إضاءة في كتاب
الأنبياء الملوك
داوود وسليمان (عليهما السلام)، وهيكل سليمان المزعوم
بقلم: د. علي محمد الصلابي
هذا الكتاب الذي عنون بــ "الأنبياء الملوك: داوود وسليمان (عليهما السلام)، وهيكل سليمان المزعوم" هو ضمن سلسلة كتب الأنبياء والمرسلين، ويعد حلقة موصولة بموكب الأنبياء والمرسلين وقادة الإنسانية، ويبحث في مرحلة من مراحل تاريخ الإنسانيّة، التي حفظها القرآن الكريم، لتكون ميزاناً نرجع إليه، للوصول إلى الحقائق التي يتم تزويرها وتحريفها بأهواء الكُتّاب، والمؤرخين، والساسة في عصرنا الحديث.
ولقد تضمن هذا الكتاب الذي تجاوز 630 صفحة تقريباً، ويتألف من مدخل وعدة مباحث، ففي المدخل، كان الحديث عن شجرة إبراهيم عليه السلام، وأنبياء الفرع الإسرائيلي، وختم النبوّة بالفرع الإسماعيلي، وبداية تاريخ بني إسرائيل، من يعقوب عليه السلام، وموقف المسلمين من أنبياء بني إسرائيل، وامتناع بني إسرائيل عن دخول الأرض المقدسة، وفترة التيه، ووفاة موسى (عليه السلام)، ومرحلة يوشع بن نون، ودخول الأرض المقدسة، ومخالفات بني إسرائيل بعده، وعهد القضاة، والمدة الزمنية بين موسى وداوود (عليهما السلام).
وفي المبحث الأول، كان الحديث عن قصة ملوك بني إسرائيل في سورة البقرة، وهم طالوت وداوود )عليهما السلام(، وتفسير الآيات الكريمة على نهج علماء التفسير، والفقهاء الراسخين والمؤرخين الثقات، وبيان أهم السنن في حياة الأمم والشعوب من قصة طالوت وبداية المملكة القوية لبني إسرائيل، ونزع التمكين وزواله من الظالمين.
وفي المبحث الثاني، تكلمت عن قصة داوود وسليمان في سورة ص، وأهم صفات داوود (عليه السلام)، وأسسه دولته، وتنفيد الإسرائيليات التي حاولت تشويه صورته، وتحدثت عن الزبور الذي أُنزل على داوود عليه السلام، وسبب تسميته، ومحتواه، وحديث المصادر الإسلامية عنه، ووفاة داوود (عليه السلام).
وفي المبحث الثالث، تناولت قصة داوود وسليمان (عليه السلام) في سورة النمل، وقد قمت بتفسير الآيات الكريمة معتمداً على الله ثم علماء التفسير، كالطبري، وابن كثير، والقرطبي، وابن عطية، والشعراوي، وأبو زهرة، والسعدي، والزحيلي، وغيرهم كثيرون.
وفي المبحث الرابع، كان الحديث عن قصة داوود وسليمان (عليه السلام) في سورة الأنبياء وسبأ، وعن اتّهام اليهود لسليمان عليه السلام بالسحر، ودفاع القرآن عن هذا النبيّ الكريم، وبيان براءته مما نسب إليه من الكفر والسحر، كما جاء في سورة البقرة.
ووقفت وقفات للتأمل والتدبر مع صفات نبي الله سليمان (عليه السلام)، وشخصيته القيادية التي جاءت في القرآن الكريم، وأهمها: الإيمان، والعلم، والتنظيم، واليقظة، والمتابعة، والتقدم، والحزم، والصرامة، والتواضع، والعدل، وقبول العذر، والهيبة والوقار، والتثبّت من الأخبار، وحسن التصرف، وسعة الصدر، وحسن الاستماع، والتدرج في تحقيق الأهداف، وتوظيف المهارات والمواهب والإمكانات، والتعالي فوق حطام الدنيا، والثبات على المبدأ، وتشجيعه للمبادرات، وحرصه عليها، والاستماع لكبار مستشاريه، والقدرة على الحسم، والشدة مع المعاند، وحب الجهاد، وعدم الاغترار، والصبر، والفهم والحكمة، والبناء، والإبداع، والانفتاح على الآخرين، والقدرة على التنفيذ والتخطيط...إلخ.
وبيّنت مقومات الحكم الرشيد في دولة سليمان (عليه السلام) كالتنشئة الاجتماعية والعلمية، ونظام الموارد البشرية، والإصلاح المالي والإداري، ووضوح الرؤية في السياسة الاقتصادية، وسيادة الحقوق والقانون، والمشاركة في اتخاذ القرار، وحرية التعبير، والرؤية الاستراتيجية السياسية، ومراعاة الأعراف الدبلوماسية.
وتحدثت عن أهم ثمرات الحكم الرشيد في عهده، وهي:
- النهضة العلمية.
- النهضة الإعلامية.
- النهضة العمرانية.
- النهضة العسكرية.
- النهضة الاقتصادية.
- النهضة البحرية.
