الأربعاء

1446-11-02

|

2025-4-30

(نص اتفاقيات إيفيان)

من كتاب كفاح الشعب الجزائري ضد الاحتلال الفرنسي(ج3):

الحلقة: 385

بقلم: د. علي محمد الصلابي

جمادى الآخرة 1444ه/ يناير 2023م

 

وفيما يلي محتوى الاتفاقيات التي وقع ضبطها بين الجانب الجزائري والجانب الفرنسي، والتي ستصبح نافذة بعد الاستقلال، والتي أبرمتها الحكومة المؤقتة مع الحكومة الفرنسية، وهذا هو النص الكامل لتلك الاتفاقيات:

«إن المحادثات التي جرت بإيفيان من 7 إلى 18 مارس 1962م بين حكومة الجمهورية الفرنسية والحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية انتهت إلى النتيجة التالية:

أبرم اتفاق لوقف القتال وسيوضع حد للعمليات العسكرية وللكفاح المسلح في مجموع التراب الجزائري يوم 19 مارس 1962م في منتصف النهار.

إن الضمانات الخاصة بتطبيق تقرير المصير وتنظيم السلطة العمومية بالجزائر أثناء الفترة الانتقالية قد حددت باتفاق مشترك.

ونظراً إلى أن تكوين دولة مستقلة وذات سيادة على إثر تقرير المصير بتلاءم مع الواقع الجزائري، ونظراً إلىأن التعاون بين فرنسا والجزائر يتجاوب في هذه الحال مع مصالح القطرين ؛ فإن الحكومة الفرنسية تعتبر بالاشتراك مع الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية بأن حل استقلال الجزائر بالتعاون مع فرنسا هو الحل الذي ينسجم مع هذا الوضع.

إن الحكومة الفرنسية والحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية اتفقتا تبعاً لذلك على تحديد هذا الحل في التصريحات التي ستعرض على موافقة الناخبين أثناء اقتراع تقرير المصير.

تنظيم السلطات العمومية:

أثناء الفترة الانتقالية وضمانات تقرير المصير:

1 ـ ستسمح الاستشارة حول تقرير المصير للناخبين بأن يعلنوا هل أنهم يريدون الجزائر مستقلة؟، وفي هذه الحال هل يريدون أن تتعاون فرنسا والجزائر في ظروف تضبطها التصريحات الحالية؟.

2 ـ تجري هذه الاستشارة بعموم التراب الجزائري، أي: في المقاطعات الخمس عشرة التالية: العاصمة الجزائرية ـ باتنة، عنابة، قسنطينة، المدية، مستغانم، الواحات، وهران، الأصنام، سعيدة، ساورة، سطيف، تيارت، تيزي وزو، تلمسان.

3 ـ تكون حرية الاستشارة وصدقها مضمونين وفقاً للقانون الذي يضبط ظروف استشارة تقرير المصير.

4 ـ يكون تنظيم السلطات العمومية حتى إنجاز تقرير المصير مقاماً، ووفقاً للقانون المرفق للتصريح الحالي تحدث سلطة تنفيذية مؤقتة ومحكمة للنظام العمومي، ويمثل الجمهورية الفرنسية في الجزائر مندوب سام، وتنتصب هذه المؤسسات وخاصة السلطة التنفيذية المؤقتة فور دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ.

5 ـ يكون المندوب السامي الممثل لسلطة الجمهورية الفرنسية لا سيما في ميدان الدفاع والأمن وحفظ النظام بوصفه صاحب الكلمة عند الضرورة القصوى ـ أي: عندما تطلب منه ذلك الهيئة التنفيذية.

6 ـ تكلف السلطة التنفيذية المؤقتة خاصة:

ـ بالتصرف في الشؤون العامة التي تهم الجزائر وتسهر على تسيير إدارة الجزائر وترجع لها مهمة إدخال الجزائريين إلى مختلف هذه الإدارة.

ـ وبحفظ الأمن العام، وتكون لها لهذه الغاية مصالح شرطة وقوة أمن توضع تحت نفوذها.

ـ وبإعداد تقرير المصير وتنفيذه.

7 ـ تتألف محكمة النظام العام من عدد متساو من حكام أوربيين وحكام مسلمين (عرب).

8 ـ تعاد في أقرب الاجال ممارسة الحريات الفردية والحريات العامة بصفة مطلقة.

9 ـ تعتبر جبهة التحرير الوطني تشكيلة سياسية ذات طابع شرعي (قانوني).

