(لقب الخليفة وممارسة السلطة التنفيذية العليا)
الحلقة: 6
بقلم: د.علي محمد الصلابي
ربيع الآخر 1443 ه/ نوفبر2021
عندما تولى أبو بكر الصديق رضي الله عنه أمر المسلمين سمي بـ«خليفة رسول الله»، وهذه التسمية أطلقت على من تولى أمر المسلمين ؛ لتشعر بالارتباط بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم الذي خلفه في الولاية على المسلمين.
وفي ذلك يقول ابن خلدون: وأما تسميته خليفة فلكونه يخلف النبي في أمته، فيقال: خليفة بإطلاق، وخليفة رسول الله.
وأيضاً سمي من تولى أمر المسلمين بعد النبي صلى الله عليه وسلم بالخليفة ؛ لأن ولاية أمر المسلمين إنما بدأت بالنبي صلى الله عليه وسلم، فكل من يتولى أمر المسلمين من بعده فهو يخلف النبي صلى الله عليه وسلم.
والخليفة يقال لمن استخلفه غيره ولمن خلف غيره، فهو فعيل بمعنى فاعل، كما يقال: خلف فلان فلاناً، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «من جهز غازياً فقد غزا، ومن خلفه في أهله بخير فقد غزا» ، وفي الحديث الاخر: «اللهم أنت الصاحب في السفر، والخليفة في الأهل، اللهم اصحبنا في سفرنا، واخلفنا في أهلنا»، ولفظ «الخليفة» هو أكثر الألقاب شيوعاً، وأولها ظهوراً.
لا يجوز تسمية الخليفة بـ «خليفة الله» لأن أبا بكر رضي الله عنه نهى عن ذلك لما دعي به، وقال: لست خليفة الله ولكني خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم. وعن أبي مليكة قال: قيل لأبي بكر رضي الله عنه: يا خليفة الله، قال: أنا خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنا راض به، وأنا راض به، وأنا راض به.
وكذلك نهى عمر بن عبد العزيز أن يسمى خليفة، فقد روى ابن عبد الحكم أن رجلاً نادى عمر بن عبد العزيز قائلاً: يا خليفة الله، فقال له عمر: مه، إني لما ولدت اختار لي أهلي اسماً فلو ناديتني: يا عمر، أحببتك، فلما كبرت سني اخترت لنفسي الكنى فكنيت بأبي حفص، فلو ناديتني: يا أبا حفص، أحببتك، فلما وليتموني أموركم سميتموني أمير المؤمنين، فلو ناديتني يا أمير المؤمنين أحببتك، وأما (خليفة الله) فلست كذلك.
كما أن الاستخلاف إنما هو في حق الغائب وأما الحاضر فلا؛ والمقصود هنا أن الله تعالى لا يخلفه غيره، إنما الخلافة تكون عن غائب، وهو سبحانه شهيد مدبر لخلقه لا يحتاج في تدبيرهم إلى غيره، وهو سبحانه خلق الأسباب والمسببات جميعاً.
والله لا يجوز أن يكون له خليفة.. بل هو سبحانه يكون خليفة لغيره، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «اللهم أنت الصاحب في السفر، والخليفة في الأهل، اللهم اصحبنا في سفرنا واخلفنا في أهلنا»، وذلك لأن الله حي، شهيد، مهيمن، قيوم، رقيب، حفيظ، غني عن العالمين، ليس له شريك ولا ظهير، ولا يشفع أحد عنده إلا بإذنه، والخليفة إنما يكون عند عدم المستخلف بموت أو غيبة، ويكون لحاجة المستخلف إلى الاستخلاف ، وكل هذه المعاني منتفية في حق الله تعالى ، وهو منزه عنها ، فإنه حي، قيوم شهيد ، لا يموت ولا يغيب ، وهو غني يَرزِق ولا يُرزَق.. ولا يجوز أن يكون أحد خلفاً منه، ولا يقوم مقامه، لأنه لاسمي له، ولا كفء له.
يمكنكم تحميل كتاب التداول على السلطة التنفيذية من الموقع الرسمي للدكتور علي محمد الصلابي
http://alsallabi.com/uploads/file/doc/16.pdf