الأحد

1446-11-20

|

2025-5-18

ما هذا الذي يحدث في بلادي من صمت مريع من الحكومة و عجز من المؤتمر الوطني عن معرفة الجناة الذين يقومون بإغتيال إخواننا من رجال الأمن و الجيش و الشرطة والمواطنين . نريد أن نعرف الحقيقة , هذا الأمر لو كان في بلاد آخرى لسقطت حكومات و لخرجت إحتجاجات و لتحدث أصحاب العلم و الفكر و القلم في ذم هذه الأعمال الإجرامية .

هل هذا عمل إستخباراتي أجنبي لإدخال البلاد في مزيد من الإرت باك و التخبط ؟

هل هو صراع و تصفيات بين قوى سياسية ؟

هل هذت تطرف باسم الدين ؟
و غير ذلك من التساؤلات , نريد من الحكومة و الأجهزة الأمنية أن تبين للشعب الحقيقة , أما الإسلام فإنه بريء من هذه الأعمال الإجرامية. فقتل الأنفس بغير حق أعظم ذنب عصي الله به بعد الشرك سواء كانت هذه النفس معصومة بالإسلام أو معصومة بالعهد .
قال تعالى : (مِنْ أَجْلِ ذَٰلِكَ كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ۚ وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ بَعْدَ ذَٰلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ ) – المائدة :32 –
و قال تعالى : (والَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا* يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا ) [الفرقان:69 ]

و قال تعالى في قتل نفس المؤمن خاصة : (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا ) ] النساء : 93 [
وقتل النفس بغير حق غيلة أشد حرمة و أعظم جرماً و أشد قبحاً و دناءة من قتلها مواجهة و مجاهرة , ولذلك عده بعض أهل العلم من المحاربة , كما ذهب إلى ذلك الإمام مالك و غيره , قال ابن بطال في شرحه على البخاري : قال مالك : الغيلة بمنزلة المحاربة .

وأمر الحدود و القصاص و الدماء من سلطة ولي الأمر من الحكام و السلاطين و الإفتئات على ولي الأمر فيما هو داخل تحت إختصاصه إفتئات على نصوص الشريعة .
و الإغتيالات التي تحدث في بلادي أقرب ما تكون إلى طريقة الحشاشين و القرامطة , و من قرأ تاريخ الحشاشين و القرامطة رأى مدى تلطخهم بدماء المسلمين عموماً و دماء القادة و العلماء خصوصاً بأبشع أشكال الإغتيالات و كان من أول ضحاياهم الوزير السلجوقي نظام الملك , كما شارك الحشاشون في قتل الخلفاء العباسين المسترشد و الراشد و هددوا ملك شاه السلجوقي و صلاح الدين الأيوبي , و جاء في الموسوعة الميسرة : كانت وسيلتهم الإغتيال المنظم , وذلك عن طريق تدريب الأطفال على الطاعة العمياء و الإيمان بكل ما يلقى إليهم , و عندما يشتد ساعدهم يدربونهم على الأسلحة المعروفة و لا سيما الخناجر و يعلموهم الإختفاء و السرية , وأن يقتل الفدائي نفسه قبل أن يبوح بكلمة واحدة من اسرارهم , و بذلك أعدوا طائفة الفدائيين التي أفزعوا بها العالم الإسلامي آنذاك .
و لكثرة ما قام به الحشاشون من إغتيالات و جرائم أصبحت كلمة حشاش أسماً شائعاً في معظم اللغات الأوربية و تعني القاتل لأهداف سياسية و دينية متعصبة أو بمعنى القاتل المحترف و المأجور أو بالتحديد الذي يقتل خلسة أو غدراً , و غالباً ما يكون الضحية شخصية عامة و هدفه التعصب أو الجشع .

إن الغدر و الخيانة مما نصت الأدلة على تحريمهما
قال تعالى : ( إن الله لا يحب الخائنين )
و قال تعالى : ( و أن الله لا يهدي كيد الخائنين )
و قال تعالى : ( و لا تكن للخائنين خصيما )
و عن عبد الله بن مسعود قال : (قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : لكل غادر لواء يوم القيامة يقال هذه غدرة فلان ).
و الغدر خلق ذميم تأباه الأخلاق الإسلامية و الشيم الإنسانية .

و حينما سأل هرقل أبا سفيان عن سيرة النبي صلى الله عليه و سلم و أخلاقه قال له : فهل قاتلتموه ؟ قال أبو سفيان : قلت : نعم . قال : فكيف كان قتالكم إياه ؟ قال : قلت : تكون الحرب بيننا و بينه سجالاً , يصيب منا و نصيب منه . قال : فهل يغدر ؟ قلت : لا , ثم قال هرقل و سألتك : هل يغدر ؟ فزعمت أن لا و كذلك الرسل لا تغدر .

و كم أوقع الغدر في المهالك من غادر , و ضاقت عليه من موراد الهلكات فسيحات المصادر , و طوقه غدره طوق خزي فهو على فكه غير قادر .

و ليس في قصة كعب بن الأشرف دليل على جواز الإغتيالات , فإن قتل كعب بن الأشرف كان بأمر الرسول و هو ولي الأمر , و كعب من رعيته بموجب العهد , و قد حصلت منه خيانة للعهد اقتضت جواز قتله , كفاً لشره عن المسلمين , ولم يكن قتله بتصرف من آحاد الناس أو بتصرف جماعة منهم من دون ولي الأمر , كما هو حال الإغتيالات المعروفة في الساحة فإن هذه فوضى لا يقرها الإسلام لما يترتب عليها من المضار العظيمة في حق الإسلام و المسلمين .

إنني أستنكر بكل شدة الإغتيالات الشيطانية لإخواننا من رجال الأمن أو الشرطة أو الجيش أو غيرهم من ابناء الوطن وادعو كل أبناء شعبي حكومة و مؤتمراً و مفكرين و ساسة و علماء و مواطنين لكشف هؤلاء المجرمين و تقديمهم للعدالة .

إن الأمن من الأمور لتي ينشدها الناس و تسعى لها المجتمعات وقد اهتم الإسلام بالمحافظة عليه بجعل عقوبة صارمة لكل من يعتدي على أمن الناس , هذه العقوبة هي حد الحرابة و جعلها الله تعالى لكل من يستعمل القوة ثم يعتدي على الاخرين بالنهب و السلب أو الاعتداء على الأرواح و الأعراض مما يعد خروجاً على النظم و الروابط الاجتماعية بقوة السلاح و الغلبة .

قال تعالى : (إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ۚ ذَٰلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا ۖ  وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ) ]سورة المائدة :33 [

                                                                                           المصدر : بوابة القليوبية


مقالات ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة © 2022