الأربعاء

1446-11-02

|

2025-4-30

المسجد الأقصى بعد الفتح العمري للقدس

مختارات من كتاب الأنبياء الملوك (عليهم السلام)

بقلم: د. علي محمد الصلابي

الحلقة (101)

 

تلاحق المسلمون على تعمير المسجد الأقصى وإعماره، ففي عهد الدولة الأموية قام عبد الملك بن مروان بتجديد بناء المسجد الأقصى وتوسيعه، وأكمله ابنُه الوليد بن عبد الملك سنة 72ه، ولم يكن يومئذ على وجه الأرض بناء أحسن ولا أبهى من قبة الصخرة في بيت المقدس.

وينقل صاحب الأنس الجليل عن القرطبي قوله: كان فيه من العُمُد ستمائة عمود من الرخام، وفيه من المحاريب سبعة، ومن السلاسل للقناديل أربعمائة سلسلة إلا خمس عشرة وفيها مائتا سلسلة، وثلاثون سلسلة في المسجد الأقصى، والباقي في قبة الصخرة الشريفة، وذرع السلاسل أربع آلاف ذراع، ووزنها ثلاثة وأربعون ألف رطل بالشامي. وفيه من القناديل خمسة آلاف قنديل، وعلى سطح المسجد من شقف الرصاص سبعة آلاف شقفة وسبعمائة، ووزن الشقفة سبعون رطلاً بالشامي غير الذي على قبة الصخرة.

ورتّب له من الخدم القوام ثلاثمائة خادم، اشتريت له من خمس بيت المال كلما مات واحد قام مكانه ولده أو ولد ولده أو من أهلهم يجري عليهم ذلك أبداً ما تناسلوا. وفيه من الصهاريج أربعة وعشرون صهريجاً كباراً. وفيه من المنابر أربعة، ثلاثة منها صف واحد غربي المسجد وواحد على باب الأسباط.

وتولى بناء الصخرة والمسجد الأقصى رجاء بن حيوة، وأوقف على نفقتها خراج مصر لسبع سنين.

وقد تهدم معظم مسجد الوليد هذا في زلزال وقع في سنة 130ه - 747م، فأعاد بناءه الخليفة المنصور العباسي سنة 140ه، بعد أن اقتلع الذهب عن أبوابه، وضربت دنانير ودراهم للإنفاق على بناء المسجد من جديد. وفي عام 158ه - 774م في عهد الدولة العباسية تهدم البناء الذي أقامه المنصور بسبب زلزال آخر، فأمر الخليفة المهدي بإعادة بنائه؛ فبنى المسجد بعناية كبيرة، وأنفقت عليه أموال طائلة، وأعطى المسجد صورته وحجمه إلى اليوم. ومع ذلك لم يدم طويلاً وتهدم في زلزال وقع أول القرن الثالث الهجري؛ فأمر المأمون بتوزيع بنائه على الأطراف وسائر القواد، وقام بالبناء قائده عبد الله بن طاهر، سنة 210 وما بعدها. وقد زلزل هذا البناء سنة 424ه - 1033م، وأعيد بناؤه في زمن الدولة الفاطمية على يد الخليفة الظاهر لإعزاز دين الله الفاطمي، وقد ذهب جزء كبير من بناء الخليفة الفاطمي أثناء الحروب الصليبية.

مراجع الحلقة:

- الأنبياء الملوك، علي محمد محمد الصلابي، الطبعة الأولى، دار ابن كثير، 2023، ص 481-483.

- داوود وسليمان عليهما السلام في الأسفار اليهودية، مي حسن، ص441.

- بيت المقدس، محمد شرّاب، ص382.

لمزيد من الاطلاع ومراجعة المصادر للمقال انظر:

كتاب الأنبياء الملوك في الموقع الرسمي للشيخ الدكتور علي محمد الصلابي:


مقالات ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة © 2022