من كتاب السِّيرة النَّبويّة للدكتور علي محمّد محمّد الصّلابيّ
الحلقة الواحدة والأربعون
هجرة المسلمين الأولى إلى الحبشة (الأسباب – اختيار المكان - أسماء المهاجرين)
اشتدَّ البلاء على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجعل الكفَّار يحبسونهم، ويعذِّبونهم بالضَّرب، والجوع، والعطش، ورمضاء مكَّة، والنَّار؛ ليفتنوهم عن دينهم، فمنهم من يفتتن من شدَّة البلاء وقلبه مطمئنٌ بالإيمان، ومنهم من تصلَّب في دينه، وعصمه الله منهم، فلـمَّا رأى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ما يصيب أصحابـه من البلاء، وما هو فيه من العافية؛ لمكانه من الله، ومن عمِّه أبي طالب، وأنَّه لا يقدر على أن يمنعهم ممَّا هم فيه من البلاء؛ قال لهم: «لو خرجتم إلى أرض الحبشـة؛ فإنَّ بها مَلِكاً لا يُظْلَم عنده أحدٌ، وهي أرض صِدْقٍ، حتَّى يجعل الله لكم فرجاً ممَّا أنتم فيه»، فخرج عند ذلك المسلمون من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أرض الحبشة، مخافةَ الفتنة، وفراراً إلى الله بدينهم، فكانت أوَّل هجرةٍ كانت في الإسلام». [ابن هشام (1/344)] .
أولاً: أسباب الهجرة إلى الحبشة:
ذكر الباحثون أسباباً عديدةً في سبب هجرة المسلمين إلى الحبشة؛ منها: ما ذكرت، ومنها: ظهور الإيمان: حيث كثُر الدَّاخلون في الإسلام، وظهر الإيمان، وتحدَّث الناس به. قال الزُّهري في حديثه عن عروة في هجرة الحبشة: فلـمَّا كثر المسلمون، وظهر الإيمان، فتُحدِّث به؛ ثار المشركون من كفَّار قريش بمن امن من قبائلهم، يعذِّبونهم، ويسجنونهم، وأرادوا فتنتهم عن دينهم، فلـمَّا بلغ ذلك رسولَ الله صلى الله عليه وسلم ؛ قال لِلَّذين امنوا به: «تفرَّقوا في الأرض»، قالوا: فأين نذهب يا رسول الله؟! قال: «ها هنا»، وأشار إلى أرض الحبشة. ومنها:
- الفرار بالدِّين:
كان الفرار بالدِّين خشية الافتتان فيه سبباً مهماً من أسباب هجرتهم للحبشة. قال ابن إسحاق: «فخرج عند ذلك المسلمون من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إلى أرض الحبشة؛ مخافة الفتنة، وفراراً إلى الله بدينهم».
- نشر الدَّعوة خارج مكَّة:
قال الأستاذ سيِّد قطب: «وَمِنْ ثَمَّ كان الرَّسول صلى الله عليه وسلم يبحث عن قاعدةٍ أخرى غير مكَّة، قاعدةٍ تحمي هذه العقيدة، وتكفل لها الحرِّيَّة، ويتاح فيها أن تتخلَّص من هذا التجميد؛ الذي انتهت إليه في مكَّة، حيث تظفر بحرية الدَّعوة، وحماية المعتنقين لها من الاضطهاد، والفتنة، وهذا في تقديري، كان هو السَّبب الأوَّل، والأهمَّ للهجرة، ولقد سبق الاتجاه إلى الحبشة؛ حيث هاجر إليها كثيرٌ من المؤمنين الأوائل، والقول بأنَّهم هاجروا إليها لمجرَّد النَّجاة بأنفسهم لا يستند إلى قرائن قويَّةٍ، فلو كان الأمر كذلك؛ لهاجر إذاً أقلُّ الناس وجاهةً، وقوَّةً، ومنعةً من المسلمين، غير أنَّ الأمر كان على الضدِّ من هذا، فالموالي المستضعفون الَّذين كان ينصبُّ عليهم معظم الاضطهاد، والتَّعذيب، والفتنة لم يهاجروا؛ إنَّما هاجر رجالٌ ذوو عصبياتٍ، لهم من عصبيتهم - في بيئة قبليَّةٍ - ما يعصمهم من الأذى، ويحميهم من الفتنة، وكان عدد القرشيين يؤلِّف غالبية المهاجرين».
