الإثنين

1446-11-14

|

2025-5-12

إضاءة في كتاب

"إبراهيم خليل الله... داعية التوحيد ودين الإسلام والأسوة الحسنة"

بقلم: د. عَلي محمَّد الصَّلَّابيّ

 

يبحث هذا الكتاب في سيرة شيخ الأنبياء وأبو الأنبياء من بعده خليل الرحمن إبراهيم (عليه السلام)، وهو امتداد لمشروع علمي يتعلق بالدراسة المستفيضة عن أولي العزم من الرسل، وقصص الأنبياء والمرسلين (عليهم السلام) في القرآن الكريم، وهو جزء من موسوعة "نشأة الحضارة الإنسانية وقادتها العِظام"، ويتألف من 864 صفحة، وقد قسمته إلى أربعة فصول، وتمت طباعته عدة طبعات في دار ابن كثير ودار الأصالة ودور نشر أخرى (جزاهم الله خيراً). كما تُرجم الكتاب للغات عالمية مختلفة، مثل الإنجليزية والفرنسية والإسبانية والروسية والبنغالية والإندونيسية...

بحثت في الفصل الأول من الكتاب في نشأة إبراهيم (عليه السّلام) في اسمه ونسبه، ومولده، وعصره، وهجراته، ومكانته، ويحتوي على ثلاثة مباحث. وبيَّنت الحِكمة من توزيع مشاهد قصة إبراهيم (عليه السّلام) في أكثر من سورة، وأن كل مشهد من مشاهد قصة إبراهيم يَصلح أن يكونَ قصةً لوحده، ويُعطي العِبرة المناسبة له، ولهذا جاءت تلك المشاهد موزعة في ثنايا القرآن الكريم وسوره بهذا الشكل، بينما نجد مشاهد قصة يوسف - عليه السّلام - مجموعة في سورة واحدة؛ لأنَّ الأخيرة مشاهد مترابطة، ولا يمكن فصلها عن بعضها حفاظاً على الوحدة الموضوعية للسورة، وكل مشهد من مشاهد قصة إبراهيم (عليه السّلام) جاء بمكانه في السورة التي ذكرته، ومنسجماً مع موضوع السورة وزمان نزولها، كما سنرى في هذا البحث بإذن الله تعالى.

واشتمل الفصل الثاني  على قصة إبراهيم (عليه السّلام) في سور الأنعام ومريم والأنبياء والشعراء والعنكبوت والصافات. ووقفت مع منهجية التدرج التي مارسها إبراهيم (عليه السّلام) من خلال الحوار ومجاراة الخصم، والاستدلال المنطقي، وإعلان الوصول إلى النتيجة.

وذكرت قصة زواج هاجر أم إسماعيل من إبراهيم، والذمة والعهد والرحم لأهل مصر، ومولد إسماعيل في بلاد الشام، ثم هجرة إبراهيم بزوجته هاجر وابنه الرضيع إلى الحجاز وبحثها عن مغيث بعد رحيل إبراهيم (عليه السّلام) بأمر ربه وما حدث من كرامات ومعجزات من نبع ماء زمزم ومجيء جُرهم، وتكرار إبراهيم زيارته لهاجر وإسماعيل ورؤيا ذبح إسماعيل (عليهم السلام).

وبيّنت في هذا الفصل من هو الذبيح، والآيات التي ذكرت إسماعيل - عليه السّلام - وأهم صفاته من صدق ووفاء بالوعود وحرصه على الدعوة والإصلاح ووصفه بالخيرية والنبوة والرسالة والحلم والقوة وأنه مفضل وأنه هبة من الله.

وفي الفصل الثالث، كان الحديث عن حوار إبراهيم مع الملك الظالم، وسؤاله لربه كيف يحيى الموتى، وآيات الولاء والبراء، وضيف إبراهيم عليه السّلام.

وفي الفصل الرابع، تحدثت عن نجاح إبراهيم الخليل في الابتلاء، وإِمامته للناس، وبنائه للكعبة، ودعواته الخاشعة، ووصيته لبنيه بالتمسك بالدين الإسلامي في سورة البقرة، ودعائه المنيب في سورة إبراهيم، ودعوته الناس للحج، وذكرت صُحفه، وخصائصه، وفضائله، وصفاته، وتقاربه الكبير مع نبينا محمد (صلّى الله عليه وسلّم)، ومكانته يوم القيامة، ووفاته، وقبره.

