الرحمة والشفقة على المواطنين
كان عمر رضي الله عنه يتوخى في الموظفين والوزراء الكبار وولاته الرحمة والشفقة على المواطنين
وكم من مرة امر قادته في الجهاد ان لا يغرروا بالمسلمين ولا ينزلوهم منزل هلكة
وكتب عمر لرجل من بني اسلم يستعمله على وظيفة في الدولة، فدخل الرجل على عمر وبعض اولاد عمر في حجر ابيه يقبلهم، فقال الرجل : ( تفعل هذا يا امير المؤمنين!، فوالله ماقبلت لي ولدا قط )؛ فقال عمر : ( فأنت والله بالناس اقل رحمة، لا تعمل لي عملا )، ورده عمر فلم يستعمله
وغزت بعض جيوشه بلاد فارس حتى انتهت الى نهر ليس عليه جسر، فأمر امير الجيش احد جنوده ان ينزل في يوم شديد البرد لينظر للجيش مخاضة يعبر منها، فقال الرجل : ( اني اخاف ان دخلت الماء ان اموت )؛ فاكرهه القائد على ذلك، فدخل الرجل الماء وهو يصرخ : ( يا عمراه .. يا عمراه )؛ ولم يلبث ان هلك، فبلغ ذلك عمر وهو في سوق المدينة؛ فقال : ( يا لبيكاه .. يا لبيكاه )، وبعث الى امير ذلك الجيش فنزعه وقال : ( لولا ان تكون سنة لاقتصصت منك، لاتعمل لي على عمل ابدا )
وخطب عمر ولاته فقال : ( اعلموا انه لا حلم احب الى الله تعالى ولا أعم نفعاً من حلم إمام ورفقه، وانه ليس جهل ابغض الى الله ولا اعم من جهل امام وخرقه، واعلموا انه من ياخذ بالعافية في من بين ظهرينيه يرزق العافية من من هو دونه )
ان الرحمة والشفقة على المواطنين يفترض ان تكون من اهم صفات المسؤولين الكبار والوزراء
فالذي لا يتاثر بمآسي واحزان ونكبات وامراض وجهل المواطنين ويعمل على ازالتها لا يستحق البقاء في منصبه في الفقه العمري
والذي يبني برزخاً وحاجزاً بينه وبين مواطنيه ولا يهتم بهم ولا ينزل اليهم ولا يستمع الى شكاويهم فليترك هذا الشعب وليبحث له عن مكان اخر
وكم رأينا من مسؤولين قبل ان يتولوا المناصب كيف يسعون للوصول اليها بزخرف القول والبرامج الكاذبة والعمل على حصول دعم شعبي ثم بعد الوصول الى ذلك المنصب عاشوا في عالم اخر من الاضواء والاعلام والتصريحات البراقة التي لاعلاقة لها بحياة الناس
المصدر: بوابة القليوبية