(ملاحظات أولية حول مؤتمر الصومام)
من كتاب كفاح الشعب الجزائري ضد الاحتلال الفرنسي(ج3):
الحلقة: 280
بقلم: د. علي محمد الصلابي
شوال 1443 ه/ مايو 2022م
بعد مرور حوالي سنتين على اندلاع ثورة الفاتح من نوفمبر 1954م، وبعد أن تمكنت الثورة من أن تتوسع توسعاً قوياً، بات من الضروري تحديد استراتيجية سياسية عسكرية عامة لجبهة التحرير الوطني، تهدف إلى وضع تنظيم سياسي إداري وعسكري يعبر عن امال الشعب وطموحاته، ويزيل الاغتراب السياسي الإداري الذي عانى منه الشعب الجزائري طيلة قرن وربع قرن من الزمن. غير أن السؤال الذي يطرح نفسه هنا بإلحاح شديد هو:
ما هو التنظيم السياسي الإداري الذي أنشأته جبهة التحرير الوطني؟
ثم متى ابتدأ هذا التنظيم بصفة فعلية؟
وماذا كان موقف السلطات الفرنسية من ذلك التنظيم؟(1)
بعد محاولات ومساع واتصالات عديدة، تم عقد أول مؤتمر وطني للجبهة في 20 أوت 1956م بوادي الصومام ببلاد القبائل حيث مركز الولاية الثالثة، واجتمعوا تحت خطر عظيم واخترقوا صفوف الأعداء الساهرين، وكان مع القادة الكرام عدد من كتابهم ومعينيهم، فاشتغلوا بهمة ونشاط ودون انقطاع عدداً من الأيام، وأخرجوا الثورة الجزائرية منذ ذلك اليوم من عهد يمكن أن يوصف بشيء من الارتباك في القيادة والاضطراب في السياسة، إلى عهد نظام واستقرار ووحدة وتحديد مسؤولية، ولا أعرف ثورة تمكنت من إحداث ذلك النظام وإقرار تلك المسؤولية وتحديد تلك الأهداف ؛ كما نجحت الثورة الجزائرية العملاقة بذلك المؤتمر الصغير في حجمه العظيم بأعماله.
من تلك الساعة أصبح الناس يعرفون من المسؤول؟ وخضع الجميع لسلطة مركزية واحدة تأمر فتطاع، وتحددت مناطق النفوذ ومناطق القيادات. ومنذ تلك الساعة تعين المسؤولون رسمياً عن الولايات الجزائرية الحربية الست، وأعلنوا جميعاً في نظام وانقياد خضوعهم لتلك المقررات، وتزاحمهم على تحقيقها منذ تلك الساعة.
لقد وضحت معالم الطريق، وتعين المسؤولون عن السلاح وعن حمله وعن تبليغه لمراكز التموين العسكري، وأصبحت للثورة قيادة عسكرية واحدة هي المجلس الوطني للثورة الجزائرية، وأصبحت لها هيئة عليا تنفيذية واحدة: هي لجنة التنسيق والتنفيذ، منذ تلك الساعة أنشأ جيش التحرير الوطني الجزائري جيشاً واحداً منظماً مدرباً منقاداً، له نظامه المحكم، وله ألقابه الرسمية، وله مخصصاته،(2) {وَإِن تَعُدُّواْ نِعۡمَةَ ٱللَّهِ لَا تُحۡصُوهَآۗ } وقد ذكر الأستاذ أحمد توفيق المدني في كتابه «حياة كفاح» النص الرسمي لمحضر جلسات مؤتمر الصومام، بعثت به لجنة التنسيق والتنفيذ إلى قيادة جبهة التحرير بالقاهرة.
جبهة التحرير الوطني الجزائري محضر جلسة الاجتماع الذي عقده المسؤولون عن عمالات وهران والجزائر وقسنطينة، في 20 أوت 1956م.
ـ الأعضاء الحاضرون:
ـ ابن مهيدي عن وهران: رئيس الجلسة.
ـ أوعمران: عن منطقة الجزائر.
ـ كريم: عن منطقة القبائل.
ـ زيغود: عن شمال قسنطينة.
ـ ابن طبال: نائب زيغود.
ـ الأعضاء الغائبون:
ابن بوليعد مصطفى: شمال الأوراس.
سي الشريف: شمال الجنوب «معذور» بعد أن وجه تقريره إلى المؤتمر.
