(الإمداد المصري بالسلاح للثوار الجزائريين)
من كتاب كفاح الشعب الجزائري ضد الاحتلال الفرنسي(ج3):
الحلقة: 331
بقلم: د.علي محمد الصلابي
صفر 1444ه/ سبتمبر 2022م
أول شحنة سلاح جاءت من مصر قدرت بحوالي 8000 جنيه، وتم تمريرها عن طريق ليبيا، وكانت أول صفقة سلاح من أوروبا الشرقية بتمويل مصري حوالي مليون دولار، ومعظم الأموال 75% التي كانت تقدمها جامعة الدول العربية للثورة الجزائرية والمقدرة 12 مليون جنيه سنوياً كانت تأتي من مصر، وأهم التدريبات العسكرية الفعالة لجيش التحرير الوطني خارج الجزائر كانت تتم بمصر.(1)
كان التنسيق بين أحمد بن بلة وفتحي الديب مندوب المخابرات المصرية على مستوى عال جداً، للبحث في الوسائل والطرق التي تكفل توفير السلاح والذخائر للثوار الجزائريين. كانت الخطة المسطرة هي استعمال كل الطرق للحصول على الأسلحة، فكانت تشترى من المهربين الدوليين عن طريق مصر، وهم يقومون بعد ذلك بإيصالها إلى أماكن محددة داخل التراب الجزائري، وفي حالة فشل عملية من عمليات الشراء يتم تزويد الثوار بالأسلحة من مخازن الجيش المصري.(2)
وكان الترتيب مع السلطات الليبية لمرور السلاح من خلالها إلى الجزائر على قدم وساق إلى جانب الطريق البحري، حيث كانت الأسلحة والمؤونة الحربية تصل إلى الجزائر بإستعمال السفن المصرية من جهة، وكذلك تأجير سفن أجنبية إذا اقتضت الضرورة لذلك، وكانت عمليات إمداد جيش التحرير بالاسلحة في بداية الأمر تتم بواسطة السفن المصرية، إلا أن القيادة المصرية استبعدت قضية شحن السفن المصرية لما لها من تأثير سلبي على سمعة مصر إقليمياً ودولياً في حالة اكتشافها من طرف السلطات الاستعمارية، وفي مارس 1955م تم شحن «اليخت دينا» بالسلاح إلى المجاهدين الجزائريين بعد أن تم تأجيرها من طرف مصر.
ومن السفن الأجنبية التي اشتهرت بحمل السلاح إلى الثورة الجزائرية إلى جانب اليخت دينا هناك اليخت «نمو»، واليخت «جودهوب»، هذا الأخير هو الذي تمت بواسطته إيصال الأسلحة إلى الجبهة الغربية الجزائرية.
هذا إلى جانب السفينة الشهيرة «اتوس» التي كانت محملة بالسلاح في اتجاه الجزائر، لكن الفرنسيين اكتشفوا أمرها وهذا ما دفعهم إلى تقديم شكوى شديدة اللهجة إلى مجلس الأمن ضد الحكومة المصرية.
لم يتوقف الدعم العسكري المصري للجزائر بعد هذه الحادثة بل واصل المصريون عملية إمداد السلاح، وهو الأمر الذي دفع بفرنسا إلى المشاركة في العدوان الثلاثي على مصر، إلى جانب كل من مصر وإسرائيل، خاصة بعد إعلان الرئيس جمال عبد الناصر تأميم القناة.(3)
تواصلت عمليات تهريب السلاح ولم تنقطع خلال ليبيا عن طريق التنسيق مع سلطاتها وبعض رجال الأعمال الليبيين الذين لهم خبرة في تهريب الأسلحة، وكللت هذه العمليات بوصول دفعة من الأسلحة استلمها المناضل علي مهساس في شهر فيفري 1957م، وأمّن وصولها إلى الولايات الشرقية بالجزائر.(4)
ولم ينحصر الدعم العسكري على الأسلحة التي فاقت فيه مصر كل تصور، وكان الرئيس عبد الناصر باراً بوعده في وقوفه مع ثوار الجزائر، بل كانت القاهرة مركزاً لتدريب الجزائريين على حرب العصابات ثم إيفادهم إلى الجزائر للالتحاق بالثورة، ولم يتوقف الدعم العسكري واستمر عبر الحدود الشرقية الجزائرية وخضعت فرنسا للأمر الواقع وامنت تحت الضغط بحتمية الثورة الجزائرية.(5)
مراجع الحلقة الحلقة الواحدة والثلاثون بعد الثلاثمائة:
(1) إسماعيل دبش، السياسة العربية والمواقف الدولية ص 71.
(2) مريم صغير، مواقف الدول العربية من القضية الجزائرية، ص 203.
(3) المصدر نفسه ص 205.
(4) الطاهر جبلي، الإمداد بالسلاح ص 333.
(5) مريم صغير، مواقف الدول العربية ص 206.
يمكنكم تحميل كتب كفاح الشعب الجزائري ضد الاحتلال الفرنسي من موقع د.علي محمَّد الصَّلابي
الجزء الأول: تاريخ الجزائر إلى ما قبل الحرب العالمية الأولى
alsallabi.com/uploads/file/doc/kitab.PDF
الجزء الثاني: كفاح الشعب الجزائري ضد الاحتلال الفرنسي وسيرة الزعيم عبد الحميد بن باديس
alsallabi.com/uploads/file/doc/BookC135.pdf
الجزء الثالث: كفاح الشعب الجزائري ضد الاحتلال الفرنسي من الحرب العالمية الثانية إلى الاستقلال وسيرة الإمام محمد البشير الإبراهيمي
alsallabi.com/uploads/file/doc/BookC136(1).pdf
كما يمكنكم الإطلاع على كتب ومقالات الدكتور علي محمد الصلابي من خلال الموقع التالي: