(إضاءات حول الدعم اليمني للثورة الجزائرية)
من كتاب كفاح الشعب الجزائري ضد الاحتلال الفرنسي(ج3):
الحلقة: 348
بقلم: د.علي محمد الصلابي
ربيع الآخر 1444 ه/ أكتوبر 2022م
انحصر دعم اليمن سياسياً في المحافل الدولية وعلى وجه الخصوص في هيئة الأمم المتحدة، حيث ناصرت القضية الجزائرية بجانب أشقائها العرب، في جدول أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، وكان ذلك في الفاتح من شهر أكتوبر عام 1955م. وكان صوت اليمن داعماً للموقف العربي الموحد من أجل نصرة القضية الجزائرية العادلة، رغم اعتبار فرنسا هذه العريضة عبارة عن أجل أعطي لفرنسا بطريقة غير مباشرة للإسراع إلى حل القضية الجزائرية مع جبهة التحرير الوطني الجزائرية الممثل الشرعي للشعب الجزائري(1).
وفي 19 سبتمبر 1958م عندما تم الإعلان عن تأسيس الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية كانت اليمن من الدول السباقة إلى الاعتراف بها رسمياً وكان ذلك في 21 سبتمبر 1958م.
ومن المواقف الإيجابية تجاه الثورة الجزائرية هي مواصلة الدعم المعنوي في أعلى هيئة دولية، ففي دورة عام 1959م أكد ممثل اليمن على أنه يجب على الحكومة الفرنسية أن تقبل فكرة محاورة ممثلي الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية، خاصة ما يتعلق بالطرق الكفيلة التي يمكن تطبيقها في الفترة الانتقالية، وذلك قبل البدء في عملية الاستفتاء مع ضرورة ضبط الضمانات التي أقرتها هيئة الأمم المتحدة لممارسة كل الحريات ولنجاح عملية الاستفتاء نفسها.
وفي سياق مساندة اليمن للثورة الجزائرية دبلوماسياً، فقد كان الوفد اليمني ضمن وفود الاتحاد الدولي للعمال العرب، الذي أكد في مؤتمره المنعقد 1961م على ضرورة مقاطعة الطائرات والبواخر والسلع الفرنسية.
وأما مؤتمر دول عدم الانحياز المنعقد في بلغراد عام 1961م، فقد شاركت فيه اليمن، وندد فيه مندوبها بالاستعمار العالمي وفضح مناورات الاستعمار البريطاني لتثبيت أقدامه في جنوب اليمن، وأكد على ضرورة احترام ومصداقية على قرار بمنع استعمال الأسلحة النووية في إشارة إلى فرنسا، والدعوة إلى عقد مؤتمر دولي بهذا الشأن خاصة وأن الظرف كان مناسباً، بحيث كانت فرنسا في الوقت نفسه قد بدأت تجاربها النووية في الصحراء الجزائرية(2).
كان التفاعل الشعبي والرسمي مع ثورة الجزائر كبيراً، وحتى الدول التي كانت تحت الاستعمار المباشر وغير المباشر ساهمت شعوبها وسلطاتها في دعم القضية الجزائرية كسلطنة عمان، والإمارات، والصومال، وجيبوتي، وجزر القمر والدول الإسلامية عموماً، وكان دعمها مادياً ومعنوياً وتنظيم مظاهرات جماهيرية دورية.
وكان تفاعل الشعب اليمني عظيماً مع الثورة الجزائرية، ولم يقتصر على التضامن المعنوي والتجمعات الشعبية للتنديد بالاستعمار الفرنسي أو على جمع التبرعات المالية، بل امتد حتى للحياة الثقافية والفنية اليومية للشعب اليمني. وعبد الهادي السبيت كان أحد الفنانين المشهورين الذين نشطوا فنياً، وكانت الأجواء الحماسية المؤثرة في داخل الشعب اليمني من خلال ترديد أبيات شعرية حول الثورة الجزائرية:
يا شاكي السلاح شوف النصر لاح
حـط يـدك على المدفع زمن الذل راح
مراجع الحلقة الثامنة والأربعون بعد الثلاثمائة:
(1) مواقف الدول العربية ص 313.
(2) المصدر نفسه ص 316.
(3) السياسة العربية والمواقف الدولية ص 125.
يمكنكم تحميل كتب كفاح الشعب الجزائري ضد الاحتلال الفرنسي من موقع د.علي محمَّد الصَّلابي
الجزء الأول: تاريخ الجزائر إلى ما قبل الحرب العالمية الأولى
alsallabi.com/uploads/file/doc/kitab.PDF
الجزء الثاني: كفاح الشعب الجزائري ضد الاحتلال الفرنسي وسيرة الزعيم عبد الحميد بن باديس
alsallabi.com/uploads/file/doc/BookC135.pdf
الجزء الثالث: كفاح الشعب الجزائري ضد الاحتلال الفرنسي من الحرب العالمية الثانية إلى الاستقلال وسيرة الإمام محمد البشير الإبراهيمي
alsallabi.com/uploads/file/doc/BookC136(1).pdf
كما يمكنكم الإطلاع على كتب ومقالات الدكتور علي محمد الصلابي من خلال الموقع التالي: