(إجراء استفتاء تقرير المصير في الجزائر)
من كتاب كفاح الشعب الجزائري ضد الاحتلال الفرنسي(ج3):
الحلقة: 389
بقلم: د.علي محمد الصلابي
رجب 1444ه/ فبراير 2023م
يوم 8 يناير 1961م استُفتِيَ الشعب الفرنسي في مشروع قانون يسمح لرئيس الجمهورية باستشارة الشعب الجزائري عن مصيره السياسي في علاقته بفرنسا، ويسمح له باتِّخاذ المراسيم اللازمة لتطبيق استفتاء تقرير المصير وتنظيم السلطات حتى الاستفتاء.
نتائج الاستفتاء كانت لصالح الموافقين فهي كما يلي:
عدد الناخبين المسجلين 233،520،23.
عدد المصوتين 913،986،23.
عدد الأصوات المعبَّر عنها 444،265،23.
عدد المصوتين بنعم 669،447،17.
عدد المصوتين بلا 775،817،5.
بمقتضى القانون الملحق بسؤال الاستفتاء والصادر يوم 14 يناير 1961م تمكنت الحكومة الفرنسية من اتخاذ مرسومين يوم 19 مارس 1962م، مرسوم ينظم استفتاء تقرير المصير بالجزائر ومرسوم ينظِّم السلطات العمومية الانتقالية.
ـ أما استفتاء 8 أفريل 1962م في فرنسا فقد طلب من الفرنسيين أن يوافقوا على محتوى اتفاقيات إيفيان وعلى كيفية تطبيقها بمراسيم، فكانت النتائج لصالح الموافقين فهي كالتالي:
عدد الناخبين المسجلين 072،582،27.
عدد المصوتين 404،779،20.
عدد الأصوات المعبر عنها 497،675،19.
عدد المصوتين بنعم 423،866،17.
عدد المصوتين بلا 074،809،1.
ـ بعد استشارة الحكومة الجزائرية والحكومة الفرنسية، حدَّدت الهيئة التنفيذية تاريخ إجراء الاستفتاء وهو أول جويليه 1962م. رُسِّمَ هذا التاريخ في لقاء تم بين Louis Joxe وزير دولة مكلف بالشؤون الجزائرية وسعد دحلب وزير الخارجية في الحكومة الجزائرية.
ـ سيطرت جبهة التحرير الوطني على الحملة المتعلقة بالاستفتاء، فأشرفت على مهرجانات في كل مكان، مهرجانات أكدت فيها على أهمية النصر المحقق، وعلى جسامة تضحيات الشعب، ونبَّهت إلى ضرورة اليقظة لأنَّ أعداء الاستقلال ما زالوا يناورون؟
هناك تيارات سياسية شاركت في الحملة ولو بحجم هامشيّ، نجد فيها شيوعيين جزائريين، ومناضلين من الحزب الاشتراكي الفرنسي SFIO، والحزب الاشتراكي الموحَّد ( PSU )، والحركة الجمهورية الشعبية ( NRP )، واللجنة الليبيرالية من أجل جزائر جديدة، لكنَّ هذه التيارات غابت عن الساحة السياسية بعد الاستقلال.
يوم 8 جوان 1962م، تدخل الرئيس ديغول بخطاب موجَّه إلى الشعب الفرنسي وإلى الشعب الجزائري يقول فيه على الخصوص:
«بعد 23 يوماً سيصادق الشعب الجزائري من خلال الاستفتاء على اتفاقيات إيفيان، وسيُرَسِّم الاستقلال والتعاون (مع فرنسا) كما فعل الشعب الفرنسي عن طريق استفتاء 8 أفريل 1962، فهكذا تجاوزاً لكل الأزمات ولكل المشاعر الحماسية ستُفتَح مرحلة جديدة من العلاقات بين الجزائر وفرنسا، وسيُفتح فصل جديد لانتصارهما وذلك نتيجة لقرار حر واتفاق معقول بين الشعبين...».