10 ـ يفرج عن المعتقلين سواء بفرنسا أو بالجزائر في أجل أقصاه عشرون يوماً ابتداء من وقف إطلاق النار.

11 ـ يعلن فوراً عن العفو ويفرج عن الأشخاص المعتقلين.

12 ـ الأشخاص اللاجئون بالخارج يمكنهم أن يعودوا إلى الجزائر، وستتولى لجان تنتصب في المغرب وتونس لتسهيل هذه العودة.

ـ الأشخاص الذين وقع جمعهم يمكنهم أن يعودوا إلى مكان سكناهم الاعتيادي.

ـ السلطة التنفيذية المؤقتة تتخذ التدابير الاجتماعية والاقتصادية وغيرها الرامية إلى ضمان عودة هؤلاء السكان إلى الحياة العادية.

13 ـ الاقتراع على تقرير المصير يجري في أجل أدناه ثلاثة أشهر وأقصاه ستة أشهر، وسيضبط التاريخ باقتراح من السلطة التنفيذية المؤقتة في بحر الشهرين الموالين لانتصابها.

الاستقلال والتعاون:

إذا وقع اختيار على الاستقلال والتعاون فإن فحوى التصريحات التالية يكون ملزماً للدولة الجزائرية.

أ ـ استقلال الجزائر:

1 ـ الدولة الجزائرية تمارس سيادتها المطلقة والتامة في الداخل والخارج. وتمارس هذه السيادة في كل الميادين وبالخصوص في الدفاع الوطني والشؤون الخارجية.

تتخذ الدولة الجزائرية لنفسها بكامل الحرية مؤسساتها الخاصة، وتختار النظام السياسي والاجتماعي الذي تراه الأكثر ملاءمة لمصالحها، وفي الميدان الدولي تختار وتنفذ بكامل السيادة السياسية التي تختارها.

تصادق الدولة الجزائرية بدون تحفظ على التصريح العالمي لحقوق الإنسان، وتقيم مؤسساتها على مبادأئ ديمقراطية وعلى التساوي في الحقوق السياسية بين كل المواطنين دون ميز في الجنس أو الأصل أو الدين. وتطبق خاصة الضمانات المعترف بها للمواطنين من ذوي الحالة المدنية الفرنسية.

2 ـ حقوق الأشخاص وحرياتهم وضماناتها:

ـ تراتيب مشتركة:

لا يمكن أن يستهدف أي شخص لتدابير الشرطة أو العدالة أو عقوبات زجرية أو أي تمييز مهما كان بسبب أفكار عبر عنها بمناسبة الحوادث التي جدت بالجزائر أو أعمال ارتكبها بمناسبة هذه الحوادث نفسها قبل يوم الإعلان عن وقف القتال.

ولا يمكن لأي جزائري أن يجبر على مبارحة التراب الجزائري أو أن يمنع من الخروج منه.

أحكام تخص المواطنين الفرنسيين ذوي النظام المدني من الحق العام:

1 ـ نظم الوضع القانوني للمواطنين الفرنسيين ذوي النظام المدني للحق العام في نطاق التشريع الجزائري الخاص بالنسبة للجنسية الجزائرية حسب:

ـ طوال مدة ثلاث سنوات ابتداء من تاريخ تقرير المصير يستطيع المواطنون الفرنسيون ذوو النظام المدني للحق العام المبادأئ التالية:

ـ إذا كانوا مولودين بالجزائر، ومقيمين بها منذ عشر سنوات إقامة عادية منتظمة حتى يوم تقرير المصير.

ـ وإذا كانوا مقيمين بالجزائر منذ عشر سنوات إقامة عادية منتظمة حتى يوم تقرير المصير، وكان أحد والديهم مولوداً بالجزائر ومتمتعاً أو في استطاعته التمتع بالشروط المطلوبة لممارسة حقوق المواطنة.

ـ أو كانوا مقيمين بالجزائر منذ عشرين سنة إقامة عادية، ومنتظمة حتى يوم تقرير المصير.

ـ يستطيع هؤلاء التمتع بالحق الكامل في حقوق المواطنة الجزائرية ويعتبرون بذلك رعايا فرنسيين ممارسين لحقوق المواطنة الجزائرية. وإن التابعين الفرنسيين الممارسين لحقوق المواطنة الجزائرية لا يمكنهم في الوقت نفسه ممارسة حقوق المواطنية الفرنسية.

وبانتهاء أجل السنوات الثلاث المشار إليه يحصلون على الجنسية الجزائرية بواسطة مطلب تسجيل أو مطلب تأكيد لتسجيلهم في القائمات الاتحادية، وفي حالة عدم تقديمهم هذا المطلب يقبل تمتعهم باتفاقية الاستيطان.

2 ـ حفظاً وضماناً لحماية الأشخاص والأملاك والمشاركة النظامية في حياة الجزائر خلال السنوات الثلاث بالنسبة للتابعين الفرنسيين الممارسين لحقوق المواطنية الجزائرية، وبالنسبة للجزائريين ذوي النظام المدني الفرنسي بعد انقضاء هذا الأجل تقررت التدابير التالية:

ـ تتاح لهم مساهمة عادلة وحقيقية في الشؤون العامة، فيكون تمثيلهم في المجالس مناسباً لقيمتهم العددية الفعلية، وتضمن لهم مشاركة عادلة في مختلف فروع الوظيفة العمومية.

ـ وتضبط مساهمتهم في الحياة البلدية بمدينتي الجزائر ووهران في أحكام خاصة. وتحترم حقوق ملكيتهم فلا تتخذ أي إجراءات انتزاع ملكية ضدهم بدون تقديم التعويض العادل الذي يتم تحديده مسبقاً.

ـ يتلقون الضمانات الملائمة لميزاتهم الثقافية واللغوية والدينية، ويحافظون على نظام حالتهم الشخصية الذي يحترم وينفذ من قبل المجالس العدلية الجزائرية المشتملة على قضاة منتسبين لنفس النظام. ويستعملون اللغة الفرنسية داخل المجالس وفي علاقاتهم مع السلطات العمومية، وستساهم جمعية صيانة حقوقهم في حماية هذه الحقوق المضمونة لهم، وستقوم محكمة الضمانات وهي مؤسسة من مشمولات القانون الجزائري الداخلي بالسهر على احترام هذه الحقوق.

ب ـ العلاقات بين فرنسا والجزائر:

العلاقات بين البلدين تقوم على الاحترام المتبادل لاستقلالهما وعلى تبادل المصالح والمزايا بين الجانبين. فالجزائر تضمن مصالح فرنسا والحقوق المكتسبة فيما يتعلق بالشخصيات المادية والمعنوية حسب الشروط المحددة في هذه البيانات. وفي مقابل هذا تمنح فرنسا للجزائر إعانتها الفنية والثقافية وتقدم إعانة مالية ممتازة لفائدة تطورها الاقتصادي والاجتماعي.

1 ـ الإعانة الفرنسية محددة لمدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد، وسيحدد مبلغها حسب الظروف وحسب مستوى يماثل مستوى المشاريع الجارية. وسيحدد البلدان في نطاق احترام الاستقلال التجاري والجمركي للجزائر مختلف الميادين التي تتمتع فيها المبادلات التجارية بنظام امتيازي.

وستكون الجزائر داخلة في منطقة الفرنك، ستكون لها عملتها الخاصة وخزينة العملة الصعبة الخاصة بها، وستكون بين الجزائر وفرنسا حرية تحويل الأموال حسب شروط تتلاءم مع التطور الاقتصادي والاجتماعي للجزائر.

2 ـ في مقاطعتي الواحات والصاورا يتم استثمار ثروات ما تحت الأرض حسب المبادأئ التالية:

1 ًـ التعاون الفرنسي الجزائري يتضمن إنشاء جهاز فني للتعاون الصحراوي يمثل فيه الجانبان بنسبة متساوية، ودور هذا الجهاز على الأخص هو تطوير الشبكات اللازمة لاستثمار ما تحت الأرض، وإبداء رأيه في مشاريع القوانين والتنظيمات ذات الصبغة المنجمية، ودراسة المطالب المتعلقة بإعطاء رخصة تنقيب. لكن الدولة الجزائرية هي التي تمنح رخص التنقيب، وهي التي تملي وتحدد التشريع المنجمي في نطاق السيادة الكاملة.

2 ًـ المصالح الفرنسية تكون مضمونة على الأخص بواسطة:

أ ـ ممارسة الحقوق المتعلقة بالرخص المنجمية التي منحتها فرنسا حسب قوانين التشريع البترولي الصحراوي كما يوجد حالياً.

ب ـ في حالة ما إذا كانت العروض متساوية، ستعطى الأولية للشركات الفرنسية فيما يتعلق بإعطاء الرخص الجديدة حسب الإجراءات التي ينص عليها التشريع المنجمي الجزائري.