أ ـ شرح الأسباب التي دعت إلى الاجتماع وموضوع الاجتماع.
ب ـ تقديم التقارير.
ـ تقرير نظامي: عن كيفية التقسيم والهيكل العام للجيش.
ـ تقرير عسكري: عدد المجاهدين والمناضلين، الوحدات ونظام تركيبها، الأسلحة.
ـ تقرير عن المالية: الداخل، المصاريف، المتبقي في الصندوق.
ـ تقرير سياسي: عن معنويات المجاهدين والشعب.
ـ القاعدة السياسية والنشريات الثلاثة:
ـ التوحيد:
أ ـ توحيد النظام في تقسيم المناطق، وتعيين مراكز القيادات المحلية، وإجراء تغيرات على القيادات.
ب ـ توحيد عسكري: في الوحدات والرتب العسكرية والنياشين والأوسمة في المرتبات العائلية.
ج ـ توحيد سياسي: المرشدون السياسيون ومهماتهم.
د ـ توحيد إداري: مجلس الشعب.
هـ جبهة التحرير الوطني:
المذهب والقانون الأساسي والنظام الداخلي، والبيئات والسيرة، مجلس الثورة، لجنة التنسيق والتنفيذ، اللجان.
و ـ جيش التحرير الوطني:
الألفاظ المستعملة «المجاهد، المسبل، الفدائي»، المرحلة الحاضرة، توسيع الهجومات والإكثار من العمليات.
ز ـ العلاقة بين جبهة التحرير وجيش التحرير.
ح ـ العلاقة بين الداخل والخارج، وخصوصاً تونس والمغرب وفرنسا.
ـ العتاد.
ط ـ نظام العمل سياسياً وعسكرياً، وسائله المادية، إيقاف القتال، المفاوضات، هيئة الأمم المتحدة والحكومة المؤقتة.
ي ـ مواضيع مختلفة: الأوراس، القبائل، وما عداها.
ـ افتتحت الجلسة على الساعة الثامنة.
ـ الأسباب التي دعت إلى الاجتماع، والمواضيع التي تدرس في الاجتماع، شرحها ابن مهيدي وعبان.
ـ التقارير:
ـ المنطقة رقم 2: قدمت تقريراً مكتوباً قرأه زيغود.
ملاحظات: لا يوجد بالتقرير ذكر عدد المناضلين داخل الجبهة، عدد الأسلحة الحربية «انظر ملخص التقرير في الختام».
ـ المنطقة رقم 3: تقرير شفهي قدمه كريم، وهذه المنطقة تشتمل على القبائل العليا والسفلى، وعلى القبائل الصغرى، وهي مقسمة إلى ثلاث مناطق صغيرة، تنقسم بدورها إلى عشر نواحي، والنواحي منقسمة إلى ثلاثين قسماً:
في فاتح نوفمبر 1954م كان بالمنطقة 450 مجاهداً، في الصندوق مائة ألف فرنك.
والان يوجد بالمنطقة:
ـ المناضلون داخل الجبهة عددهم: 87.044
ـ المسبلون عددهم: 7470.
ـ المجاهدون عددهم: 3100.
مراجع الحلقة الثمانون بعد المائتين:
)) عقيلة ضيف الله، التنظيم السياسي والإداري للثورة، ص 300.
2)) أحمد توفيق المدني، حياة كفاح (3/333)
يمكنكم تحميل كتب كفاح الشعب الجزائري ضد الاحتلال الفرنسي من موقع د.علي محمَّد الصَّلابي
الجزء الأول: تاريخ الجزائر إلى ما قبل الحرب العالمية الأولى
alsallabi.com/uploads/file/doc/kitab.PDF
الجزء الثاني: كفاح الشعب الجزائري ضد الاحتلال الفرنسي وسيرة الزعيم عبد الحميد بن باديس
alsallabi.com/uploads/file/doc/BookC135.pdf
الجزء الثالث: كفاح الشعب الجزائري ضد الاحتلال الفرنسي من الحرب العالمية الثانية إلى الاستقلال وسيرة الإمام محمد البشير الإبراهيمي
alsallabi.com/uploads/file/doc/BookC136(1).pdf
كما يمكنكم الإطلاع على كتب ومقالات الدكتور علي محمد الصلابي من خلال الموقع التالي: