الثلاثاء

1446-11-08

|

2025-5-6

من الإعجاز العلمي في القرآن الكريم: رفع السموات بغير عمد
الحلقة السادسة

بقلم الدكتور: علي محمد الصلابي

ربيع الآخر 1441ه/ديسمبر 2019م

قال تعالى:" اللّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لأَجَلٍ مُّسَمًّى يُدَبِّرُ الأَمْرَ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لَعَلَّكُم بِلِقَاء رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ * وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا وَمِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ" (الرعد، آية : 2 ـ 3).
ـ وقال تعالى:" خَلَقَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَابَّةٍ وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ * هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ" (لقمان، آية 10 ـ 11).
الحقيقة الواردة في الآيتين في "الرعد" و"لقمان" حول السماء هو ذكر العمد، وذكر المفسرون تفسيرين للآيات :
أ ـ فمنهم من أثبت أن للسماوات أعمدة إلا أنها لا ترى : فمعنى الآية: الله الذي رفع السماوات ـ بغير عمد مرئية ـ وذلك بجعل جملة " ترونها صفة "العمد" والضمير يعود إلى عمد.
ب ـ ومنهم من ذهب إلى أنه ليس للسماوات عمد أصلاً، ويكون معنى الآية: الله الذي رفع السماوات كما ترونها، بغير عمد، وذلك بجعل جملة "ترونها" حالاً من السماوات ويعود الضمير إلى السماوات.
ويميل علماء الفلك المعاصرون إلى التفسير الأول فيقولون: إن الأجرام السماوية كلها قد بناها الخالق سبحانه وتعالى وجعل كل جرم فيه بمثابة لبنة من بناء شامخ، ورفع هذه الأجرام كلها بعضها فوق بعض بقوى هي نوع القوة الطاردة المركزية، كما ربطها في نفس الوقت برباط الجاذبية العالية والجاذبية تتعادل مع القوى الطاردة المركزية الناجمة عن الدورات في مسارات شبه دائرية أو قطاعات ناقصة، وهي بمثابة الأعمدة المقامة بالفعل، ورغم أننا لا نبصرها بأعيننا إلا أن ذلك لا يعني أن تلك الأعمدة غير موجودة بحال من الأحوال، فنحن نستطيع أن نتصورها في مجال كل جسم مادي وربما إذا منح شخص منا حاسة أخرى زيادة على ما لدينا من حواس يستطيع ذلك الشخص أن يرى تلك الأعمدة أو يحس بها تماماً كما ندرك بحواسنا العادية أي جسم مادي عادي.
يقول الدكتور زغلول النجار: تشير الدراسات الكونية إلى وجود قوى مستترة في اللبنات الأولية للمادة وفي كل من الذرات والجزيئات وفي كافة أجرام السماء، تحكم بناء الكون وتمسك بأطرافه إلى أن يشاء الله تعالى فيدمره، ويعيد خلق غيره من جديد، ومن القوى التي تعرف عليها العلماء في كل من الأرض والسماء أربع صور يعتقد بأنها أوجه متعددة لقوة عظمى واحدة تسري في مختلف جنبات الكون لتربطه برباط وثيق وإلا انفرط عقده وهذه القوى هي:
ـ القوة النووية الشديدة.
ـ القوة النووية الضعيفة.
ـ القوة الكهربائية / المغناطيسية أو الكهرومغناطيسية.
ـ قوة الجاذبية.
وهذه القوى الأربع هي الدعائم الخفية التي يقوم عليها بناء السماوات والأرض وقد أدركها العلماء من خلال آثارها الظاهرة والخفية في كل أشياء الكون المدركة ويعتقد علماء الفلك والفيزياء الفلكية والنظرية أن هذه القوى الأربع لابد وأن تلتقي في شكل واحد للقوة يمثل وحدة البناء في هذا الكون، ويشهد لله الخالق بالوحدانية المطلقة فوق جميع خلقه.

المصادر والمراجع:
* القرآن الكريم
* علي محمد محمد الصلابي: المعجزة الخالدة الإعجاز العلمي في القرآن الكريم براهين ساطعة وأدلة قاطعة، دار المعرفة، صفحة (35:33).
* زغلول النجار: من آيات الإعجاز العلمي السماء في القرآن الكريم، صفحة (350).
* جمال الدين الفندي: القرآن والعلم، صفحة (228).
* مصطفى مسلم: مباحث في إعجاز القرآن، صفحة (186).


مقالات ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة © 2022