(كفاح الشعب الجزائري ضد الاحتلال الفرنسي من الحرب العالمية الثانية إلى الاستقلال وسيرة الإمام محمد البشير الإبراهيمي: خلاصات واستنتاجات)
الحلقة: 397
بقلم: د.علي محمد الصلابي
شعبان 1444ه/ مارس 2023م
كان الإمام محمد البشير أول مؤيد للثورة الجزائرية من الشخصيات العامة.
اقترح الشيخ الإبراهيمي على شيخ الجامع الأزهر يوم 12 نوفمبر 1954م أن يدعو إلى الجهاد ضد فرنسا.
ما قدمه الإبراهيمي من دعم معنوي وبيانات مؤيدة، شكلت دعماً قوياً للمجاهدين ونفخت في الثورة روحاً وهي في أوهن مراحلها، حيث أخرجت الشعب الجزائري من التردد والحيرة اللذين كان يمكن أن يُصاب بهما، لجهله بمصدر الثورة وتوجهها، فبيانات الإمام الإبراهيمي شهادة للشعب الجزائري على شرعية المولود ـ الثورة ـ وصحته.
إن الحقيقة التاريخية تقول إن جمعية العلماء برئيسها كانت متقدمة على غيرها في احتضانها لجهاد الشعب الجزائري.
إن بيانات الإمام الإبراهيمي المتتالية المؤيدة للثورة الداعية إلى تأييدها دون تردد، كانت مدداً إلهياً لها في أول عهدها وفي مرحلة ضعفها.
أيّد أعضاء المجلس الإداري للجمعية اجتماع 1 نوفمبر 1954م وقرر المجلس مساندة الثورة دون تحفظ كما بعث الأمين العام رسالة إلى الرئيس بالقاهرة يبلغه بأمر الثورة ويدعوه إلى تأييدها.
الشيخ العربي التبسي «الشهيد» ومزهودي إبراهيم وغيرهم من العلماء التابعين لجمعية علماء المسلمين قاموا بجهود عظيمة، ومؤثرة ومركزة ومشكورة في دعم الثورة.
إن الذين فجروا الثورة في 1 نوفمبر 1954م هم مجموعة صغيرة من مناضلي الحركة من أجل الانتصار للحريات الديمقراطية، فهذه حقيقة تاريخية واحتضنها الشعب، وكان لعلماء الجزائر وخصوصاً جمعية العلماء الأثر الفكري والعقدي والإسلامي في تفجير طاقات الشعب الكامنة وأشواقه للحرية والاستقلال والسيادة.
أدّى تأييد ومشاركة العلماء المسلمين للثورة إلى نتائج مهمة منها، تحول موازين القوى، وساهموا في الجانب القضائي، وأصبح رجال الجمعية في وسط المعركة، وأطّروا المنظمات الشعبية، ودعموا الإعلام الثوري بخطبهم ومقالاتهم ومحاضراتهم وأقلامهم، وساهموا في ضمانات الاتصالات بين هياكل جبهة وجيش التحرير، وكانت مؤسسات الجمعية معاهد، ومدارس، ومكاتب، وإدارات..الخ تقوم بدورها لصالح الثورة. وكان الإبراهيمي يقول قبل اندلاع الثورة: إن هذه المؤسسات ستحتاج إليها الأمة في يوم من الأيام لمهمات فوق ما تتصوره الان، وفعلاً فإن ذلك ما حدث، وساهم قادة جمعية العلماء المسلمين في الدعم الدبلوماسي والمالي والسياسي والتعليمي والتربوي للثورة.
إن إنطلاقة أول نوفمبر الثورية كانت عملية حاسمة في تاريخ الجزائر، فقد استفاد قادة الثورة من تجارب الأجداد في القيام بثورات شعبية في مناطق متعددة، واستخرجوا منها الدروس والعبر، وانطلقت الثورة في عدة أماكن واعتمد الثوار أسلوب حرب العصابات الحديثة.
استطاعت جبهة التحرير الجزائرية أن توحد جهود الأحزاب والمنظمات والنقابات...الخ في جبهة عريضة داعمة للثورة متحدية للغزاة.
