تعيين الولاة في عهد علي بن أبي طالب (رضي الله عنه)
الحلقة السادسة والأربعون
بقلم الدكتور علي محمد الصلابي
جمادى الآخر 1441 ه/ فبراير 2020م
بويع علي بالخلافة بعد مقتل أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه ،وقد وقع الاضطراب في مختلف أنحاء الدولة نتيجة مقتل عثمان ، وبالتالي: فإن علياً رضي الله عنه بويع في ظروف صعبة؛ بدأت الدولة الإسلامية خلالها تفقد الشيء الكثير من استقرارها ونشاطها ، وقد ظهر هذا الاضطراب واضحاً في المدينة نفسها، وقد بدأت الأمور تضطرب في مختلف أنحاء الدولة ، وأحسَّ المستشارون والنصحاء بخطورة ما يقع ، فتقدم بعضهم بنصائح إلى علي فيما يمكن أن يفعله من البداية ، وخصوصاً فيما يتعلق بالولاة على البلدان.
أولاً: موقف علي من ولاة عثمان وتعيينه لأقاربه:
1- موقف علي من ولاية عثمان:
كان أمير المؤمنين علي رضي الله عنه يدرك إدراكاً كاملاً ، أن من الأسباب الرئيسية للفتنة: عدم رضا مجموعة من الناس عن ولاة عثمان رضي الله عنه ، وذلك بسبب ما أشاعه رؤوس الفتنة ضد عثمان وولاته ، وليس لعجزهم أو ظلمهم، ولكن الكثير من الكتاب المعاصرين في حديثهم عن سياسة علي في تولية الولاة ، يستفتحون بقولهم: إن علياً لم يكن ليرضى أن يبقى عمال عثمان على ولايتهم ساعة واحدة بعد توليه الخلافة ، يمنعه من ذلك دينه وأمانته! وما أفظع هذا الاتهام الموجه ضد عثمان رضي الله عنه وضد عماله ، وقد نسفته في كتابي (تيسير الكريم المنان في سيرة عثمان بن عفان)، وتحدثت عن حقيقة ولاة عثمان في مبحث كامل، فمن أراد المزيد فليرجع إليه.
لقد اعتمد من طعن في ولاة عثمان على روايات واهية ومشهورة؛ وهي:
( أ ) الرواية الأولى: من طريق الواقدي: أن ابن عباس قال: دعاني عثمان فاستعملني على الحج ، ثم قدمت المدينة وقد بويع لعلي ، فأتيته في داره ، فوجدت المغيرة بن شعبة مستخلياً به ، فحبسني حتى خرج من عنده ، فقلت: ماذا قال هذا؟ قال: قال لي قبل مرته هذه: أرسل إلى عبد الله بن عامر ، وإلى معاوية ، وإلى عمال عثمان بعهودهم تقرّهم على أعمالهم ، يبايعون لك الناس ، فإنهم يهدئون البلاد ويسكنون الناس ، فأبيت ذلك عليه يومئذ ، وقلت: والله لو كان ساعة من نهار لاجتهدت فيها رأيي ، ولا وليت هؤلاء ولا مثلهم يولّى.
قال: ثم انصرف من عندي وأنا أعرف فيه أنه يرى أنه مخطأى ، ثم عاد إليّ الان فقال: إني أشرت عليك أول مرة بالذي أشرت عليك وخالفتني فيه ، ثم رأيت بعد ذلك رأياً ، وأنا أرى أن تصنع الذي رأيت؛ فتنزعهم وتستعين بمن تثق به، فقد كفى الله ، وهم أهون شوكة مما كان.
قال ابن عباس: فقلت لعلي: أما المرة الأولى فقد نصحك ، وأما المرة الأخيرة فقد غشك ، قال لي علي: ولو نصحني؟ قال ابن عباس: لأنك تعلم أن معاوية وأصحابه أهل دنيا ، فمتى تثبتهم لا يبالون بمن ولي الأمر ، ومتى تعزلهم يقولون: أخذ هذا الأمر بغير شورى ، وهو قتل صاحبنا ، ويؤلِّبون عليك ، فينتقض عليك أهل الشام وأهل العراق ، مع أني لا امن طلحة والزبير أن يكرا عليك.