ووافق الغضبان سيِّداً فيما ذهب إليه، يقول: «وهذه اللَّفتة العظيمة من (سيِّد) -رحمه الله-لها في السِّيرة ما يعضُدها، ويساندها، وأهمُّ ما يؤكِّدها في رأيي هو الوضع العامُّ الَّذي انتهى إليـه أمر مهاجرة الحبشـة، فلم نعلم أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قد بعث في طلب مهاجرة الحبشة، حتَّى مَضَتْ هجرةُ يثرب، وبدرٌ، وأحد، والخندق، والحديبيـة، فلقد بقيت يثرب معرَّضـةً لاجتيـاحٍ كاسحٍ من قريـش خمس سنوات، وكان آخر هذا الهجوم والاجتياح في الخندق، وحين اطمأنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أنَّ المدينة قد أصبحت قاعدةً أمينةً للمسلمين، وانتهى خطر اجتياحها من المشركين، عندئذٍ بعث في طلب المهاجرين من الحبشة، فلم يعد ثمَّة ضرورةٌ لهذه القاعدة الاحتياطيَّة، الَّتي كان من الممكن أن يلجأ إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولو سقطت يثرب في يد العدوِّ».
ويميل الأستاذ دروزة إلى أنَّ فتح مجالٍ للدَّعوة في الحبشة، كان سبباً من أسباب هجرة الحبشة؛ حيث يقول: «بل إنَّه ليخطر بالبال أن يكون من أسباب اختيار الحبشة النَّصرانيَّة أمل وجود مجالٍ للدَّعوة فيها، وأن يكون هدف انتداب جعفر متَّصلاً بهذا الأمل». وذهب إلى هذا القول الدُّكتور سليمان بن حمد العودة: «وممَّا يدعم الرَّأي القائل بكون الدَّعوة للدِّين الجديد في أرض الحبشة سبباً، وهدفاً من أسباب الهجرة إسلامُ النَّجاشيِّ، وإسلام آخرين من أهل الحبشة، وأمرٌ آخر، فإذا كان ذهاب المهاجرين للحبشة بمشورة النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم ، وتوجيهه، فبقاؤهم في الحبشة إلى فتح خيبر بأمرِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وتوجيهه، وفي صحيح البخاريِّ: فقال جعفر للأشعريِّين حين وافقوه بالحبشة: «إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثنا هنا، وأمرنا بالإقامة؛ فأقيموا معنا» [البخاري (4230)]. وهذا يعني: أنَّهم ذهبوا لمهمَّة معيَّنةٍ - ولا أشرف من الدَّعوة لدين الله - وأنَّ هذه المهمَّة قد انتهت حين طُلِب المهاجرون.
- البحث عن مكانٍ آمنٍ للمسلمين:
كانت الخطَّـة الأمنيَّـة للرَّسول صلى الله عليه وسلم تستهدف الحفاظ على الصَّفوة المؤمنـة؛ ولذلـك رأى الرَّسول صلى الله عليه وسلم : أنَّ الحبشـة تعتبر مكاناً امنـاً للمسلمين، ريثما يشتـدُّ عود الإسلام، وتهدأ العاصفـة، وقد وجد المهاجرون في أرض الحبشـة ما أمَّنهم، وطمأنهم، وفي ذلك تقول أمُّ سلمة رضي الله عنها: «لـمَّا نزلنا أرض الحبشة؛ جَاوَرْنـا بها خيرَ جارٍ النَّجاشيَّ، أَمِنَّـا على ديننا، وعبدنا الله تعالى، لا نُؤْذَى».
ثانياً: لماذا اختار النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم الحبشة؟
هناك عدَّة أسبابٍ تساعد الباحث في الإجابة عن هذا السُّؤال؛ منها:
- أ- النَّجاشيُّ العادل:
أشار النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم إلى عدل النَّجاشيِّ بقوله لأصحابه: «لو خرجتم إلى أرض الحبشة؛ فإنَّ بها مَلِكاً لا يُظلم عنده أحدٌ».
- ب- النَّجاشيُّ الصَّالح:
فقد ورد عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم ثناؤه على ملك الحبشة، بقوله: «قد تُوفي اليوم رجلٌ صالحٌ من الحبشة، فهَلُمَّ فَصَلُّوا عليه» [البخاري (1320) ومسلم (952/66)] ويظهر هذا الصَّلاح في حمايته للمسلمين، وتأثُّره بالقرآن الكريم عندما سمعه من جعفر رضي الله عنه، وكان معتقده في عيسى - عليه السَّلام - صحيحاً.
- ج- الحبشة متجر قريش:
إنَّ التِّجارة كانت عمادَ الاقتصاد القرشيِّ، والحبشة تُعَدُّ من مراكز التِّجارة في الجزيرة، فربَّما عرفها بعض المسلمين عندما ذهبوا إليها في التِّجارة، أو ذكرها لهم مَنْ ذهب إليها قبلهم، وقد ذكر الطَّبريُّ في معرض ذكره لأسباب الهجرة للحبشة: «وكانت أرض الحبشة متجراً لقريش، يتَّجرون فيها، يجدون فيها رَفَاغاً من الرِّزق، وأمناً، ومتجراً حسناً».