ومن أهم الخلاصات والنتائج في هذا الكتاب:

  • إنَّ تناثر مشاهد قصة إبراهيم (عليه السّلام) هو رمز من رموز دعوة التوحيد، وإفراد الله بالعبادة، ومعلماً من معالم الطريق الحق، فينبغي أن يبقى هذا الرمز الداعي إلى التوحيد، وإلى عبادة الله ومحاربة الشرك والكفر حاضراً في الذهن لا ينساه المسلم أبداً؛ لأنه قدوته ومثَله الأعلى وهذا المعنى قصده القرآن الكريم، حين قال سبحانه: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا} [مريم: 41]، فهذا يُشير إلى أن المعلومات الصحيحة المؤكدة عن إبراهيم الواردة في القرآن الكريم، ولا شك أن ما صحَّ عن نبينا محمد صلّى الله عليه وسلّم من أحاديث صحيحة، بيَّنت جوانب مثيرة من قصة إبراهيم عليه السّلام.
  • إنَّ قصة إبراهيم (عليه السّلام) في القرآن الكريم أصيلة، ولا وجود لها في التوراة، أو في الكتابات الإنجيلية من حيث الدِّقة والصواب، والحقيقة الكاملة البعيدة عن التحريف والتزييف والأباطيل، مما زادها صفاءً ورسوخاً في نسيج الخطاب القرآني المميز الذي {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} [فصلت: 42].
  • تبوأ إبراهيم (عليه السّلام) في الخطاب القرآني مكانة متميزة، فهو الذي قال الله عز وجل فيه: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [النحل: 120]، وقال تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ} [الأنبياء:51]. وقال تعالى: {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ} [الممتحنة: 4]
  • إنَّ إبراهيم (عليه السّلام) هو خليل الرحمن، وهو أبو الأنبياء وباني الكعبة الشريفة، وقد تميز بصفات عظيمة من علمٍ وإخلاصٍ وشجاعةٍ وتضحية وتجرد وصبر وحلم وإنابة وتأوّه ... إلخ، وسيأتي بَيانها حينها إن شاء الله تعالى.
  • إنَّ هذا الكتاب يجعلك، بإذن الله، تعيش مع إبراهيم (عليه السّلام) في فترة شبابه في العراق، وما قام به من جهود عظيمة في مناصرة الحق، ودعوة الناس للتوحيد، وإفراد العبادة لله، وتحمله العظيم، وصبره النادر وتضحيته بالأهل والعشيرة والوطن وهجرته مع زوجته ساره وابن أخيه لوط عليهما السلام.
  • كان خليل الله إبراهيم (عليه السّلام) عَلمٌ من أعلام الدنيا؛ هو شخصية فذة وقامة سامقة، وتجسدت في شخصيته صفات وفضائل عظيمة، وقد جعله الله مهيئاً وأهلاً لحمل رسالة التوحيد والإيمان، ووضع أساس ملة عظيمة واضحة المعالم تصلح لجميع الناس، وللأحوال كافة على مر الدهور، وكل هذا الجهد النبوي والصفات الجليلة عن خليل الله ثابتة بأدلة قطعية الثبوت من كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.

وقد انتهيت من هذا الكتاب يوم الأحد في تمام الساعة العاشرة واثنتين وعشرين دقيقة ليلاً، بتاريخ 2 رجب 1442ه / 14 فبراير 2021م، وكانت ليلة باردة مثلجة تحولت فيها إستانبول إلى قطعة بيضاء من الثلوج، فسبحان الخلاق العليم. وما الفضل إلا لله من قبل ومن بعد، فأسأله سبحانه وتعالى أن يتقبل هذا العمل قبولاً حسناً، وأن يكرمنا برفقة النبيين والصديقين والشهداء والصالحين.

 

والحمد لله رب العالمين

 

كتاب:

إبراهيم خليل الله (عليه السلام): داعية التوحيد ودين الإسلام والأسوة الحسنة

متوفر على الموقع الرسمي للدكتور علي محمد الصلابي على الرابط التالي:

http://www.alsalabi.com/salabibooksOnePage/27

 

 


مقالات ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة © 2022