إن السؤال الذي طُرِحَ على الشعب الجزائري في الاستفتاء جاء كما يلي:
«هل تريدون أن تُصبِح الجزائر دولة مستقلة متعاونة مع فرنسا في إطار الشروط التي حدَّدتها تصريحات 19 مارس 1962م؟».
نتائج الاستفتاء كانت كالتالي:
عدد الناخبين المسجَّلين 736،549،6.
عدد المصوتين 680،017،6.
عدد الأصوات المعبَّر عنها 115،992،5.
عدد المصوتين بنعم 581،975،5.
عدد المصوِّتين بلا 534،16.
فهكذا صوَّتت الأغلبية الساحقة من الشعب الجزائري على الاستقلال.
قد وقَّع على هذه النتائج أعضاء اللجنة الوطنية للمراقبة وهم:
الرئيس: قدّور ساطور.
والأعضاء: الهادي مصطفاي ـ عمار بن تومي ـ Alexander Chaulet ـ عبد اللطيف رحَّال ـ Jean Guyot ـ أحمد هنّي.
أُعلنت النتائج الرسمية يوم 3 جويليه 1962م، في اليوم نفسه وجَّه الرئيس ديغول رسالة إلى رئيس الهيئة التنفيذية عبد الرحمن فارس، وذلك بواسطة المحافظ السامي Christian Fouchet، تؤكد هذه الرسالة أن فرنسا سجلت نتائج استفتاء أول جويليه 1962م وتطبيق تصريحات 19 مارس 1962م، فاعترفت باستقلال الجزائر، وتضيف هذه الرسالة أنَّ الصلاحيات المتعلقة بالسيادة في الجزائر حُوِّلَت منذ اليوم إلى الهيئة التنفيذية المؤقتة بالجزائر.
أفاد عبد الرحمن فارس باستلام رسالة الرئيس ديغول، وسجَّل الاعتراف الرسمي باستقلال الجزائر من طرف الجمهورية الفرنسية، وصرَّح بأنه استلم الصلاحيات المنوطة بالسيادة في التراب الجزائري.
ـ يوم 3 جويليه 1962م أُنزِلَ العَلَم الفرنسي من طرف جنود فرنسيين في ساحة ( Rocher Noir ) (بومرداس)، ورُفِعَ مكانة العَلَم الجزائري من طرف شاب من الكشافة الإسلامية الجزائرية ومجاهد من المجاهدين.
ـ في اليوم نفسه أي يوم 3 جويليه 1962 فُتِحَت الحدود الجزائرية التونسية والحدود الجزائرية المغربية فرجع الاف اللاجئين إلى ديارهم.
توجَّه رئيس الحكومة المؤقتة الجزائرية بن يوسف بن خدّة إلى مقر ولاية الجزائر، وهو مصحوب بأعضاء من الحكومة المؤقتة وهم: بلقاسم كريم ومحمد وحُسَين ايت أحمد ولخضر بن طوبال وعبد الحفيظ بوصوف ومحمد يزيد.
وقد كان سكان العاصمة في الموعد فحيَّوهم أحسَن التحية.
ـ قام مجاهدون من الولايات الثانية والثالثة والرابعة والخامسة باستعراض في شوارع العاصمة. فلمَّا وصلوا إلى ساحة الشهداء طلب منهم سكان باب الواد مسيرة في حيهم لتخويف ما تبقَّى من المجرمين التابعين للمنظمة المتطرفة ( OAS ). قطعت وحدات جيش التحرير الوطني حي باب الواد وهي مصحوبة بالمواطنين الهاتفين بحياة الجزائر المستقلة، ثمَّ توجهت إلى سيدي فرج حيث رُفِعَ العَلَم بحضور عدد من المجاهدين الضباط، الذين رجوا من العقيد مُحند أولحاج (مقران أكلي) أن يشرف على مراسيم رفع العَلَم وتحيته، لكبر سنه وتكريماً له (1)
مراجع الحلقة التاسعة والثمانون بعد الثلاثمائة:
(1) الثورة الجزائرية، بوعلام ص 945 إلى 948.