كما ذكر ابن عبد البرِّ: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم حين دخل الشِّعْب، أمر مَنْ كان بمكَّة من المؤمنين أن يخرجوا إلى أرض الحبشة، وكانت متجراً لقريش.
وذكر ابن حبَّان - ضمن أسباب اختيار الحبشة مكاناً للهجرة -: أنَّها كانت أرضاً دفيئة، ترحل إليها قريش رحلة الشِّتاء.
- د- الحبشة البلد الآمن:
كانت قبائل العرب في تلك الفترة تدين بالولاء والطَّاعة لقريش، وتسمع وتطيع لأمرها في الغالب؛ إذ لها نفوذٌ عليها، وكانت القبائل في حاجـةٍ لقريش في حَجِّها، وتجارتها، ومواسمها، وفوق ذلك كانوا يشاركون قريشاً في حرب الدَّعوة، وعدم الاستجابة للنبيِّ (ﷺ) ، وقد أشار ابن إسحاق إلى نماذج من هؤلاء العرب الَّذين رفضوا عرضه، ودعوته، فإذا كان هذا في داخل الجزيرة، فلم يكن في حينها في خارج الجزيرة بلدٌ أكثر أمناً من بلاد الحبشة، ومن المعلوم بُعْدُ الحبشة عن سطوة قريش من جانبٍ، كما أنَّها لا تدين لقريشٍ بالاتِّباع كغيرها من القبائل. وفي حديث ابن إسحاق عن أسباب اختيارالحبشة مكاناً للهجرة: أنَّها: أرض صِدْقٍ، وأن بها مَلِكاً لا يُظْلم عنده أحدٌ، فهي أرض صدقٍ، وملكها عادلٌ، وتلك من أهمِّ سمات البلد الآمن.
- ه- محبة الرَّسول صلى الله عليه وسلم للحبشة، ومعرفته بها:
ففي حديث الزُّهريِّ: أنَّ الحبشة كانت أحبَّ الأرض إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يهاجر إليها، ولعلَّ تلك المحبة لها أسبابٌ منها:
- حكم النَّجاشيِّ العادل.
- التزام الأحباش بالنَّصرانيَّة ، وهي أقرب إلى الإسلام من الوثنيَّة ؛ ولذلك فرح المؤمنون بانتصار الروم النَّصارى على فارسٍ المجوس المشركين، في الفترة المكِّية سنة ثمانٍ من البعثة، كما في القرآن.
- معرفة الرَّسول صلى الله عليه وسلم بأخبار الحبشة، من خلال حاضنته أمِّ أيمن رضي الله عنها، وأمُّ أيمن هذه ثبت في صحيح مسلمٍ، وغيره: أنَّها كانت حبشيَّةً [البخاري (2630) ومسلم (1771)]، ونُقل ذلك عن ابن شهابٍ، وفي سنن ابن ماجه: أنَّها كانت تصنع للنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم طعاماً، فقال: ما هذا؟ فقالت: طعام نصنعه بأرضنا، فأحببت أن أصنع لك منه رغيفاً. [ابن ماجه (3336)] .
ولم تستطع أن تغيِّر لكنتها الحبشية، ورخَّص لها النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم فيما لا تستطيع نطقه، فلا يُستبعد حديثها للنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم عن طبيعة أرضها، ومجتمعها، وحكَّامها، كما أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم كان خبيراً بطبائع وأحوال الدُّول الَّتي كانت في زمانه.
- وقت خروج المهاجرين، وسرِّيَّـة الخروج، والوصول إلى الحبشة:
غادر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مكَّة في رجب من السَّنة الخامسة للبعثة، وكانوا عشرة رجالٍ، وأربع نسوةٍ، وقيل: خمس نسوةٍ، وحاولت قريش أن تدركهم لتردَّهم إلى مكَّة، وخرجوا في إثرهم حتَّى وصلوا البحر، ولكنَّ المسلمين كانوا قد أبحروا، متوجِّهين إلى الحبشة.
وعند التأمُّل في فقه المرويَّات يتبيَّن لنا سِرِّيَّة خروج المهاجرين الأوائل؛ ففي رواية الواقديِّ: «فخرجوا متسلِّلين سرَّاً»، وعند الطَّبريِّ، وممَّن يذكر السِّرِّيَّة في الهجرة: ابن سيِّد النَّاس، وابن القيِّم، والزُّرقانيُّ. ولـمَّا وصل المسلمون إلى أرض الحبشة أكرم النَّجاشيُّ مثواهم، وأحسن لقاءهم، ووجدوا عنده من الطُّمأنينة، والأمن ما لم يجدوه في وطنهم، وأهليهم، فعن أمِّ سلمة زوج النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قالت: «لـمَّا نزلنا أرض الحبشة، جَاوَرْنا بها خيرَ جارٍ - النَّجاشيَّ - أَمِنَّا على ديننا، وعبدنا الله لا نُؤْذَى، ولا نسمع شيئاً نكرهه».
ثالثاً: أسماء أصحاب الهجرة الأولى إلى الحبشة:
- الرجال:
- عثمان بن عفَّان بن أبي العاص بن أميَّة بن عبد شمس.
- عبد الله بن عوف بن عوف بن عبد بن الحارث بن زُهرة.
- الزُّبير بن العوَّام بن خُوَيلد بن أسد.
- أبو حذيفة بن عُتبة بن ربيعة بن عبد شمس.
- مصعب بن عمير بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار.
- أبو سلمة بن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم.
- عثمان بن مظعون بن حبيب بن وهب بن حُذافة بن جُمح.
- عامر بن ربيعة، حليف آل الخطَّاب من عَنْز بن وائل.
- سُهَيل بن بيضاء، وهو: سهيل بن وهب بن ربيعة بن هلال بن أُهَيب بن ضَبَّة بن الحارث.
- أبو سَبْرة بن أبي رُهْم بن عبد العُزَّى بن أبي قيس عبد وُدَّ بن نصر بن مالك بن حِسْل بن عامر.
فكان هؤلاء العشرة أوَّل من خرج من المسلمين إلى أرض الحبشة.
- النساء:
- رقيَّة بنت النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم .
- سهلة بنت سهيل بن عمرو، أحد بني عامر بن لؤي، والَّتي هاجرت مع زوجها أبي حذيفة، وولدت له بأرض الحبشة محمَّد بن أبي حذيفة.
- أمُّ سلمة بنت أبي أمية بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، امرأة أبي سلمة.
- ليلى بنت أبي حَثمة بن حذافة بن غانم (بن عامر) بن عبد الله بن عوف بن عبيد ابن عويج بن عديِّ بن كعب، امرأة عامر بن ربيعة.
- أمُّ كلثوم بنت سهيل بن عمرو بن عبد شمس، امرأة أبي سَبْرة بن أبي رُهْم.
وكان أول من هاجر منهم، عثمان بن عفان، وامرأته رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد روى يعقوب بن سفيان: «إنَّ عثمان لأوَّلُ مَنْ هاجر بأهله بعد لوطٍ».
إنَّ المتأمِّل في الأسماء سالفة الذِّكر لا يجد فيهم أحداً من الموالي، الَّذين نالهم من أذى قريش وتعذيبها أشدُّ من غيرهم، كبلال، وخبَّاب، وعمَّار رضي الله عنهم، بل نجد غالبيتهم من ذوي النَّسب، والمكانة في قريشٍ، ويمثِّلون عدداً من القبائل، صحيحٌ: أنَّ الأذى شمل ذوي النَّسب والمكانة، كما طال غيرهم، ولكنَّه كان على الموالي أشدَّ في بيئةٍ تقيم وزناً للقبيلة، وترعى النَّسب، وبالتَّالي فلو كان الفرار من الأذى وحده هو السَّبب في الهجرة؛ لكان هؤلاء الموالي المعذَّبون أحقَّ بالهجرة من غيرهم، ويؤيِّد هذا: أنَّ ابن إسحاق وغيره ذكر عدوان المشركين على المستضعفين، ولم يذكر هجرتهم للحبشة.
ويصل الباحث إلى حقيقةٍ مهمَّةٍ، ألا وهي: أن ثَمَّةَ أسباباً أخرى تدفع للهجرة غير الأذى، اختار لها النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم نوعيةً من أصحابه، تُمثِّل عدداً من القبائل، وقد يكون لذلك أثرٌ في حمايتهم لو وصلت قريش إلى إقناع أهل الحبشة بإرجاعهم من جانبٍ، وتهزُّ هجرتهم قبائل قريش كلَّها، أو معظمها من جانبٍ آخر، فمكَّة ضاقت بأبنائها، ولم يجدوا بُدّاً من الخروج عنها بحثاً عن الأمن في بلدٍ آخر، ومن جانبٍ ثالثٍ يرحل هؤلاء المهاجرون بدين الله لينشروه في الآفاق، وقد تكون محلاً أصوب، وأبرك للدَّعوة إلى الله، فتنفتح عقولٌ وقلوبٌ حين يستغلق سواها.