العلم الجزائري يعبر عن تاريخها وحاضرها ومستقبلها، ويذكر بتضحيات الأبطال وماسي الأبرياء، ويرمز إلى عبقرية العلماء ورجال الفكر، ويشد كل المواطنين الذين يعملون تحت ظله، فهو الشعار الذي يؤكد قوة الوطن خارج التراب الإقليمي في البحار والأقطار الأجنبية على صواري السفن وشرفات السفارات
ـ ويرمز اللون الأخضر للأمل.
ـ واللون الأبيض للسلم.
ـ والهلال يذكر بالإسلام.
ـ والنجمة قواعد الإسلام الخمسة.
ـ واللون الأحمر للتضحية.
- مفدي زكريا لقب بشاعر الثورة، وترك قصائد ملهمة للحس النضالي الشعبي، وهو صاحب النشيد الوطني الجزائري، من أشهر دواوينه «اللهب المقدس».
اشتدت المعارك ضد الاحتلال الفرنسي، ومن أشهر هجومات الثوار ضد الغزاة هجوم 20 أوت 1955م وكان له نتائج سياسية وعسكرية داخلية وخارجية لصالح الثورة.
لقد أصيب المسؤولون الفرنسيون أنفسهم بالذهول والقلق وخيبة الأمل بسبب ما لحق بالقوات العسكرية والمدنية من خسائر وأضرار مادية وبشرية.
عززت فرنسا قواتها بالجزائر وضاعفت أساليبها القمعية ضد الشعب الجزائري.
بعد مرور حوالي سنتين على اندلاع الثورة وتمكنها من أن تتوسع توسعاً قوياً، وبات من الضروري تحديد استراتيجية سياسية عسكرية عامة لجبهة التحرير الوطني، كان مؤتمر الصومام لوضع تنظيم سياسي وإداري وعسكري يعبر عن امال الشعب وطموحاته.
بعد مؤتمر الصومام تطور الأداء الثوري بعد تنظيم الجوانب العسكرية والإدارية والسياسية والتشريعية والتنفيذية، وأصبحت جبهة التحرير هي القوة السياسية الوطنية الوحيدة التي التف حولها الشعب الجزائري لتحرير الجزائر من قوات الاحتلال الفرنسي، وأصبحت جبهة التحرير قوية وممثلة لامال وطموحات الشعب.
استخدمت فرنسا كافة الوسائل البشعة للتصدي للثورة، وصنعت جيوب وقادة تابعين لها من الخونة ودعمتهم بالمال والسلاح، وساهمت في سفك الدماء بين أبناء الشعب، ولكن حركات الخيانة باءت بالفشل بتوفيق من الله ثم صمود وثبات ووحدة جبهة التحرير.
لقد تفنن الاستعمار الفرنسي في تعذيب الجزائريين طوال سنوات الثورة السبعة، وهذا التعذيب استمرار لمنهجهم القمعي منذ الاحتلال، وكانت سياسة فرنسا ضد الثوار والشعب قاسية جداً وطاغية وشرسة ومدمرة، ولكن قادة جبهة التحرير مع الدعم الشعبي الكبير أفشل خطتهم وأربكهم وولد لهم مشاكل سياسية واقتصادية وهزائم عسكرية.
يمكنكم تحميل كتب كفاح الشعب الجزائري ضد الاحتلال الفرنسي من موقع د.علي محمَّد الصَّلابي
الجزء الأول: تاريخ الجزائر إلى ما قبل الحرب العالمية الأولى
الجزء الثاني: كفاح الشعب الجزائري ضد الاحتلال الفرنسي وسيرة الزعيم عبد الحميد بن باديس
الجزء الثالث: كفاح الشعب الجزائري ضد الاحتلال الفرنسي من الحرب العالمية الثانية إلى الاستقلال وسيرة الإمام محمد البشير الإبراهيمي
كما يمكنكم الإطلاع على كتب ومقالات الدكتور علي محمد الصلابي من خلال الموقع التالي: