السبت

1446-11-05

|

2025-5-3

أنواع الإرادة

الحلقة: الحادية عشر

بقلم الدكتور علي محمد الصلابي

شعبان 1441 ه/ أبريل 2020م

تنقسم الإرادة في كتاب الله إلى إرادة كونية قدرية، وإرادة دينية شرعية.
1 ـ الإرادة الكونية:
هي المشيئة العامة التي يدخل فيها جميع المخلوقات من بر وفاجر وصالح وطالح، وهي إرادة الله تعالى لفعله، سواء إن كان المفعول منه محبوباً أو غير محبوب، يرضيه أم لا يرضيه، فالله تعالى يفعل ما يشاء، ولا يشاء شيئاً إلا بعد إرادته له، وكل ما كان منه فليس فيه إلا الجمال والجلال والحسن .
أما أفعال العباد فهي منقسمة، ففيها الحسن وفيها القبيح، وليس للعباد أن يفعلوا ما يشاؤون، وإنما يفعلون ما يؤمرون به إمتثالاً وإنتهاءً، وهذا هو الحسن منهم.
وتلك الإرادة متعلقة بالخلق، وهي من لوازم الربوبية، فما شاء كان وما لم يشأ لم يكن ويدخل في هذه المشيئة خلق الأقوياء والضعفاء والفقراء والمؤمنين الكفار، والملائكة والشياطين، وخلق الخيرات والفضائل، وخلق السيئات والحسنات، وخلق التوفيق والخذلان، وخلق القوة والعجز، والبلادة والذكاء .
وهذه بعض الآيات تدل على الإرادة الكونية:
قال تعالى: "وَلَوْ شَاء رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ" (الأنعام : 112) ، قال تعالى: "وَلَوْ شَاء اللّهُ مَا اقْتَتَلُواْ وَلَـكِنَّ اللّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ"(البقرة : 353) ، وقال: "وَلَوْشَاء رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِيا لأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا"(يونس : 39) ، وقال تعالى: "وَلَوْشَاء اللّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقَاتَلُوكُمْ"(النساء : 90) ، وقال تعالى: "فَمَن يُرِدِ اللّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء"(الأنعام : 125) .، وقال تعالى: "وَلاَ يَنفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدتُّ أَنْ أَنصَحَ لَكُمْ إِن كَانَ اللّهُ يُرِيدُ أَن يُغْوِيَكُمْ" (هود : 44) ، وقال تعالى: "وَلَوْ شَاء اللّهُ مَا اقْتَتَلُواْ وَلَـكِنَّ اللّهَ يَفْعَلُ مَايُرِيدُ" (البقرة: 253) ،وقال تعالى: "وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَاشَاء اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ" (الكهف : 39) ، وقال تعالى: "وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا" (السجدة : 13) ، وقال تعالى: "وَمَاتَشَاؤُونَ إِلَّا أَن يَشَاء اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا"(الإنسان : 30) ،وقال تعالى: " مَن يَشَإِ اللّهُ يُضْلِلْهُ وَمَن يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ" (الأنعام : 39) ،وقال تعالى: " إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ" (يس : 82) .
وهذه الإرادة وتلك المشيئة هي التي تستلزم وقوع المراد، والمراد إما أن يكون مراد لذاته محبوباً لله تعالى، وذلك لما فيه من الخير، كخلق الأنبياء والصالحين وكذلك كافة الفضائل والخيرات، أو مراداً لغيره وهذا يطلق على الكفر وجميع الشرور والآثام، فإنها ليست مرادة لذاتها وإنما هي مرادة لشيء آخر محبوب إلى الله تعالى.
قال تعالى "ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ"(الروم : 41) .وهذا دليل على إثبات الحكمة في جميع أفعال الله تعالى وأحكامه .
والحق أن جميع أفعاله وشرعه لها حكم وغايات، لأجلها شرع وفعل، وإن لم يعملها الخلق على التفعيل، فلا يلزم من عدم علمهم بها إنتفاؤها في نفسها
