(التقسيم العشري في الجيش السلجوقي)
من كتاب دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامي لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي
الحلقة: 83
بقلم: د. علي محمد الصلابي
17 صفر 1443 ه/ 24 سبتمبر 2021
قسم السلاجقة قادتهم العسكريين بشكل هرمي ابتداء من كبار القادة أمراء المئة مروراً بأمراء الطبلخاناه، ثم العشرات، فالخمسات وهي أقل من هذه الدرجات، فهناك في المصادر ما يؤكد نسبة هذا التقسيم للسلاجقة، فقد قدّم الوزير السلجوقي نظام الملك للخليفة العباسي أمراء الجيش في عهد ملكشاه واحداً بعد الاخر، قائلاً للخليفة في تقديمه لهؤلاء الأمراء: هذا العبد الخادم فلان بن فلان ولايته كذا وعسكره كذا، وذلك الأمير يقبِّل الأرض وكانوا أكثر من أربعين أميراً ، وترتبط الإمرة في هذا التقسيم بشكل وثيق بعدد الجند تحت قيادة كلٍّ منهم ؛ فهناك:
1 ـ أمراء المئين مقدمو الألوف:
ويطلق على أحدهم أمير مئة تقترن عادة بلقب مقدم ألف، والمقصود بهذه التسمية المركَّبة مرتبة واحدة يكون في خدمة حاملها مئة مملوك، ويقع تحت قيادته في الحرب ألف أو ألوف من الجند، وربما زاد العدد عن ذلك، وهي أعلى مراتب الأمراء، من عهد السلاجقة إلى المماليك بمصر، ومنهم أصحاب المناصب العليا في الدولة .
2 ـ أمراء الطبلخاناه:
يرتبط اسم هذه الطبقة بأن لهم الحق في دق الطبول وغيرها في المواكب الرسمية تشريفاً لهم، كما يفعل السلطان وأمراء المئين، ولكن بصورة مصغرة، ويتزعم كلٌّ منهم أربعين فارساً يزيد بعضهم على ذلك إلى سبعين وثمانين فارساً، فيكون في خدمته ما يساوي هذا العدد، ويطلق عليهم ـ نتيجة لذلك ـ أمراء سبعين، أو ثمانين، ولا تكون هذه الرتبة لمن كانت إمرته على أقل من أربعين، وأمراء هذه الطبقة تحت قيادة أمراء المئين فكان جندهم ـ تبعاً لذلك ـ أقل منهم، وكان عدد أمراء الطبلخاناه أكثر من أمراء المئين، ومن أمراء الطبلخاناه يكون أكابر الولاة .
3 ـ أمراء العشرات:
ربما كان منهم من له أكثر عدداً من ذلك إلى أقل من الأربعين؛ ومع ذلك يُعد في أمراء العشرات، ومنهم صغار الولاة .
4 ـ أمراء الخمسات:
وكان عددهم قليلاً، وأكثرهم من أولاد الأمراء المتوفين، تعطى للواحد منهم هذه الرتبة رعاية لسلفه، فكانوا يعتبرون كأكابر الأجناد .
أما عن أصل هذا التقسيم العشري فيبدو أن الرأي القائل بأن السلاجقة نقلوه من أوطانهم الأولى هو الأقرب ، فقد كان معروفاً فيما يبدو لدى إحدى قبائل التركمان، حيث قام زعيمها باستدعاء أصحاب المئات، والعشرات استعداداً للحرب ، فاستفاد السلاجقة بعد ذلك من هذا النظام، فطبقوه في جيوشهم، وأصبح أحد أسس تقسيماتها، ثم شاع هذا التقسيم في الجيوش بعدهم، فيذكر المقريزي: أن جنكيز خان: رتب لعساكره أمراء، وجعلهم أمراء ألوف، وأمراء مئين، وأمراء عشروات ، وعمل به المماليك في مصر بعد ذلك .
يمكنكم تحميل كتاب دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامي لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي
من الموقع الرسمي للدكتور علي الصَّلابي