فقال علي: أما ما ذكرت من إقرارهم؛ فوالله ما أشك أن ذلك خير في عاجل الدنيا لإصلاحهما ، وأما الذي يلزمني من الحق والمعرفة بعمال عثمان؛ فوالله لا أولي منهم أحدا أبداً ، فإن أقبلوا فذلك خير لهم ، وإن أدبروا بذلت لهم السيف.
قال ابن عباس: أطعني وادخل دارك والحق بمالك بينبع ، وأغلق بابك عليك ، فإن العرب تجول جولة وتضطرب ولا تجد غيرك ، فإنك والله لئن نهضت مع هؤلاء اليوم ليحملنك الناس دم عثمان غداً. فأبى علي ، فقال لابن عباس: سر إلى الشام فقد وليتكها ، فقال ابن عباس: ما هذا برأي ، معاوية من بني أمية ، وهو ابن عم عثمان رضي الله عنه وعامله على الشام ، ولست امن أن يضرب عنقي لعثمان ، أو أدنى ما هو صانع أن يحبسني فيتحكم علي ، فقال له علي: ولم؟ قال: لقرابة ما بيني وبينك ، وإن كان ما حمل عليك حمل علي ، ولكن اكتب إلى معاوية فَمَنِّه وعِدْه ، فأبى علي وقال: والله لا كان هذا أبداً.
( ب ) الرواية الثانية: وهي مثل الرواية الأولى في المعنى ، وفيها زيادة واختلاف يثير الشك في صحتها ، وهو: أن ابن عباس قدم مكة بعد مقتل عثمان - رضي الله عنه - ، فلقي في طريقه الزبير وطلحة ومعهما فئة من قريش بالنواصف، يريد مكة. وهذا يخالف الحقيقة ، إذ إن علياً بويع بعد أن وصل ابن عباس من الحج ، وإن الزبير وطلحة قد بايعا علياً ، فإذا خرجا في هذا الوقت يكونان قد خرجا قبل البيعة ، وهذا خطأ واضح جلي.
( ج ) الرواية الثالثة: رواية أبي مخنف ، رواها بدون إسناد ، بأن المغيرة بن شعبة أشار على علي أن يثبت معاوية على الشام ، وأن يولي طلحة والزبير ، البصرة والكوفة ، فاعترض ابن عباس على رأيه؛ لأن البصرة والكوفة عين المال ومصدره ، فإذا ولاهما ضيقا على علي ، وأن ولاية معاوية الشام لا تنفعه وقد تضره ، فاستمع علي إلى رأي ابن عباس ، ولم يقبل مشورة المغيرة بن شعبة.
( د ) الرواية الرابعة: وردت رواية الواقدي الأولى بشيء من الاختصار عن ابن عبد البر، ولكن بدل ابن عباس: الحسن.
إن هذه الروايات يأتي خطرها من حيث إنها الأساس الذي بنيت عليه أهم الدراسات المعاصرة ، وخرجت منها بنتائج خطيرة تطعن في أكابر الصحابة أهل الشورى؛ في دينهم ، وفي عدلهم وأمانتهم ، وتصورهم أفراداً ماديين همّهم الثروة والسلطان ولو على حساب دماء المسلمين ، وما الفتنة التي أدت إلى مقتل عثمان ، وما حرب الجمل؛ إلا بسبب هذه الأطماع الشخصية.
ويظهر الاضطراب والنكارة في متن هذه الروايات في جل فقراتها ، فقوله: إن ابن عباس قدم المدينة بعد بيعة علي؛ يخالف الروايات الموثوقة في أنه جاء قبل أن يبايع بالخلافة ، وقد تقدم.
وقوله: أشار المغيرة على علي بأن يرسل إلى عبد الله بن عامر ، وإلى معاوية، وإلى عمال عثمان بعهودهم يقرهم على أعمالهم.. يخالف روايات أوثق منها تفيد أن معظم هؤلاء الولاة قد تركوا ولاياتهم ، واتخذوا سبيلهم إلى مكة ، فكيف يرسل إليهم بإثباتهم وهم قد تركوا البلاد؟! قوله: إن علياً قال في هؤلاء الولاة: والله لو كانت ساعة من نهار لاجتهدت فيها رأيي ولا وليت هؤلاء ، ولا أمثالهم يولى؛ يخالفه أن هؤلاء الولاة مؤهلون للإمارة والقيادة ، فقد توسعت على أيديهم الدولة الإسلامية ؛ فعبد الله بن عامر وصلت فتوح البصرة في ولايته إلى كابل عاصمة أفغانستان ، أما معاوية فلولا أنه لم يكن مؤهلاً ما ولي عشرين عاماً..
وقد بينت أن عدم رضا مجموعة من الناس عن عمال عثمان هو بسبب ما أشاعه أهل الفتنة عنهم ، وليس لعجزهم ، والواقع التاريخي يثبت ذلك. وتصور الرواية الواهية المغيرة بن شعبة بالمداهنة والغش ، وعدم المبالاة بمصلحة المسلمين ، وفي هذا الوقت العصيب بالذات ، وهذا لا يوافق أخلاقه وسيرته قبل الفتنة وبعدها ، كما تصور - عن حسن نية - علياً رضي الله عنه بالجاهل في هذه الأمور السياسية ، وأن المغيرة وابن عباس هما العارفان بهذه الأمور.
وأما رواية أبي مخنف ، فإن ابن عباس يشير على علي بعزل معاوية ، وأن ولايته لا تنفعه «سياسياً» ، بخلاف روايات الواقدي وفيها: أن الصحابيين الجليلين طلحة والزبير إذا ولاهما على مصري العراق ، فسيستأثران بموارده المالية ، ولن يراها الخليفة! إن الروايات السابقة واهية من حيث السند، وهذا كافي في إسقاطها ، ثم هي مضطربة ومنكرة من حيث المتن ، وهي روايات افتراضية: إذا حدث كذا فسيحدث كذا ، فهي لا تنقل الخبر التاريخي على حقيقته ، ولأهواء وتدخل الراوي بشخصه وميوله الرافضية أثر في ذلك.
وما قام به أمير المؤمنين علي رضي الله عنه من تعيين ولاة جدد؛ أدعى إلى بيعة الناس في تلك البلاد البعيدة ، وليجدد بهم عهد الفتوحات ، ويفسح المجال أمام العبقريات الجديدة أن تنطلق وتخدم دين الله تعالى.
إن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه كان يمتلك موهبة قيادية ، ومعرفة بالنفوس والأوضاع القائمة ، وأنه أقال الولاة ليختار سواهم حسب ما يراه ملائماً لتحقيق الانسجام الإداري والسياسي بين الخليفة وأعوانه ، وقد عزل عمر بعض ولاة أبي بكر ، كما عزل عثمان بعض ولاة عمر ، وبالتالي من حق علي أن يعزل من يرى أن المصلحة متحققة بعزله وتعيين غيره.
وقد جانب الصواب بعض المؤلفين المعاصرين في قضية عزل علي لولاة عثمان؛ فاشتطت أقلامهم في تفسير هذا الموقف، فمنهم من حمله على صلابة علي في الحق وضرورة التغيير ، ومنهم من حمله على ضعف خبرة علي السياسية ، وأن الأولى سياسياً إبقاء الولاة وخاصة معاوية حتى تستقر الأوضاع وتؤخذ البيعة لعلي في الأمصار ، وهذه التفسيرات مدارها على روايات واهية وأخبار ضعيفة ؛ تدور حول إبداء المغيرة بن شعبة رأيين متعارضين حول الموقف من الولاية، كما أن علياً - رضي الله عنه - إمام مجتهد؛ له أن يعزل جميع عمال عثمان إذا رأى المصلحة في ذلك.
