الروح في القرآن الكريم
الحلقة: الأولى
بقلم الدكتور علي محمد الصلابي
شوال 1441 ه/ يونيو 2020
تأتي كلمةُ الروح في القرآن على عِدّة أوجه:
المعنى الأول: القرآن؛ كقوله تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلاَ الإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقَيمٍ *﴾ [الشورى: 52] .
المعنى الثاني: الوحي؛ كقوله تعالى: ﴿رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ﴾ [غافر: 15] .
المعنى الثالث: جبريل: كقوله تعالى: ﴿فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا *﴾ [مريم: 17] ﴿نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ *﴾ [الشعراء: 193] .
المعنى الرابع: القوة والثبات والنصرة؛ التي يؤيد الله بها من شاء من عباده المؤمنين، كما قال تعالى: ﴿لاَ تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخر يُوَآدُّونَ مَنْ حَآدَّ اللَّهُ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ﴾ [المجادلة: 22] .
المعنى الخامس: المسيح ابن مريم، قال تعالى: ﴿يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلاَّ الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ﴾ [النساء: 171] .
المعنى السادس: تطلق الروح؛ ويراد بها ما به حياة الإنسان، كقوله تعالى: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً*﴾ [الإسراء: 85] فهي الجزءُ الذي به تحصلُ الحياةُ، والتحرُّك، واستجلابُ المنافع، واستدفاعُ المضار، وهـذا هو المعنى المقصود في كتابنا هـذا .
فالروحُ جسمٌ مخالِفٌ بالماهية لهـذا الجسم المحسوس، وهو: جسم نوراني علوي خفيف حي متحرك، ينفذ في جوهر الأعضاء، ويسري فيها سريان الماء في الورد، وسريان الدهن في الزيتون، والنار في الفحم .
فما دامت هـذه الأعضاءُ صالحةً لقبول الاثار الفائضة عليها من هـذا الجسم اللطيف، بقي هـذا الجسمُ اللطيف متشابكاً بهـذه الأعضاء، وأفادها هـذه الاثار من الحس والحركة والإرادة .
وإذا فسدت هـذه الأعضاءُ بسبب استيلاء الأخلاط عليها، وخرجت عن قبول تلك الاثار، فارقَ الروحُ البدن، وانفصل إلى عالم الأرواح .
يمكنكم تحميل -سلسلة أركان الإيمان- كتاب :
الإيمان باليوم الآخر
من الموقع الرسمي للدكتور علي محمَّد محمَّد الصَّلابي
http://alsallabi.com/s2/_lib/file/doc/Book173.pdf