الأربعاء

1446-11-02

|

2025-4-30

بنو إسرائيل بعد وفاة سليمان (عليه السلام)

مختارات من كتاب الأنبياء الملوك (عليهم السلام)

بقلم: د. علي محمد الصلابي

الحلقة (104)

 

انقسمت مملكة سليمان بعد وفاته إلى مملكتين: يهوذا في الجنوب وعاصمتها القدس، ومملكة إسرائيل في الشمال وعاصمتها نابلس في الجليل، وكان بين الدولتين عداء وقتال، وكان يحدث في بعض الفتوحات من تاريخهما توافق وتفاوت، وكانت تشن على الدولتين غزوات من قبل جيرانهم، كما أنّ الدولتين وقع حكامهما وشعبهما في عبادة الأصنام في كثير من فترات تاريخهما، وارتكبوا المعاصي والكبائر.

وقد امتلأ عصر المملكتين الذي دام قريباً من ثلاثة قرون ونصف -كما ذكر بعض المؤرخين- بمختلف ألوان الفساد وتردي أكثر أفراد المجتمع الإسرائيلي في الشمال والجنوب في دَرْك الانحطاط، حتى فقد هذا المجتمع أهلية بقائه، وحل عليه غضب الله ولعنته، ووقعت عليه نقمته وعقوباته، وكان أبرزُ معالم انحطاطه شيوعَ الوثنية في كل جنباته. لقد ترك كثير من بني إسرائيل عبادة الله الواحد الأحد الذي يعتبر ركن عقيدتهم الأول، وعظموا أوثان الأقوام والشعوب المحيطة بهم، فعبدوا الشمس والقمر والكواكب، واتخذوا أوثاناً مختلفة من الخشب والشجر والحجر.

لم ينج مجتمع الشمال والجنوب في المملكتين الشمالية والجنوبية وحكامهما من الوقوع في الوثنية، وتردي المجتمع الإسرائيلي في الفحش والرذيلة، فشاع فيه الزنا واللواط، بل وقد وصل الأمر إلى درجة الإباحية القذرة، فكان الأب وابنه يذهبان إلى بيت الصبية الواحدة فيضاجعانها بالحرام.

وانتشرت المظالم في ذلك المجتمع، وشارك فيها الملوك والكهنة والقضاة، فظلموا الفقير واليتيم والأرملة، واعتدوا على النزلاء المقيمين في مجتمعهم من غير بني إسرائيل، وسلب بعضهم أموال بعض، وأخذوا الحقوق من أهلها، وكثر المال في أيدي فئة فاجرة من الناس، وانتشر الرفاه والترف، وشغل الناس بشرب الخمور والملهيات وبناء البيوت الفاخرة، وكانت بيوت الفقراء الحقيرة إلى جانبها.

ولقد فسد كثير من النساء في المجتمع الإسرائيلي، وقام في تلك الفترات، وفي كلا المملكتين أنبياء كرام عليهم السلام من أمثال: إلياس، واليسع، وحزقيال، ودانيال فأرشدوا الناس، وحذّروهم مما وقعوا فيه من الشرك والآثام، وقبائح الأعمال، والمظالم، وترك العمل بشريعة الله، وخوّفوهم من نقمة الله عز وجل، ومن تسليط الشعوب عليهم، وخوّفوهم أيضاً مما وقعوا فيه من الفساد الذي حذرتهم نبوءة التوراة التي نزلت في عهد موسى (عليه السلام)، ولكنهم صمّوا آذانهم عن صيحات الأنبياء، واستمروا في غيّهم ، حتى وقع بهم قضاء الله الذي لا يُرَدّ عن القوم الظالمين، سقط مُلك بني إسرائيل في الأرض المقدسة، وانتهى حكمهم فيها، و سيبقون أذلاء خارجها. وخضعوا للإمبراطوريات الكبرى، البابلية، والفارسية، والإغريقية والرومانية من سنة (586ق.م حتى سنة 135م).

 

مراجع الحلقة:

- الأنبياء الملوك، علي محمد محمد الصلابي، الطبعة الأولى، دار ابن كثير، 2023، ص 490-492.

- سفر عاموس (2/7)، وكلام في اليهود، محمد علي دولة، ص52.

- سفر موسى، (6/ 4- 7)، كلام في اليهود، محمد علي دولة، ص52-54.

لمزيد من الاطلاع ومراجعة المصادر للمقال انظر:

كتاب الأنبياء الملوك في الموقع الرسمي للشيخ الدكتور علي محمد الصلابي:


مقالات ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة © 2022