هل ولادة المسيح (عليه السلام) من غير أب يدلّ على ألوهيّته؟
ناقش رسول الله (ﷺ) نصارى نجران فيما يعتقدون بأن ولادة المسيح من غير أب هي دليل على ألوهيته، وقد رُويت روايات عديدة بشأن المناظرات حول هذه الشبهة، نذكر بعضًا منها فيما يلي:
روى ابن جرير الطبري عن الربيع في قوله تعالى: ﴿الم اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ﴾ [آل عمران: 1-2] ، قال: إن النصارى أَتوا رسول الله (ﷺ) فخاصموه في عيسى بن مريم وقالوا من أبوه؟ وقالوا على الله الكذب والبهتان لا إله إلا هو لم يتخذ صاحبة ولا ولدًا.
فقال لهم النّبيّ (ﷺ): ألستم تعلمون أنه لا يكون ولد إلا وهو يشبه أباه؟
قالوا: بلى. فقال: ألستم تعلمون أن الله حي لا يموت، وأن عيسى يأتي عليه الفناء؟
قالوا: بلى. وقال: ألستم تعلمون أن ربنا قيّمٌ على كل شيءٍ يكلأه ويحفظه ويرزقه؟
قالوا: بلى. ثم قال: فهل يملك عيسى من ذلك شيئًا؟
قالوا: لا. فقال: أفلستم تعلمون أن الله عز وجل لا يخفى عليه شيءٌ في الأرض ولا في السماء؟
قالوا: بلى. فقال: فهل يعلم عيسى من ذلك شيئًا إلا ما عُلِّم؟
قالوا: لا.
قال: فإن ربنا صوّرَ عيسى في الرحم كيف شاء فهل تعلمون ذلك؟
قالوا: بلى.
قال: ألستم تعلمون أن ربَّنا لا يأكل الطعام ولا يشرب الشراب ولا يُحدِث الحَدَث؟
قالوا: بلى.
قال: ألستم تعلمون أن عيسى حملته أمّه كما تحمل المرأة ثم وضعته كما تضع المرأة ولدها ثم غُذِّي كما يغذّى الصبي، ثم كان يطعم الطعام ويشرب الشراب، ويُحدث الحدث؟
قالوا: بلى.
قال: فكيف يكون هذا كما زعمتم؟
قال: فعرفوا، ثم أَبوا إلاّ جحودًا، فأنزل الله عز وجل: ﴿الم اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ﴾ [آل عمران: 1-2].
وواضح من الرواية السابقة أن محور هذه المناظرة كان هو الحديث عن بشريّة عيسى عليه السلام، وقد ساق لهم النبي (ﷺ) الدلائل والبراهين الواضحة على كون عيسى عبد الله ورسوله، وفنّد النّبيّ (ﷺ) لهم شبهة أنه إله أو ابن إله لكونه ولد من غير أب، ويبدو أن هذا الموضوع أخذ حيّزًا كبيرًا من المناقشات والمناظرات؛ لأنه أساس عقيدتهم النصرانيّة.
وقد نزلت الآيات القرآنية تردُّ على عقائد النصارى في صدر سورة آل عمران إلى بضع وثمانين آية اشتملت على الحجج الدامغة لبطلان شبه النصارى.
المصدر: المسيح عيسى بن مريم (الحقيقة الكاملة)، د. علي الصلابي
كتاب المسيح عيسى ابن مريم عليه السلام (الحقيقة الكاملة)