الجمعة

1446-11-04

|

2025-5-2

إضاءة في كتاب

الإيمان بالقدر

بقلم: د.علي محمد الصَّلاَّبي

هذا الكتاب هو ضمن سلسلة أركان الإيمان، ويتحدث عن القدر، وقد سرت على هدي القرآن الكريم، والسنة النبوية الصحيحة في بيان هذا الركن من الإيمان، وابتعدت كل البعد عن مناهج الفرق الكلامية المذاهب الفلسفية، وحرصت على أن أبين ما كان عليه رسول الله وأصحابه من صفاء ووضوح في أصول الإيمان.

وهذا الكتاب يستهدف مخاطبة العقول، وأحياء القلوب وتحريك الفطر، وربط الناس بالخالق العظيم وبيان ما يجب معرفته على المكلف النبيل فضلاً عن الفاضل الجليل وما ورد في القضاء والقدر والحكمة والتعليل، فهو أسمى المقاصد، والإيمان به قطب رحى التوحيد ونظامه، ومبدأ الدين المبين وختامه، فهو أحد أركان الإيمان، وقاعدة أساس الإحسان التي يرجع إليها ويدور في جميع تصاريفه عليها فالعدل قوام الملك، والحكمة مظهر الحمد، والتوحيد متضمن لنهاية الحكمة وكمال النعمة، ولا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، فبالقدر والحكمة ظهر خلقه وشرعه المبين ﴿أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ  تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾ [الأعراف: 54].

وقفت على تجارب علماء كبار ممن خاضوا في بحر علم الكلام، وكادوا أن يهلكوا لولا رحمة الله بهم وقدموا لنا خلاصة تجاربهم المريرة لكي نستفيد منها الدروس والعبر، وحثوا الناس على التمسك بالكتاب والسنة وهدي الصحابة الكرام ومن هؤلاء: أبو الحسن الأشعري، وأبو حامد الغزالي وإمام الحرمين الجويني والرازي وغيرهم.

ففي هذا الكتاب، كان الحديث في المبحث الأول: عن القضاء والقدر في اللغة والشرع والفرق بين القضاء والقدر، وأدلة القرآن على وجوب الإيمان به، وحديث القصص القرآني عنه، كقصة نوح وإبراهيم، ويوسف، وموسى وزكريا ومريم، وصاحب الجنتين، والأدلة من السنة النبوية على وجوب الإيمان به والوصايا النبوية لتدريب النفس على الرضا بالقضاء والقدر ونهى الرسول صلى الله عليه سلم عن الخوض فيه، حديث الصحابة عنه، ومعنى تقسيم القدر إلى خير وشر.

 وفي الفصل الثاني: كان التفصيل عن مراتب القدر، كالعلم، والكتابة، والإرادة والمشيئة، والخلق.

 وتضمن الفصل الثالث: التقادير الخمس كالتقدير الأزلي، وتقدير يوم الميثاق، والعمري والحولي، واليومي، وتضمن أيضاً: أنواع الإرادة، الكونية والشرعية والفرق بينهما.

في الفصل الرابع: كان الحديث عن لا حول ولا قوة إلا بالله، وعن فضلها ومعناها وما تضمنته من معان عقدية عظيمة، كالإقرار بالتوحيد، والتوكل على الله وتفويض الأمور إليه، كما كان الحديث في هذا المبحث عن الاحتجاج بالقدر على المعاصي.

وفي الفصل الخامس، تكلمت عن الهداية والإضلال ومراتب الهداية، كالهداية العامة، وهداية الإرشاد والدعوة والبيان، وهداية التوفيق والإلهام والهداية إلى طريق الجنة كما أشرت لأسباب الهداية التي ذكرت في القرآن كالمحافظة على الفطرة الإنسانية نقية صافية، واستعمال السمع والبصر والعقل، والعلم، والإيمان، والاهتداء، والدعاء، والاعتصام بالله، والاتباع والطاعة، والخشية والإنابة، والبراءة من الكافرين، والجهاد.

 كما أشرت إلى الضلال ومراتبه، وحرية العبد في اختياره للهدى والضلال، كما لخصت أهم أسباب الضلال، كعدم استخدام الإنسان مواهبه في التفكر في آيات الله، والذنوب والمعاصي، واتباع الشيطان، والجهل واتباع الظن، والجدال في الله وآياته بغير علم، والغفلة ، والتعصب بالباطل، والتقليد المذموم، والشك والريب، والجحود، والتأبي والعناد والتعنت، والكبر، وحب الدنيا والاغترار بها واتخاذها لهواً، واتباع الهوى، والإستهزاء بآيات الله ورسله والمؤمنين، والكفر، والغلو في الأنبياء والصالحين، وصحبة السوء والبيئة الفاسدة، والتشبه بالضالين، والابتداع في الدين.

