الأربعاء

1446-11-02

|

2025-4-30

من كتاب إشراقات قرآنية بعنوان: 

سورة الماعون
الحلقة 164
بقلم: د. سلمان بن فهد العودة
ذو الحجة 1442 هــ / أغسطس 2021

* ﴿فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ ۝ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ ۝ الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ ۝ وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ﴾:
ثَمَّ ترابط بين الآيات من وجوه:
1- لما ذكر في أول السورة تقصير أولئك في حق المخلوقين من الأيتام والمساكين، انتقل إلى تقصيرهم في حق الخالق، وهو أنهم لا يصلون، أو يصلون رياءً، ويمنعون الماعون.
2- أن الله تعالى أراد توكيد المعنى، والربط بين الإيمان والإحسان، فالصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، والمصلون وصفهم الله تعالى بقوله: {إِنَّ الإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا ۝ إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا ۝ وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا ۝ إِلاَّ الْمُصَلِّين}، ثم ساق أوصاف المصلِّين، ومنها: {وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُوم ۝ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُوم} [المعارج: 19- 25].
فهؤلاء هم المصلُّون حقيقةً، فكأنه قال هنا: إن صلاة هؤلاء لم تنفعهم؛ لأنها صلاة رياء وسُمعة للناس لا لله.
3- قد تكون الآيات الأخيرة نزلت بشأن أقوام معينين في المدينة على ما ذكرنا، وكأن الآيات الأولى تدل على أن عدم الإيمان بيوم الدين هو سبب إيذاء اليتامى والمساكين وغيرهم، فكأن قائلًا يقول: في المدينة أناس يصلون في المساجد، ولا يطعمون المساكين، ولا يحسنون إليهم، فجاء النص ليقول: «ويل لهم»؛ لأنهم ليسوا مصلِّين؛ فهم: {الَّذِينَ هُمْ يُرَاؤُون ۝ وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُون}، وكان يجب أن تكون صلاتهم لله، فحرَّفوها وبدَّلوها وجعلوها للناس، كما قال الله في شأن المنافقين: {يُرَاؤُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللّهَ إِلاَّ قَلِيلا} [النساء: 142].
4- التناسب في الانتقال من المفرد إلى الجمع في خطاب السورة، حيث بدأ بـ ﴿الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ﴾، وانتهى بـ {الَّذِينَ هُمْ يُرَاؤُون}.
والذي يظهر أن سر الانتقال إلى الجمع، أن المراد في بداية السورة جنس المكذِّبين، وليس فردًا بعينه، والإفراد في أول السورة مناسب؛ لأن الآية تتحدَّث عن شخص يفجر ويعتدي ويبخس الناس أشياءهم وهو منفرد، وليس أمام الناس؛ هو الذي يعبِّر عن حقيقة أخلاقه إذا خلا من مراعاة الآخرين.
ثم انتقل إلى طبيعته وأمثاله حين يكونون في الملأ والناس، فيتظاهرون بما ليس من شأنهم!
قال كثير من القراء: لا يقف القارئ عند قوله: {لِّلْمُصَلِّين} مع أنه رأس آية، ومنهم مَن قال: إن وقف عندها أعادها وقرن معها ما بعدها.
سلسلة كتب:
إشراقات قرآنية (4 أجزاء)
للدكتور سلمان العودة
متوفرة الآن على موقع الدكتور علي محمَّد الصَّلابي: 
http://alsallabi.com/books/7


مقالات ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة © 2022