وحاصل الإرادة الكونية إثبات مشيئة الله تعالى المطلقة في إيجاد المخلوقات كلها واختلاف أنواعها وأشكالها، وتفاوت فضائلها وشرورها وجمالها ودمامتها وكيسها وعجزها، وكفرها وإيمانها، فما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، فالله على كل شئ قدير، ولا يقع في ملكه إلا ما يريد، ولا يقع فيه شئ كرهاً عنه، قال تعالى: "وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ * وَمَن يَهْدِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّضِلٍّ أَلَيْسَ اللَّهُ بِعَزِيزٍ ذِي انتِقَامٍ" (الزمر : 36 ـ 37) .
فهو الذي أراد إيمان المؤمنين، وهو الذي أراد كفر الكافرين، وكل ذلك في علمه السابق، ولا يمكن لأحد أن يخرج عن علمه، وعلمه يستلزم ثبوت قدرته، وإذا كان قد علم أن أبا لهب سيكفر، فهذا معناه أنه لن يستطيع أن يخرج عن علمه ويؤمن، وهذا دليل أن الله تعالى سيحول بقدرته بينه وبين الإيمان، فلن يقدر عليه، ولن يقدر أبو لهب على خلاف ذلك، قال تعالى: " وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ" (الأنفال : 24) .
وهذا ليس من باب تكليف ما لا يطاق، وإنما هذا من باب العقوبة: وهي نوع من الخذلان لمن زاغ عن صراط الله المستقيم، وأما طاقة الأسباب فهي مقدورة له، ولكن الله تعالى لم يوفقه ولم يقدره على بلوغ غاياتها، فما آمن من آمن إلا بفضل الله تعالى ورحمته، وما كفر من كفر كرهاً عنه إنما كان ذلك بخذلان الله تعالى له: "وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا" (يونس : 99) .
وهو سبحانه وتعالى خالق الخير ، كما هو خالق الشر، لا إله غيره ولا ربٍ سواه ، قال تعالى: "اللّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ" (الزمر : 22) ، وقال تعالى: "هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّافِي الأَرْضِ جَمِيعاً"(البقرة : 29) .
وفي الإرادة الكونية قد يبغض الله تعالى طاعة العاصي ولا يعينه عليها بعد الإراشاد والنصح والبيان، وذلك لحكمه عظيمة جليلة، كما قال تعالى في المنافقين الذين تخلفوا مع الخوالف في بيوتهم، وتركوا الخروج للجهاد مع النبي صلى الله عليه وسلم كما في غزوة تبوك: " وَلَوْ أَرَادُواْ الْخُرُوجَ لأَعَدُّواْ لَهُ عُدَّةً وَلَـكِن كَرِهَ اللّهُ انبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُواْ مَعَ الْقَاعِدِينَ" (التوبة : 46) ، وقد بين الله تعالى الحكمة في بغضه لطاعته فقال: "لَوْ خَرَجُواْ فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً ولأَوْضَعُواْ خِلاَلَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ" (التوبة : 47) .
وهو سبحانه: "لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ" (الأنبياء : 23) ، وذلك لأنه يتصرف في ملكه، وهذا ليس فيه ظلم، إنما الظلم في الحقيقة يكون من تصرف المتصرف فيما لا يملك، ومنع المستحق ما يستحقه، والله تعالى لا يجب عليه شئ لأحد حتى يحاسب على ما ضيق ومنع، وعلى ما أهان وخذل، وإنما هو حكمة بالغة ورحمة واسعة وعدل قويم .
أ ـ كيف يريد الله أمراً ولا يرضاه ولا يحبه؟ وكيف تجتمع إرادته له وبغضه وكراهته؟
الجواب أن المراد نوعان:
مراد لنفسه مطلوب محبوب لذاته، وما فيه من الخير، فهو مراد إرادة الغايات والمقاصد.
ومراد لغيره، قد لا يكون مقصود للمريد، ولا فيه مصلحة له بالنظر إلى ذاته، مراد له من حيث إفضاؤه وإيصاله إلى مراده، فاجتمع فيه الأمران: بغضه وإرادته ولا يتنافيان، لاختلاف متعلقهما، وهذا كالدواء الكريه إذا علم المتناول له أن فيه شفاؤه، وقطع العضو المتآكل إذا علم أن في قطعه بقاء جسده، كقطع المسافة الشاقة، إذا علم أنها توصل إلى مراده ومحبوبه .
فهو سبحانه يكره الشئ، ولا ينافي ذلك إرادته لأجل غيره، وكونه سبباً إلى أمر هو أحبُّ إليه من فوته.
ومن ذلك أنه خلق إبليس الذي هو مادة لفساد الأديان والأعمال والاعتقادات والإرادات، وهو سبب لشقاء الكثير من العباد، وعملهم بما يغضب الرب تبارك وتعالى، ومع هذا فهو وسيلة إلى محاب كثيرة للرب تعالى ترتبت على خلقه وجودها إليه من عدمها:
منها: أنه تظهر للعباد قدرة الرب على خلق المتضادات المتقابلات.
ومنها: ظهور آثار أسمائه القهرية، مثل القهار، المنتقم، والعدل، والضار، والشديد العقاب، والسريع الحساب، والخافض، والمذل، فإن هذه الأسماء والأفعال كمال، لا بد من وجود متعلقها، ولو كان الجن والإنس على طبيعة الملائكة لم يظهر أثر هذه الأسماء.
ومنها: ظهور آثار أسمائه المتضمنة لحلمه وعفوه ومغفرته وستره وتجاوزه عن حقه وعتقه لمن شاء من عبيده، فلولا خلق ما يكرهه من الأسباب المفضية إلى ظهور آثار هذه الأسماء، لتعطلت هذه الحكم والفوائد، وقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى هذا بقوله: "لو لم تذنبوا، لذهب الله بكم، ولجأ بقوم يذنبون، ويستغفرون، فيغفر لهم" .
ومنها: ظهور أسماء الحكمة والخبرة، فإنه الحكيم الخبير الذي يضع الأشياء في مواضعها، فلا يضع الشئ في غير موضعه، فهو أعلم حيث يجعل رسالاته، وأعلم بمن يصلح لقبولها ويشكره على إنتهائها إليه، وأعلم بمن لا يصلح لذلك.
ومنها: حصول العبودية المتنوعة التى لولا خلق إبليس لما حصلت كعبودية الجهاد، والصبر، ومخالفة الهوى، وعبودية الاستعاذة، إلى غير ذلك من الحكم التي تعجز العقول عن إدراكها .
ب ـ هل يمكن وجود تلك الحكم بدون هذه الأسباب؟
الجواب: هذا سؤال فاسد وهو فرض وجود الملزوم بدون لازمه، كفرض وجود الابن بدون الأب، والحركة بدون المتحرك، والتوبة بدون التائب .
2 ـ الإرادة الشرعية:
هي إرادة الله تعالى لأمره الديني الشرعي، وهي التي أرسل من أجلها الرسل، وأنزل من أجلها الكتب وهي لا تستلزم وقوع المراد مع كونه محبوباً لله تعالى إلا إذا كان متعلقاً بالإرادة الكونية ، والإرادة الشرعية الدينية تدل دلالة واضحة على أنه سبحانه لا يحب الذنوب والمعاصي والضلال والكفر، ولا يأمر بها ولا يرضاها، وإن كان شاءها خلقاً وتقديراً وإيجاداً، وأنه سبحانه وتعالى يرضى ويحب كل ما يتعلق بهذه الإرادة الدينية الشرعية ويثيب أصحابها، ويدخلهم الجنة وينصرهم في الحياة الدنيا وفي الآخرة وينصر بها، أي: الإرادة الدينية الشرعية للعباد من أوليائه المتقين وحزبه المفلحين وعباده الصالحين .
ومن الآيات الدالة على الإرادة الشرعية:
قوله تعالى:" يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ" (البقرة : 185) ، وقوله تعالى:"مَا يُرِيدُ اللّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ" (المائدة: 6) ، وقوله تعالى:" وَاللّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيمًا" (النساء: 27) ، وقال تعالى:"يُرِيدُ اللّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفًا" (النساء: 28) ، وقال تعالى:"إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا" (الأحزاب: 33) ، قال تعالى:"إِن تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنكُمْ وَلَايَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وإِن تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ" (الزمر: 7) .