وفي الفصل السادس: تكلمت عن سنة الله في الأخذ بالأسباب وأشرت إلى الأخذ بالأسباب في القرآن الكريم، كالأسباب التي اتخذها ذو القرنين للتمكين لدين الله عز وجل، كالدستور العادل والمنهج التربوي للشعوب، والاهتمام بالعلوم المادية والمعنوية وتوظيفها في الخير وفقهه في احياء الشعوب وأخلاقه القيادية، وكالأسباب التي اتخذها سليمان، كفقه في إدارة الدولة من دوام المباشرة لأحوال الرعية، وعمل قوانين تضبط الأمور، والاهتمام بالأجهزة الأمنية، وبنصر دعوة التوحيد والترفع عن حطام الدنيا والمقدرة على اتخاذ القرار الصحيح، والاستفادة من المهارات والمواهب.

 كما كان الحديث عن الأسباب والتوكل وبيان أن القول بالتنافي بين التوكل والأخذ بالأسباب جهل بالدين، وأهمية التوازن بين مقامي التوكل والأخذ بالأسباب وعن العلاقة بين الأسباب والمسببات، وتأثير السبب في المسبب، وشرح حديث رسول الله صلى عليه وسلم: لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر، وعلاقة الجزاء الأخروى بالأسباب، والحث على طلب الأسباب في الأمور المكفولة، ومراعاة صورة الأسباب في الخوارق، وتهيئة الأسباب لوقوع مراد الله عز وجل، وكون الأسباب تعمل مع تحقق الشروط وانتقاء الموانع، وبيان أن إنكار قانون السببية يؤدي إلى إبطال حقائق العلوم، وشرح مقولة منازعة الأقدار بالأقدار، والعلاقة بين الدعاء والقدر.

وفي الفصل السابع: كان الحديث عن العدل الإلهي وسنة الله في الجزاء بجنس العمل، وأن الأصل في العقاب المماثلة، وصور من الجزاء بجنس العمل في الدنيا، كالاستهزاء بالمنافقين والسخرية منهم في الحياة الدنيا، وتسليط الظالم على مثله، واستئصال الله لمن أراد أيذاء رسله وأوليائه، ونصر الله منوط بنصرته للدين والحق، وسلب النعمة عمن منعها مستحقيها، وتيسير الله لمن يسَّر على عباده.

 وكان الحديث عن الجزاء بجنس العمل في الآخرة، كمعاملة أهل الفضل بالفضل، وترك الإنسان وإهماله في العذاب، كما أهمل الحق ولم يتبعه، والتهكم بالكفار والمنافقين كما كانوا يتهكمون بالمؤمنين في الدنيا، كما كان الحديث عن الجزاء بجنس العمل بين العباد.

وفي المبحث الثامن: تحدثت عن الحكمة والتحسين والتقبيح وتكليف ما لا يطاق، فكان الحديث عن الحكمة في أفعال الله وشرعه، وفعل الأصلح، ومعنى الاستطاعة وتكليف بما لا يطاق.

وفي المبحث التاسع: تكلمت عن سنة الله في الآجال، وقدرة الله وثمار الإيمان بالقدر والتي كان من أهمها؛ الإقدام على عظائم الأمور، والقضاء على الكسل والتواكل والثبات في مواجهة الطغيان، والصبر عند نزول المصائب والعز في طلب الحوائج والسكينة وراحة النفس وسكون القلب، والخوف والحذر من الله، والخلاص من الشرك والقضاء على الأمراض التي تعصف بالمجتمعات، والاستعانة بالله، والاعتماد على الله وحده، والاعتراف بفضله، والاستغناء بالخالق عن الخلق، والاعتراف بالذنب والمسارعة للمغفرة والتوبة.

هذا وقد انتهيت من هذا الكتاب 1/3/2010م الموافق 15/ربيع الأول/1431هـ، والفضل لله من قبل ومن بعد، وأسأله سبحانه بأسمائه الحسنى، وصفاته العلا أن يجعل عملي لوجهه خالصاً ولعباده نافعاً، ويشرح صدور العباد للانتفاع به ويبارك فيه بمنّه وكرمه وجوده، وأن يثيب إخواني الذين أعانوني من أجل إتمام هذا الجهد المتواضع ونرجو من كل مسلم يصله هذا الكتاب أن لا ينسى العبد الفقير إلى عفو ربه ومغفرته ورحمته ورضوانه بالدعاء في ظهر الغيب.

كتاب: الإيمان بالقدر، متوفر على الموقع الرسمي للدكتور علي محمد الصلابي على الرابط التالي: http://www.alsalabi.com/salabibooksOnePage/648


مقالات ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة © 2022