أعمال الوليد الانتقامية
من كتاب الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار (ج2):
الحلقة: 230
بقلم: د. علي محمد الصلابي
شوال 1442 ه/ يونيو 2021
يذكر التاريخ جنايات كثيرة للوليد على الدولة الأموية ، وكان أعظمها إفساده بني عمّيه هشام والوليد والوزراء والولاة واليمانية وهم الدولة ، فقد قام بجلد ابن عمّه سليمان بن هشام وتغريبه إلى عمان لأمور كان ينقمها من أبيه وهو ولي عهده ، وكان سليمان ناشطاً محبوباً معدوداً من أكابر الرجال علماً وسياسة ، ودراية بالحروب ، ومعرفة بحيلها ومكائدها ، واغتصب الوليد بن يزيد جارية لال عمّه ، فكلّمه فيها عمر بن الوليد فأبى ردّها ، فقال له عمر: إذن تكثر الصواهل حول عسكرك.
وأراد البيعة لابنيه الحكم وعثمان ، وكانا غلامين ، وسجن الوزير سعيد بن صهيب لنهيه إيّـاه عن البيعة لابنيـه ، فغضب عليـه وتركه في السجن حتى مـات. وعرض أمر البيعة لابنيه على خالد بن عبد الله القسري ، وكان رأس ولاة الأمويين وشيخ وزرائهم وأعظم قائـد لجند اليمانيـة. فقال: كيف أبايع من لا أصلّي خلفـه ولا أقبل شهادته؟. فقال له قوم من أهله: كيف نقبل شهادة الوليد مع مجونه وفسقه؟ قال: أمره غائب عنِّي ولا أعلمه يقيناً ، وإنما هي أخبار الناس، فاضطغنها عليه الوليد حتى نكبه، ويروى في نكبته أمور؛ منها:
مناهضة خالد لسياسة الوليد كانت السبب المباشر في غضبه عليه؛ فقد رفض المبايعة لابني الوليد بولاية العهد ، ثم تكتم على اليمنية الذين كانوا يخططون لاغتيال الوليد ، ولم يدله عليهم ، لأنه لما أراد الوليد الحج في السنة التي بويع فيها ، شاور خالداً في الخروج ، وكان لا يألوه نصحاً وهو مطلع على ما أجمع عليه زعماء مضر وقضاعة واليمانية من الفتك به. فقال: أخّر الحج العام. فقال: ولم ؟ فأبى أن يكاشفه بما علم اتّقاء الفتنة، فأمر بحبسه وأن يستأدى من أموال العراق أيام كان عليه، ودفعه إلى خاله يوسف بن عمر وكان على العراق، وقبض فيه خمسين مليون درهم، وسار به عمر إلى العراق ومكث في العذاب إلى أن مات قتيلاً سنة 126 هـ.
وكان ال القعقاع يتولون أهمّ الولايات؛ فكان الوليد بن القعقاع على قنسرين، وعبد الملك أخوه على حمص ، فعزلهما ، وعين يزيد بن عمر بن هبيرة ، ودفع إليه ال القعقاع فعذبهم ونكل بهم ، حتى مات الوليد وأخوه عبد الملك في العذاب ورجلان من الهما.
ونظراً إلى هذه الأسباب فقد اضطغن على الوليد ال هشام وال الوليد ابني عبد الملك ، وال القعقاع واليمانية ومضر وألّبوا عليه الأمة. وقد قام الوليد بن يزيد بحملة انتقامية واسعة النطاق شملت كل من عاداه ودعم هشاماً ضده ، فدلل ذلك على ضيق أفقه السياسي ، فلم يحاول طي صفحة الماضي ، أو على الأقل تأجيلها لحين التمكن وإيجاد الموالين والأعوان داخل الدولة ، وقد أدت خطواته الانتقامية إلى تكتل القوى المختلفة ضده واشتراكها بالحركة التي أودت بحياته وخلافته.
يمكنكم تحميل كتاب الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار
من الموقع الرسمي للدكتور علي محمَّد محمَّد الصَّلابي:
الجزء الأول:
http://alsallabi.com/uploads/file/doc/BookC9(1).pdf
الجزء الثاني:
http://alsallabi.com/uploads/file/doc/BookC139.pdf
كما يمكنكم الاطلاع على كتب ومقالات الدكتور علي محمد الصلابي من خلال الموقع التالي:
http://alsallabi.com