرة». يعني أن لابسه يتظاهر بالزهد والتواضع.
وكان إذا أراد أن يخرج لدرس الحديث توضَّأ وضوءه للصلاة، ولبس أحسن ثيابه، ولبس قَلَنْسُوة، ومَشَّط لحيته، وربما عاتبه أحد في ذلك، فقال: «أوقِّرُ به حديثَ رسول الله صلى الله عليه وسلم».
وكان يلبس الثياب العَدَنية الجِياد، ويكره حلق الشارب ويعيبه، ويراه من المُثْلة.
هذا المظهر الحسن ليس منافيًا للتديُّن الصحيح، ولا للعلم والإمامة، ولا للعقل والرَّزانة، بل كان هو الخَلِيق برجل كمالك في مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد فُتِحت على الناس الدنيا، فكانوا محتاجين إلى مَن يبيِّن لهم جواز الزينة على هذا النحو، فضلًا عن أن هذا كان مناسبًا لطبعه وجِبِلَّته؛ فإنه من أحفاد الملوك، وكان ذا هيبة، تأتي الملوك إلى بِساطه، وتجلس بين يديه، كما فعل الرَّشِيد، ويرى الناسُ فيه جلال العالم، بغير أُبَّهة ولا كبرياء.
فضلًا عن أن بصمة الأم المربِّية ظاهرة هنا، حيث عوَّدت فتاها منذ صباه على توقير العلم والعلماء، والتهيؤ لمجالسهم باللِّباس والزينة.
هذه الحلقة مقتبسة من كتاب مع الأئمة للشيخ سلمان العودة، صص 85-87
يمكنكم تحميل كتاب مع الأئمة من الموقع الرسمي للدكتور علي محمد الصلابي عبر الرابط التالي: