تعزية بوفاة المفكر والفقيه القانوني المصري المستشار طارق البشري (رحمه الله تعالى)
قال تعالى: 《كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ》
وفاة المستشار طارق البشري، عن عمر ناهز 88 عاما متأثرا بفيروس كورونا.
البشري مفكر ومؤرخ، وأحد أبرز القانونين المصريين المعاصرين... رحمه الله تعالى.
وإنا لله وإنا إليه راجعون.
نشأ البشري في أسرة علم وقضاء وأدب، وقد شكلت فتاواه القانونية مرجعا للقضاة والباحثين في فهم النصوص واستنباط الأحكام، وانشغل بالقانون وكتب في الفكر الإسلامي الذي تحول إليه بعد نكسة 1967.
- سيرته الذاتية:
ولد أول نوفمبر/ تشرين الثاني 1933 في حي الحلمية بمدينة القاهرة في أسرة البشري التي ترجع إلى محلة بشر بمركز شبراخيت بمحافظة البحيرة شمال القاهرة.
وكما قلنا عرف عن أسرته اشتغال رجالها بالعلم الديني والقانون، إذ تولى جده لأبيه سليم البشري، شيخ السادة المالكية بمصر- شياخة الأزهر، وكان والده المستشار عبد الفتاح البشري رئيس محكمة الاستئناف حتى وفاته سنة 1951، كما أن عمه عبد العزيز البشري أديب.
تخرج في كلية الحقوق بجامعة القاهرة سنة 1953 التي درس فيها على كبار فقهاء القانون والشريعة مثل عبد الوهاب خلاف وعلي الخفيف ومحمد أبي زهرة، عين بعدها بمجلس الدولة واستمر به حتى تقاعده سنة 1998 من منصب نائب أول لمجلس الدولة ورئيس الجمعية العمومية للفتوى والتشريع.
بدأ تحوله إلى الفكر الإسلامي بعد هزيمة 1967م وكانت مقالته "رحلة التجديد في التشريع الإسلامي" أول ما كتبه بهذا الاتجاه، وهو لا يزال يكتب إلى يومنا هذا في القانون والتاريخ والفكر.
أبرز مؤلفاته الحركة السياسية في مصر 1945-1952، والديمقراطية ونظام 23 يوليو 1952، والمسلمون والأقباط في إطار الجماعة الوطنية، وبين الإسلام والعروبة، ومنهج النظر في النظم السياسية المعاصرة لبلدان العالم الإسلامي.
وفي عام 2006 أصدر كتابا بعنوان "مصر بين العصيان والتفكك" وهو عبارة عن عدة مقالات صدرت له واعتبر فيها أن العصيان المدني فعل إيجابي يلتزم عدم العنف، ويقوم على تصميم المحكومين أن "ينزعوا غطاء الشرعية تماما" عن "حاكم فقد شرعيته فعلا" منذ زمن.
شغل منصب النائب الأول لرئيس مجلس الدولة، ورئيسا للجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع عدة سنوات، وترك ذخيرة من الفتاوى والآراء الاستشارية التي تميزت بالعمق والتحليل والتأصيل القانوني الشديد.
كما تميزت بإحكام الصياغة القانونية، ولا تزال تلك الفتاوى إلى الآن تعين كلا من الإدارة والقضاة والمشتغلين بالقانون بشكل عام على تفهم الموضوعات المعروضة عليهم.
وقد نعاه مثقفون وسياسيون بارزون عبر منصات التواصل، مؤكدين فقد مصر أحد أبرز مؤرخيها ومفكريها المعروفين بالحكمة.
نعزي رجال الفكر والقانون ونعزي أهلنا في مصر والعالم الإسلامي وذوي الفقيد ونسأل الله أن يغفر له ويتغمده في واسع رحمته ويسكنه فسيح جناته.
وإنا لله وإنا إليه راجعون ولا حول ولا قوة الا بالله.
د. علي محمد الصلابي
يوم الجمعة
14 رجب 1442ه
26 فبراير 2021م