ـ الدفع يقع بالفرنك الفرنسي فيما يخص الوقود الصحراوي المعين لسد حاجات الاستهلاك الداخلي الفرنسي والبلدان الأخرى التي تنتمي لمنطقة الفرنك.

ج ـ فرنسا والجزائر ستطوران علاقاتهما الثقافية: كل بلد يستطيع أن ينشأئ فوق تراب الاخر ديواناً جامعياً وثقافياً يكون مفتوحاً للجميع.

وستقدم فرنسا إعاناتها لتكوين الفنيين الجزائريين، وسيوضع فرنسيون وخصوصاً المعلمون والفنيون تحت تصرف الحكومة الجزائرية بواسطة اتفاق بين البلدين.

تسوية المسائل العسكرية:

فيما إذا ما تمت المصادقة على حل استقلال الجزائر والتعاون بين الجزائر وفرنسا ستسوى المسائل العسكرية حسب المبادأئ الاتية:

ـ القوات الفرنسية التي سيخفض عددها تدريجياً إبتداءً من إيقاف القتال، ستنسحب من الحدود الجزائرية في وقت ممارسة تقرير المصير، وسينخفض عددها إلى ثمانين ألف جندي في ظرف اثني عشر شهراً، ابتداءً من تقرير المصير، وعودة هذه القوات إلى وطنها يجب أن يتم في ظرف أجل ثانٍ يمتد على أربعة وعشرين شهراً. وسيقع الجلاء عن المنشات العسكرية بنفس التدريج.

ـ الجزائر تسوغ لفرنسا استعمال قاعدة المرسى الكبير لمدة 15 عاماً قابلة للتجديد باتفاق بين البلدين.

ـ كما ستسوغ الجزائر لفرنسا استعمال بعض المطارات والميادين والمنشات العسكرية التي هي ضرورية لها.

تسوية الخلافات:

فرنسا والجزائر تسويان مختلف الخلافات التي تنجم بينهما بوسائل التسوية السلمية، وسيلجان إلى وسائل التسوية السلمية سواء بواسطة التصالح أو التحكيم، وفيما إذا لم يتم الاتفاق على هذه الإجراءات يستطيع كلٌّ من الطرفين أن يتوجه مباشرة إلى محكمة العدل الدولية.

عواقب تقرير المصير:

بمجرد الإعلان الرسمي المنصوص في المادة 27 من قانون تقرير المصير يبدأ تنفيذ الأعمال المنصوص عليها:

وفيما إذا ما تمت المصادقة على حل الاستقلال والتعاون:

ـ استقلال الجزائر يقع الاعتراف به حالاً من طرف فرنسا.

ـ تحويل الصلاحيات يتم في الحين.

ـ القوانين المنصوص عليها في التصريح العام والتصريحات التي ستلحق بها ستصبح نافذة المفعول في نفس الوقت.

ـ الهيئة التنفيذية المؤقتة تنظم في ظرف ثلاثة أسابيع بعد استفتاء الانتخابات لتعيين المجلس الوطني الجزائري الذي ستحول له سلطاتها.

وهكذا بعد سبع أعوام وستة أشهر من كفاح مرير، وجهود مضنية، وعذاب أليم، تحمّله شعب مجاهد صبور تم الاعتراف بالاستقلال. وأمضيت معاهدة الشرف والفخار (1).

 

مراجع الحلقة الخامسة والثمانون بعد الثلاثمائة:

(1) أحمد توفيق المدني، حياة كفاح (3/806 إلى 816).

 

 

يمكنكم تحميل كتب كفاح الشعب الجزائري ضد الاحتلال الفرنسي من موقع د.علي محمَّد الصَّلابي

الجزء الأول: تاريخ الجزائر إلى ما قبل الحرب العالمية الأولى

http://www.alsallabi.com/salabibooksOnePage/21

الجزء الثاني: كفاح الشعب الجزائري ضد الاحتلال الفرنسي وسيرة الزعيم عبد الحميد بن باديس

http://www.alsallabi.com/salabibooksOnePage/22

الجزء الثالث: كفاح الشعب الجزائري ضد الاحتلال الفرنسي من الحرب العالمية الثانية إلى الاستقلال وسيرة الإمام محمد البشير الإبراهيمي

http://www.alsallabi.com/salabibooksOnePage/23

كما يمكنكم الإطلاع على كتب ومقالات الدكتور علي محمد الصلابي من خلال الموقع التالي:

http://alsallabi.com


مقالات ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة © 2022