وقد ولى رسول الله ﷺ وهو المعصوم خالد بن سعيد بن العاص على صنعاء، وعمرو ابن العاص على عمان، فعزلهما الخليفة من بعده الصديق رضي الله عنه: عزل خالد وولى مكانه المهاجر بن أبي أمية وله صحبة ، وعزل عمرو وولى مكانه حذيفة بن محصن وله صحبة، وقد ولى أبو بكر - رضي الله عنه - القائدين العظيمين خالد بن الوليد والمثنى بن حارثة - رضي الله عنهما - ، فعزلهما عمر - رضي الله عنه - مع كفاءتهما. وولى الفاروق - رضي الله عنه – على مصر عمرو بن العاص، رضي الله عنه ، وعلى الكوفة المغيرة بن شعبة رضي الله عنه، فعزلهما ذو النورين ، وولى على مصر ابن أبي سرح، وعلى الكوفة سعد بن أبي وقاص.
فهل ينتقد عاقل الصديق والفاروق وذا النورين في عزلهم هؤلاء العمال الأكفاء؟! إن لكل وقت أحوالاً وظروفاً تطرأ ، فيحمل اللاحق على ما لا يراه السابق من الاجتهاد ، ويرى الشاهد ما لا يراه الغائب.
وأما قول بعض الكتاب المعاصرين بأن أمير المؤمنين علي عزل جميع عمال عثمان؛ فإن العزل لم يتحقق إلا في معاوية بن أبي سفيان في الشام، وخالد بن أبي العاص بن هشام في مكة. وأما البصرة فخرج منها عبد الله بن عامر ولم يول عثمان عليها أحداً، وفي اليمن أخذ أميرها يعلي بن منية - رضي الله عنه - مال جباية اليمن ، وقدم مكة بعد مقتل عثمان ، وانضم إلى طلحة والزبير وحضر معهم موقعة الجمل ، ووفد ابن أبي سرح عامل مصر واستناب ابن عمه عليها ، فلما رجع إليها وجد ابن أبي حذيفة تغلب عليها فطرده عنها ، فذهب إلى الرملة بفلسطين ومكث بها حتى مات.
وهكذا فإن أمير اليمن والبصرة عزلا أنفسهما ، وأمير مصر عزله المتغلب عليها ابن أبي حذيفة ، وأمير الكوفة أقره علي - رضي الله عنه - في منصبه ، فلم يرد العزل حقيقة إلا في حق معاوية والي الشام ، وخالد بن أبي العاص والي مكة.
كما أن أمير المؤمنين علي رضي الله عنـه ولى أخيـار الناس على المسلمين ، فمن الولاة الذين ولاهم على الأقاليم: سهل بن حنيف على الشام؛ وهو صحابي جليل شهد بدراً وأحداً ، وثبت مع النبي ﷺ يـوم أحد حين انكشف الناس وبايعه على الموت ، وجعل ينضح بالنبل عن رسول الله ﷺ ، وشهد أيضاً الخندق والمشاهد كلها مع رسول الله ﷺ. وولّى عثمان بن حنيف على البصرة ، وهو صحابي من الأنصار كان عاملاً لعمر على العراق. كما ولّى قيس بن سعد بن عبادة على مصر ، وكان صاحب شرطة النبي ﷺ ، وكان جواداً من ذوي الرأي والذكاء. وولّى عبيد الله بن العباس بن عبد المطلب على اليمن، له صحبة، وهو أصغر من أخيه بسنة ، وكان كريماً ممدوحاً نبيلاً.
وأما قول بعض الكتاب: إنه عزل العمال قبل أن تصل إليه بيعة أهل الأمصار ؛ فإن تولية الإمام العمال على الأمصار غير مشروطة بوصول بيعة أهلها له عند جميع المسلمين ، فمتى بايع أهل الحل والعقد أي خليفة لزمت بيعته جميع البلدان النائية عن مركز خلافته شرعاً وعقلاً ، ولو كانت تولية الخليفة العمال على الأمصار متوقفة على وصول بيعة أهلها له ما تمت بيعة الصديق رضي الله عنه؛ لأنه تصرف بإرسال بعث أسامة ، ومحاربة المرتدين ومانعي الزكاة قبل وصول بيعة أهل مكة والطائف وجواثى في البحرين. وكذلك الفاروق رضي الله عنه؛ فإنه استهلَّ خلافته بعزل خالد بن الوليد وتولية أبي عبيدة بن الجراح قائداً عاماً على جيوش المسلمين بالشام قبل وصول بيعة أهل اليمن وجيوش المسلمين بالشام والعراق إليه، وتصرف ذو النورين رضي الله عنه في أمور المسلمين أيضاً قبل بيعة الأمصار إليه.
2- تعيين أمير المؤمنين علي رضي الله عنه بعض أقاربه على الولايات:
تحدث الكتاب المعاصرون عن قضية تولية الأقارب على الولايات في خلافتي عثمان وعلي ، حيث إن عثمان عيَّن عدداً من الولاة ، وقد تم تبيين ذلك ، وكانوا خمسة من بني أمية من ثمانية عشر والياً ، وعندما توفي عثمان لم يكن من بني أمية من الولاة إلا ثلاثة؛ وهم: معاوية ، وعبد الله بن سعد بن أبي السرح ، وعبد الله بن عامر بن كريز فقط ، عزل عثمان الوليد بن عقبة وسعيد بن العاص ، ولكنه عزلهما من أين؟ من الكوفة التي عزل منها عمر سعد بن أبي وقاص ، الكوفة التي لم ترضَ بوالٍ أبداً ، إذاً عزل عثمان رضي الله عنه لأولئك الولاة لا يعتبر مطعناً فيهم ، بل مطعن في المدينة التي وُلوُّا عليها.
ثم إن الولاة الذين ولاَّهم عثمان رضي الله عنه من أقاربه قد أثبتوا الكفاية والمقدرة في إدارة شؤون ولاياتهم ، وفتح الله على أيديهم الكثير من البلدان ، وساروا في الرعية سيرة العدل والإحسان ، ومنهم من تقلد مهام الولاية قبل ذلك في عهد الصديق والفاروق رضي الله عنهما، وقد قام أمير المؤمنين علي رضي الله عنه بالسير على منهج عثمان في تولية أصحاب الكفاية والمقدرة والصلاح من الأقارب على الولايات ، وهم من أبناء عمه العباس بن عبد المطلب ، وهم على التوالي: عبد الله بن عباس ، وعبيد الله بن عباس ، وقثم وتمام ابنا العباس ، ومحمد بن أبي بكر ربيبه.
والتحقيق يثبت أن كلاً من علي وعثمان عينا من يغلب على ظنهما كفاءته ، وغيرهم ، ولا يتصور أنهما قدما الأقارب بسبب القرابة ، وكانت الظروف التي تسود الولايات تقتضي اختياراً دقيقاً للولاة من حيث القوة والأمانة ، فلا تزال الفتوحات في الأقاليم الشرقية غير مستقرة ، فضلاً عن مشكلات الخوارج في خلافة علي.
ولو تأملنا في أنساب ولاة علي لوجدنا أحد عشر والياً؛ منهم من الأنصار من بين ستة وثلاثين والياً ، وسبعة منهم من قريش بينهم أربعة من أبناء العباس بن عبد المطلب ، وهذه قائمة بأسماء الولاة في خلافة علي.
1- سهل بن حنيف الأنصاري (المدينة).
2- تمام بن العباس بن عبد المطلب (المدينة).
3- أبو أيوب الأنصاري (المدينة).
4- أبو قتادة الأنصاري (المدينة).
5- قثم بن العباس بن عبد المطلب (مكة والطائف).
6- عمر بن أبي سلمة (البحرين).
7- قدامة بن العجلان الأنصاري (البحرين).
8- النعمان بن العجلان الأنصاري (البحرين).
9- عبيد الله بن عباس (اليمن والبحرين).
10- سعيد بن سعد بن عبادة الأنصاري (الجند).
11- مالك بن الأشتر (الجزيرة ثم مصر).
12- شبيب بن عامر (الجزيرة).
13- كميل بن زياد النخعي (الجزيرة).
14- محمد بن أبي حذيفة بن عتبة (مصر).
15- قيس بن سعد بن عبادة الأنصاري (مصر).
16- محمد بن أبي بكر الصديق (مصر).
17- عثمان بن حنيف الأنصاري (البصرة).
18- عبد الله بن عباس (البصرة).
19- أبو الأسود الدؤلي (البصرة).
20- هاني بن هوذة النخعي (الكوفة).
21- أبو موسى الأشعري (الكوفة).
22- أبو مسعود البدري (الكوفة).
23- قرظة بن كعب الأنصاري (الكوفة).
24- سهل بن حنيف الأنصاري (فارس).
25- زياد بن أبي سفيان (فارس).
26- المنذر بن الجارود (اصطخر).
27- عمر بن سلمة (أصبهان).
28- محمد بن سليم (أصبهان).
29- خليد بن قرة التميمي (خراسان).
30- عبد الرحمن بن أبزى (خراسان).
31- جعدة بن هبيرة بن أبي وهب (خراسان).
32- عبد الرحمن بن جزء الطائي (سجستان).
33- ربعي بن كأس العنبري (سجستان).
34- جرير بن عبد الله البجلي (همذان).
35- الأشعث بن قيس الكندي (أذربيجان).
36- سعيد بن سارية الخزاعي (أذربيجان).
37- الخريت بن راشد الناجي (الأهواز).
38- مصقلة بن هبيرة الشيباني (الأهواز).
39- يزيد بن حجية التميمي (الري).
40- سعد بن مسعود الثقفي (المدائن).
41- الحارث بن مرة العبدي (السند).
إن عثمان وعلي رضي الله عنهما خلفـاء راشدون يقتدى بهما ، وأفعالهما تشكِّل سوابق دستورية في هذه الأمـة ، فكما أن عمر سن لمن بعده التحرج من تقريب الأقربين ، فإن عثمان وعلي سنّا لمن بعدهم تقريب الأقربين إذا كانوا أهل كفاءة.
ثانياً: مراقبة أمير المؤمنين علي لعماله وبعض توجيهاته:
دأب أمير المؤمنين علي رضي الله عنه على مراقبة ولاته وتتبع أحوالهم في ولاياتهم والسؤال عنهم ، وقد اتبع لذلك عدة أساليب؛ منها: أنه كان يبعث مفتشيه إلى هؤلاء الولاة فيسألون عنهم الناس ، وقد يسأل بعض العمال عن بعض ويأمرهم بتفقد أمورهم ، فقد كتب إلى كعب بن مالك: أما بعد فاستخلف على عملك ، واخرج في طائفة من أصحابك حتى تمر بأرض كورة السواد فتسأل عن عمالي وتنظر في سيرتهم.
كما كان علي رضي الله عنه يعتمد على تقارير سرية يبعثها إليه مفتشوه على هذه الولايات ولا يعرف الولاة مهمتهم، وقد يكون هؤلاء المراقبون من موظفي الوالي أو اخرين مجهولين ، وقد يكونون مقيمين في الولاية أو متنقلين من ولاية إلى أخرى ، ويدل على وجود هذه التقارير السرية ما كان يكتبه علي رضي الله عنه إلى هؤلاء الولاة ، ولعل تدخل بعض الأشخاص بين أمير المؤمنين وولاته هو السبب في ترك بعضهم للولاية ورفضهم للعمل ، كتدخل الأشتر بين علي وجرير بن عبد الله البجلي ، وتدخل بعض الناس بين علي ومصقلة بن هبيرة.
وقد فتح علي رضي الله عنه الباب على مصراعيه لأي شكوى تقدم إليه ضد أحد من ولاته ، وكان إذا بلغه عن أحد منهم شكاية قال: اللهم إني لم امرهم أن يظلموا خلقك أو يتركوا حقك ، وقد قام رضي الله عنه بحبس أحد الولاة وتأديبه وضربه بالدرة حينما بلغته شكاية عنه، وثبتت التهمة عليه.
وقد كان أمير المؤمنين علي دائم النصح لولاته ، وقد نصح علي رضي الله عنه مجموعة من الولاة منهم قيس بن سعد ، حين ولاه على مصر؛ حيث أوصاه: تأتيها ومعك جند ، فإن ذلك أرعب لعدوك ، وأعز لوليك ، فإذا أنت قدمتها إن شاء الله فأحسن إلى المحسن ، واشتد على المريب ، وارفق بالعامة والخاصة؛ فإن الرفق يمن.
ومن نصائحه إلى قيس بن سعد في إحدى رسالاته: أما بعد فأقبل على خراجك بالحق ، وأحسن إلى جندك بالإنصاف ، وعلم من قبلك مما علمك الله.
وقد كانت بعض العهود المرسلة للبلدان في تعيين الولاة تشتمل على بعض النصائح والتوجيهات ، ومن ذلك عهد علي إلى محمد بن أبي بكر في ولاية مصر الذي قرأه على الناس ، فقد كان يحتوي على جملة من النصائح للعامة وللوالي نفسه.
وكانت تجري بين علي وبين ولاته العديد من الاتصالات سواء بالمراسلة الخطية أو الشفهية أو بالاتصال المباشر ، وبالدرجـة الأولى أثناء قدوم هؤلاء الولاة إلى الكوفة لمقابلة أمير المؤمنين علي ، أو للاشتراك معه في قتال الخوارج وغيرهم، ولم يؤثر عن أمير المؤمنين أنه حج واتصل بولاته في الحج بعد مبايعته ، كما كان يفعل الخلفاء السابقون ، وإنما كان ينيب عنه في ذلك بعض من يثق فيهم كأبناء العباس وغيرهم.
وكان ولاة المشرق أكثر ولاة علي اتصالاً به ، نظراً لقربهم من الكوفة وتكرار وفودهم إليها ، وكان علي كثيراً ما يكتب أوامر تصدر على شكل نصائح تبين لهم طريقة العمل ، وقد كان بعضها مكتوباً ، وبعضها مشافهة ، فقد جاء في أحد كتب أمير المؤمنين إلى عماله: فإنكم خزان الرعية ، ووكلاء الأمة ، وسفراء الأئمة ، ولا تجشموا أحداً عن حاجته ، ولا تحبسوه عن طلبته ، ولا تبيعن الناس في الخراج كسوة شتاء ، ولا صيف ، ولا دابة يعملون عليها ، وعبداً ، ولا تضربن أحداً سوطاً لمكان درهم ، ولا تمس مال أحد من الناس مصلٍّ ولا معاهد.
وتقدم بعض الدهاقين بشكوى إلى علي من أحد عماله ، فكتب إلى ذلك العامل: أما بعد ، فإن دهاقين أهل بلدك شكوا منك غلظة وقسوة ، واحتقاراً وجفوة ، ونظرت فلم أرهم أهلاً لأن يُدنَوا لشركهم ، ولا أن يقصوا ويجفوا لعهدهم ، فالبس لهم جلباباً من اللين تشوبه بطرف من الشدة ، وداول لهم بين القسوة والرأفة ، وامزج لهم بين التقريب والإدناء ، والإبعاد والإقصاء إن شاء الله.
يمكن النظر في كتاب أسمى المطالب في سيرة علي بن أبي طالب رضي الله عنه شخصيته وعصره
على الموقع الرسمي للدكتور علي محمّد الصّلابيّ
http://alsallabi.com/s2/_lib/file/doc/Book161C.pdf