السؤال:
شيخنا الفاضل أود سؤالكم عن حكم إضراب الأساتذة ، ففي المغرب عندنا يقوم الأساتذة المتعاقدون ( أي الذين نجحوا في مباراة التعليم بموجب عقود ) بخوض إضراب وذلك بغية ترسيمهم اسوة بزملائهم من النظام القديم ( المرسمون سابقا ) فما حكم هذا النوع من الإضراب شرعا .
الجواب:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله .
بداية يجب التأكيد على أن مثل هذه القضايا التي لها متعلقات قانونية وسياسية ينبغي أن تُعرض على علماء أهل المدينة أو الدولة لأنهم أكثر اطلاعا على ظروف تلك البلاد وأقدر على توقع ما تتسبب فيه هذه الأفعال .
ولكن بشكل عام فإن مثل هذه الإضرابات إنما تدخل في دائرة الإباحة التي يعتمد الحكم فيها على المقاصد والنوايا ويعتمد على مآلات الأفعال، لأن الإضراب هو نوع من إنكار المنكر واسترجاع الحقوق باللسان، والإسلام الحنيف يدعو أتباعه أن يكون أحرارا لا يرضون بضيم ، ولا يمنع أتباعه من المطالبة بحقوقهم بل ينكر على من يجبُن ويعجز دون ذلك ، لقوله صلى الله عليه وسلم :" إنَّهُ لا قُدِّست أمَّةٌ لا يأخذُ الضَّعيفُ فيها حقَّهُ غيرَ متَعتَعٍ". أي دون أن يتعرض إلى أذى أو إكراه يقلقه ويزعجه .
فالإضراب هو تصرف جماعي يقصد منه الوصول إلى حقوق أو دفع مظالم وأضرار في حال تعذر الوصول إليها بالطرق المعتادة إدارياً، وقد وردت الآثار تؤكد على مشروعية هذا الأمر، حيث شكى رجل في عصر النبوة من جاره، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : “اذهب، فاصبر” فأتاه مرتين أو ثلاثا، فقال: “اذهب فاطرح متاعك في الطريق”، فطرح متاعه في الطريق، فجعل الناس يسألونه، فيخبرهم خبره، فجعل الناس يلعنونه: فعل الله به وفعل، فجاء إليه جاره، فقال له: ارجع، لا ترى مني شيئا تكرهه”. ولاشك أن هذا السلوك " طرح الأثاث في الشارع " يشبه وسائل الضغط المعاصرة كالإضرابات والاعتصامات ونحوها، ولكن إباحتها مشروطة بأن لا تؤدي إلى وقوع ضرر على الناس أوالممتلكات الخاصة والعامة، وأن يغلب على الظن تحقيقها للهدف أو على اقل تقدير لا تعود بضرر أكبر على القائمين علىها فتأتي بعكس المقصود ، وكذلك أن يراعى فيها احترام قوانين الدولة المنظمة للعمل السلمي والإنضباط بالشروط التي تضعها مؤسسات الدولة في مثل هذه المناشط .
والله أعلم .
أجاب على السؤال فضيلة الشيخ الدكتور ونيس المبروك جزاه الله خيراً