القدر على أربع مراتب (1)
الحلقة: الثامنة
بقلم الدكتور علي محمد الصلابي
شعبان 1441 ه/ أبريل 2020م
أولاً: مرتبة العلم:
الإيمان بعلم الله عز وجل المحيط بكل شيء من الموجودات والمعدومات والممكنات والمستحيلات، فعلم ما كان وما يكون ومالم يكن لو كان كيف يكون، وأنه علم ما الخلق عالمون قبل أن يخلقهم، وعلم أرزاقهم وآجالهم وأحوالهم وأعمالهم في جميع حركاتهم وسكناتهم وشقاوتهم وسعادتهم ومن هو منهم من أهل الجنة ومن هو منهم من أهل النار من قبل أن يخلقهم ومن قبل أن يخلق الجنة والنار، علم دق ذلك وجليله وكثيره وقليله وظاهره وباطنه وسره وعلانيته ومبدأه ومنتاه، كل ذلك بعلمه الذي هو صفته ومقتضى اسمه العليم الخبير عالم الغيب والشهادة علّام الغيوب .
والأدلة من القرآن الكريم كثيرة منها:
1 ـ قوله تعالى:﴿وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ﴾ [الأنعام: 59]. ومفاتح الغيب فسرها رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنها خمس لا يعلمها إلا الله وهي المذكورة في قوله تعالى:﴿إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾ [لقمان: 34].
والآية دلت على أن الله ـ سبحانه وتعالى ـ محيط علمه بجميع الموجودات بريها وبحريها وما تسقط من ورقة إلا يعلمها فهو يعلم حركة الجمادات، ومن باب أولى غيرها من الحيوانات وبني الإنسان المكلفين .
وقد أحاط علمه ـ سبحانه وتعالى ـ بكل حبة كائنة في ظلمات الأرض من الأمكنة المظلمة أو النبات الذي في بطن الأرض قبل أن يظهر .
2 ـ وقوله تعالى:﴿هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ﴾ [الحشر: 22] أي: السر والعلانية، أو الدنيا والآخرة، أو المعدوم والموجود .
3 ـ وقال تعالى:﴿لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا﴾ [الطلاق: 12]، فلا يخرج عن علمه شيء منها كائناً ما كان ، فإحاطته سبحانه بكل شيء علماً يدل على ثبوت صفة العلم لله المتصف به أزلاً والشامل لكل شيء .
4 ـ وقال تعالى:﴿إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا﴾ [طه: 98].
فبعد أن أحرق موسى ـ عليه السلام ـ العجل، ونسفه في البحر، فبطل أن يكون إلهاً كما زعموا، فلما فعل ذلك وتبين لهم بطلانه، أخبرهم بمن يستحق العبادة وهو الله سبحانه وتعالى، المتوحد بالألوهية، والذي قد أحاط علمه بجميع الأشياء .
5 ـ وقال تعالى:﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة: 216]. فعواقب الأمور لا يعلمها إلا الله .
6 ـ وقال تعالى: مجيباً الملائكة ـ بعد اخبارهم أنه جاعل في الأرض خليفة واستفهامهم ـ قال تعالى:﴿إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة: 30] أي: أنه سيكون في تلك الخليقة أنبياء، ورسل، وقوم صالحون، وساكنو الجنة ، فعلمه محيط بكل شيء.
7 ـ وقال تعالى:﴿عَالِمِ الْغَيْبِ لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَلَا أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرُ﴾ [سبأ: 3]. الجميع مندرج تحت علمه فلا يخفى عليه شيء، فالعظام وإن تلاشت وتفرقت وتمزقت فهو عالم أين ذهبت؟ وأين تفرقت؟ ثم يُعيدُهَا كما بدأها أوّل مرّة فإنه بكل شيء عليم .
8 ـ وقال تعالى:﴿هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى﴾ [النجم: 32]. أي: هو بصير بكم عليم بأحوالكم وأفعالكم وأقوالكم التي ستصدر عنكم وتقع منكم، حين أنشأ أباكم آدم من الأرض، واستخرج ذريته من صُلبه أمثال الذّرّ، ثم قسمهم فريقين فريقاً للجنة وفريقاً للسعير، وكذا قوله ﴿وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ﴾ قد كتب الملك الذي يُوَكُّلُ به: رزقه، وأجله، وعمله، وشقي أم سعيد .
9 ـ وقال تعالى:﴿أَوَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِمَا فِي صُدُورِ الْعَالَمِينَ﴾ [العنكبوت: 10]. أي: أوليس الله بأعلم بما في قلوبهم وما تكنه ضمائرهم وإن أظهروا لكم الموافقة ؟
10 ـ وقال تعالى:﴿وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا﴾ [الجن: 28].
ـ أدلة هذه المرتبة من السنة:
1 ـ عن ابن عباس رضي الله عنهما: قال: سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن أولاد المشركين فقال: الله أعلم بما كانوا عاملين .
2 ـ وعن أبي هريرة رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من مولود إلا يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه، كما تنتجون البهيمة هل تجدون فيها من جدعاء، حتى تكونوا أنتم تجدعونها؟
قالوا: يا رسول: أفرأيت من يموت وهو صغير؟
قال: الله أعلم بما كانوا عاملين. والشاهد قوله: "الله اعلم بما كانوا عاملين " بالنسبة لأولاد المشركين والمسلمين، ومعنى ذلك أنهم لو عاشوا فإن الله عالم بأعمالهم خيرها وشرها، فالله يعلم ما كان، ومالم يكن لو كان كيف يكون .
3 ـ وعن علي ـ رضي الله عنه ـ قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم جالساً، وفي يده عود ينكت به، فرفع رأسه فقال: ما منكم من نفس إلا وقد عُلم منزلها من الجنة والنار. قالوا: يا رسول الله، فلم نعمل؟ أفلا نتكل؟ قال: لا، اعملوا فكل ميسر لما خلق له ثم قرأ ﴿فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى﴾ [الليل: 5-10] ، والشاهد قولهﷺ:"ما منكم من نفس إلا وقد علم منزلها من الجنة والنار" فالله علم أهل الجنة وأهل النار بعلمه القديم، فالحديث يدل على ثبوت العلم الكامل لله تعالى .
4 ـ وعن عائشة أم المؤمنين أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل، فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، أهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاءإلى صراط مستقيم .
5 ـ وقال صلى الله عليه وسلم: بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم ، فاسم الله "العليم" يقتضي أنه سبحانه عالم بأرزاق العباد وآجالهم وأعمالهم وجميع حركاتهم وسكناتهم والشقي منهم والسعيد قبل أن يخلقهم
ثانياً: مرتبة الكتابة:
وهي أن الله تعالى ـ كتب مقادير المخلوقات، والمقصود بهذه الكتابة الكتابة في اللوح المحفوظ، وهو الكتاب الذي لم يفرط فيه الله من شيء، فكل ما جرى ويجري فهو مكتوب عند الله وأدلة هذه المرتبة كثيرة نذكر منها:
1 ـ قوله تعالى: ﴿ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ﴾ [الأنعام: 38] ، على أحد الوجهين، وهو أن المقصود بالكتاب هنا اللوح المحفوظ، فالله أثبت فيه جميع الحوادث، فكل ما يجري مكتوب عند الله في اللوح المحفوظ .
2 ـ وقال تعالى: ﴿وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ﴾ [الأنبياء: 105]. فأخبر ـ تعالى ـ أن هذا مكتوب مسطور في الكتب الشرعية والقدرية فهو كائن لا محالة . والآية دالة على مرتبة الكتابة عند من فسر الزبور بالكتب بعد الذكر، والذكر أمُّ الكتاب عند الله، وهو اللوح المحفوظ .
3 ـ وقال تعالى في قصة أسرى بدر: ﴿لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ [الأنفال: 68] أي: لولا كتاب سبق به القضاء عند الله أنه قد أحل لكم الغنائم وأن الله رفع عن أمة محمد صلى الله عليه وسلم لمسكم العذاب ، فالآية دليل على الكتاب السابق .
4 ـ وقال تعالى:﴿أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ﴾ [الحج: 70]. وهذه الآية من أوضح الأدلة الدالة، على علمه المحيط بكل شيء، وأنه علم الكائنات كلها قبل وجودها، وكتب الله ذلك في كتابه اللوح المحفوظ ، فالآية جمعت بين المرتبتين .
5 ـ وقال تعالى:﴿وَمَا مِنْ غَائِبَةٍ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ﴾ [النمل: 75] ، أي: خفية أو سر من أسرار العالم العلوي والسفلي، إلا في كتاب مبين، قد أحاط ذلك الكتاب بجميع ما كان ويكون إلى أن تقوم الساعة، فما من حادث جلي أو خفي، إلا هو مطابق لما كتب في اللوح المحفوظ ، فالآية دليل على الكتابة السابقة لكل ما سيقع.
6 ـ وقال تعالى في آية جمعت بين مرتبتي العلم والكتابة:﴿وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ﴾ [يونس: 61]، ﴿وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ﴾ أي: ما يغيب عن علمه وبصره وسمعه ومشاهدته أي شيء، حتى مثاقيل الذر، بل هو ما أصغر منها، وهذه مرتبة العلم، وقوله:﴿إِلاَّ فِي كِتَابٍ﴾ : مرتبة الكتابة، وكثيراً ما يقرن الله ـ سبحانه وتعالى ـ بين هاتين المرتبتين .
7 ـ قال تعالى:﴿وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ﴾ [يس: 12]، أي: جميع الكائنات مكتوب في كتاب مسطور مضبوط في لوح محفوظ، والإمام المبين هَهُنا: هو أم الكتاب .
8 ـ وقال تعالى: ﴿وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ﴾ [القمر: 52-53] أي: مكتوب عليهم في الكتب التي بأيدي الملائكة عليهم السلام ﴿وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ﴾ أي : من أعمالهم ﴿مُسْتَطَرٌ﴾ أي: مجموع عليهم، ومسطر في صحائفهم، لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها .
9 ـ وقال تعالى عن موسى حين قال له فرعون: ﴿قَالَ فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الْأُولَىقَالَ عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى﴾ [طه: 51-52].
إن فرعون لما أخبره موسى بأن ربه الذي أرسله هو الذي خلق ورزق وقدّر وهدى، شرع يحتج بالقرون الأولى، أي: الذين لم يعبدوا الله، أي: فما بالهم إذا كان الأمر كما تقول لم يعبدوه بل عبدوا غيره؟ فقال له موسى في جواب ذلك: هم وإن لم يعبدوه فإن عَملَهمُ عند الله مضبوط عليهم، وسيجزيهم بعملهم في كتاب الله وهو اللوح المحفوظ وكتاب الأعمال ﴿لَّا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنسَى﴾ أي: لا يشذ عنه شيء ولا يفوته صغير ولا كبير ولا ينسى شيئاً، يصف علمه تعالى بأنه بكل شيء محيط، وأنه لا ينسى شيئاً تبارك وتعالى وتقدّس وتنزه، فإن علم المخلوقات يعتريه نقصانان، أحدهما: عدم الإحاطة بالشيء، والآخر: نسيانه بعد علمه، فنزه نفسه عن ذلك.
10 ـ وقال تعالى:﴿وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجًا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ﴾ [فاطر: 11].
ـ الأدلة من السنة:
1 ـ قال عبد الله بن عمرو بن العاص، ـ رضي الله عنهما ـ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، قال: وكان عرشه على الماء ، فالدليل من الحديث قوله: كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض، فالمراد تحديد وقت الكتابة في اللوح المحفوظ أو غيره، لا أصل التقدير فإن ذلك أزلي لا أول له وقوله:" وعرشه على الماء" أي: قبل خلق السموات والأرض .
2 ـ وعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أنه: ركب خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا غلام إنّي معلمك كلمات ينفعك الله بهنّ: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، وإذا سألت فسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، وأعلم أنّ الأمة لو اجتمعوا على أن ينفعوك لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك لم يضرّوك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف .
3 ـ ومن الأحاديث المشهورة حديث: أول ما خلق الله القلم وفيه: أن الله أمره بكتابة ما هو كائن إلى يوم القيامة، فعن أبي حفصة قال: قال عبادة بن الصامت لأبنه: يا بني إنك لن تجد طعم حقيقة الإيمان حتى تعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن أول ما خلق الله القلم، فقال له: اكتب، قال: رب وماذا أكتب؟ قال: اكتب مقادير كل شيء حتى تقوم الساعة، يا بني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من مات على غير هذا فليس مني ، فالرواية فيها دليل على مرتبة الكتابة حيث أمر الله القلم بكتابة ما هو كائن إلى يوم القيامة .
يمكنكم تحميل سلسلة كتب الإيمان كتاب :
الإيمان بالقدر
من الموقع الرسمي للدكتور علي محمَّد محمَّد الصَّلابي
http://alsallabi.com/s2/_lib/file/doc/Book96.pdf