وتكلمت عن مُلك سليمان العظيم، وتجديد بناء المسجد الأقصى، ومتى تم بناؤه، وكم كان بينه وبين بناء الكعبة، وكيف كان في عهد سليمان (عليه السلام)، وفضائل المسجد الأقصى، كمسرى رسول الله ﷺ ومنطلق معراجه، وأولى القبلتين، والندب لشدّ الرحال إليه، وفضلُ الصلاة فيه، وأنه مقر الطائفة المنصورة كما جاء في الأحاديث الصحيحة الشريفة عن رسول الله ﷺ، وعن المسجد الأقصى بعد الفتح العمري، وتحريره على يد صلاح الدين الأيوبي والأمة الإسلامية من الصليبيّين.
وكان الحديث أيضاً عن بني إسرائيل بعد وفاة سليمان عليه السلام، وعن الحكم العراقي لفلسطين والقدس، وعن السبي البابلي لبني إسرائيل، والحكم الفارسي، وتحريف أحبار اليهود للتوراة، وعن التوراة ما بين وفاة سليمان وما قبل السبي البابلي، وعن علاقة الفرس مع اليهود، وعن تدمير الرومان للقدس، ومنع اليهود من دخولها وتشريدهم، ووعد القرآن الكريم بانتصار الروم على الفرس في بضع سنين، وتحقيق ذلك، ووقوع الاضطهاد على اليهود الذين تحالفوا مع الفرس، وكان الحديث عن هيكل سليمان عليه السلام المزعوم، وعن معنى الهيكليّة وجبل الهيكل، وعن الهيكل الأول والثاني، وعن معنى الهيكل الثاني، وعن سبب حرص الكيان الصـ.هيوني على بناء هيكل سليمان في مكان المسجد الأقصى في وقتنا الحاضر، وعن مكانة الهيكل عندهم، وعن حائط البراق، وعن عدم قدسية الأسفار التي تحدثت عن وجود الهيكل، والأخطاء التي تحدث عنها العلماء، وعن علم الآثار، ودعوى وجود الهيكل تحت المسجد الأقصى، وعن عقيدة أرض الميعاد، وعن رجال العقيدة اليهودية الصهيونية، وعن الدعم الأمريكي والأوروبي لاحتلال اليهود للأراضي الفلسطينية، وعن تزييف الحقائق في اِدّعاء الحق اليهودي في قضية فلسطين، كالحق التاريخي، والديني، والقومي، والإنساني، والإنشائي، والقانوني، ثم خلاصة الكتاب.
هذا، وقد انتهيت من هذا الكتاب يوم الثلاثاء 30 مايو 2023م / 10 ذو القعدة 1444 ه، في تمام الساعة السادسة قبل موعد أذان المغرب بتوقيت العاصمة القطرية الدوحة. وإنّ الفضل لله عز وجل من قبل ومن بعد، فأسأله سبحانه وتعالى أن يتقبل هذا العمل قبولاً حسناً وأن يُكرمنا برفقة النبيين والصديقين والشهداء والصالحين.
وخلصت في هذا الكتاب لعدة نتائج، وأبرزها:
- أعطى الله تعالى دوواد وسليمان (عليهما السلام) مُلكاً عظيماً وحِكمةً بالغةً، فجمع لهما بين المُلك والنُّبوة.
- عرض القرآن الكريم قصة النبيّين الكريمين (داوود وسليمان عليهما السلام) من بدايتها إلى نهايتها، وتجلت سمات مُلكهما في قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ آَتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ(15) وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ(16)﴾ (النمل: 15 – 16).
- يعتبر العرب أول من استوطن (فلسطين)، ولم ينقطع وجودهم فيها على مر التاريخ إلى يومنا هذا، وإن أقدم هجرة حفظتها مصادر التاريخ إلى فلسطين هي هجرة سكان الجزيرة العربية من الكنعانيين بعدما أخذ الجفاف ينتشر في المناطق الصحراوية، فكانت الهجرة إلى فلسطين وما جاورها.
- في واقع الأمر، يبدأ تاريخ بني إسرائيل من يعقوب (عليه السلام)، وتعتبر صلتهم بإبراهيم خليل الله كصلتهم بإسماعيل (عليهما السلام).
- بدأت قصة بني إسرائيل في مصر بعد مجيء يوسف (عليه السلام) إليها، ودعوة والده وإخوته للمقام فيها، وبعد ما تمكن في الحكم وأصبح الرجل الثاني فيها (عزيز مصر ووزيرها الأول).
- بدأت دولة بني إسرائيل على يد الملك طالوت ثم قويت، وتمكنت على عهد داوود (عليه السلام)، ومن ثم تمددت وتوسعت، وترسخت واستقرت على يد النبي الملك سليمان (عليه السلام).
- يُعدّ الإيمان بأنبياء الله ورسله ركناً من أركان الإيمان، فلا يتحقق إيمان العبد حتى يؤمن بجميع الأنبياء، ويصدق بأن الله تعالى أرسلهم لهداية البشر، وإرشادهم، وإخراج الناس من الظلمات إلى النور.
- إن الإسلام هو دين كل نبي من الأنبياء، وخلاصة دعوة كل رسول، فكل نبي ورسول جاء بالإسلام.
كتاب: الأنبياء الملوك داوود وسليمان (عليهما السلام) وهيكل سليمان المزعوم، متوفر على الموقع الرسمي للدكتور علي محمد الصلابي على الرابط التالي: http://www.alsalabi.com/salabibooksOnePage/696