3ــ الفرق بين الإرادتين:
أ ــ الإرادة الكونية يلزم فيها وقوع المراد، والإرادة الشرعية لا يلزم.
ب ــ الإرادة الشرعية تختص فيما يحبه الله، والكونية عامة فيما يحبه وما لا يحبه .
ج ــ فما كان بمعنى المشيئة فهو إرادة كونية وما كان بمعنى المحبة فهو إرادة شرعية.
مثال الإرادة الشرعية قوله تعالى:" وَاللّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ" (النساء: 27) لأن يريد هنا بمعنى يحب ولا تكون بمعنى المشيئة لأنه لو كان المعنى: والله يشاء أن يتوب عليكم، لتاب على جميع العباد وهذا أمر لم يكن فإن أكثر بني آدم من الكفار، إذن يريد أن يتوب عليكم يعني يجب أن يتوب عليكم ولا يلزم من محبة الله للشيء أن يقع لأن الحكمة الإلهية البالغة قد تقتضي عدم وقوعه .ومثال الإرادة الكونية قوله تعالى:"إِن كَانَ اللّهُ يُرِيدُ أَن يُغْوِيَكُمْ" (هود: 34) لأن الله لا يحب أن يغوي العباد إذن لا يصح أن يكون المعنى إن كان الله يحب أن يغويكم بل المعنى إن كان الله يشاء أن يغويكم.
د ــ الله يريد المعاصي كوناً لا شرعاً، لأن الإرادة الشرعية بمعنى المحبة والله لا يحب المعاصي ولكن يريدها كونا أي مشيئة فكل ما في السموات والأرض فهو بمشيئة الله .
4 ـ تعلق الإرادتين بالمخلوقات:
تنقسم المخلوقات من حيث تعلقها بالإدارتين إلى أربعة أقسام:
الأول ــ ما تعلقت به الإرادتان، وهو ما وقع في الوجود من الأعمال الصالحة، فإن الله أراده إرادة دين وشرع، فإمر وأحبه ورضيه، وأراده إرادة كون فوقع، ولولا ذلك ما كان.
الثاني ــ ما تعلقت به الإرادة الدينية فقط، وهو ما أمر الله به من الأعمال الصالحة، فعصى ذلك الكفار والفجار فتلك كلها إرادة دين وهو يحبها ويرضاها وقعت أو لم تقع.
الثالث ــ ما تعلقت به الإرادة الكونية فقط، وهو ما قدره الله وشاءه من الحوادث التي لم يأمر بها كالمباحات والمعاصي فإنه لم يأمر بها، ولم يرضها، ولم يحبها، إذ هو لا يأمر بالفحشاء ولا يرضى لعباده الكفر، ولولا مشيئته وقدرته وخلقه لها لما كانت ولما وجدت، فإنه ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن.
الرابع ـ ما لم تتعلق به هذه الإرادة ولا هذه، فهذا ما لم يقع ولم يوجد من أنواع المباحات والمعاصي .
والسعيد من عباد الله من أراد الله منه تقديراً ما أراد به تشريعاً، والعبد الشقي من أراد به تقديراً ما لم يرد به تشريعاً.
وأهل السنة والجماعة الذين فقهوا دين الله حق الفقه، ولم يضربوا كتاب الله بعضه ببعض، علموا أن أحكام الله في خلقه تجري على وفق هاتين الإرادتين، فمن نظر إلى الأعمال الصادرة عن العباد بهاتين العينين كان بصيراً، ومن نظر إلى الشرع دون القدر، أو نظر إلى القدر دون الشرع كان أعور، مثل قريش الذين قالوا:" لَوْ شَاء اللّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلاَ آبَاؤُنَا وَلاَ حَرَّمْنَا مِن شَيْءٍ" (الأنعام: 148) .فقال تعالى:" كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم حَتَّى ذَاقُواْ بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِندَكُم مِّنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ أَنتُمْ إَلاَّ تَخْرُصُونَ" (الأنعام: 148) .

يمكنكم تحميل سلسلة كتب الإيمان كتاب :
الإيمان بالقدر
من الموقع الرسمي للدكتور علي محمَّد محمَّد الصَّلابي
http://alsallabi.com/s2/_lib/file/doc/Book96.pdf


مقالات ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة © 2022