الأربعاء

1446-11-02

|

2025-4-30

(التمهل في أداء صلاة التراويح)

اقتباسات من كتاب "فقه الصلاة" للدكتور يوسف عبد الله القرضاوي (رحمه الله)

الحلقة: 123

ذو القعدة 1444ه/ يونيو 2023م


وينبغي في صلاة التراويح مراعاة أركان الصلاة وتدبر سننها، والتمهُّل في أدائها، والإطالة بما لا يشقُّ على الناس، فقد كان الصحابة والتابعون لهم بإحسان يطيلون في الصلاة، ولا ينصرفون منها، إلَّا قبل بزوغ الفجر.
وقد نبَّه الإمام النووي رحمه الله على ضرورة التحرز من الإخلال في أداء صلاة التراويح، والاهتمام بمراعاة السنن في كلمة له جامعة، فقال: «اعلم أن صلاة التراويح سنة باتفاق العلماء، ويجيء فيها بجميع الأذكار المتقدمة كدعاء الافتتاح، واستكمال الأذكار الباقية، واستيفاء التشهد، والدعاء بعده، وغير ذلك مما تقدم، وهذا وإن كان ظاهرًا معروفًا، فإنما نبَّهت عليه لتساهل أكثر الناس فيه، وحذفهم أكثر الأذكار، والصواب ما سبق.
وأما القراءة، فالمختار الذي قاله الأكثرون وأطبق الناس على العمل به: أن تقرأ الختمة بكمالها في التراويح جميع الشهر، فيقرأ في كل ليلة نحو جزء من ثلاثين جزءًا، ويستحب أن يرتل القراءة ويبيِّنها، وليحذر من التطويل عليهم بقراءة أكثر من جزء، وليحذر كل الحذر مما اعتاده جهلة أئمة كثير من المساجد من قراءة سورة الأنعام بكمالها في الركعة الأخيرة في الليلة السابعة من شهر رمضان، زاعمين أنها نزلت جملة، وهذه بدعة قبيحة، وجهالة ظاهرة، مشتملة على مفاسد كثيرة، وقد أوضحتها في كتاب التبيان في آداب حملة القرآن».
وينبغي للإمام في صلاة التراويح وغيرها من الصلوات: أن يتحرى البدء في قراءته بما يصلح للبدء، وكذلك يختم قراءته بما يصلح للوقوف عليه، لئلا يختل المعنى، فلا يبدأ القراءة مثلا بـقوله تعالى: {هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ * إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ * إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا وَمَا نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ} [المؤمنون:36-38]. لأنها أول الربع، وهي آيات تحكي كلام الكفار المشركين، الذين يستبعدون الحياة الآخرة، التي كان الرسل يوعدونهم بها، بل يصلها بما قبلها في ركعة واحدة: {وَقَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِلِقَاءِ الْآخِرَةِ وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ * وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَرًا مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذًا لَخَاسِرُونَ * أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ} [المؤمنون:33-35].
ومثلها: {قُلْ كُونُوا حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا * أَوْ خَلْقًا مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ} [الإسراء:50، 51]. فهو كلام موجه للكفار، فيوصل بما قبله ليتضح المعنى: {وَقَالُوا أَإِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا} [الإسراء:49].

هذه الحلقة مقتبسة من كتاب فقه الصلاة للدكتور يوسف عبد الله القرضاوي (رحمه الله) ص327-328


مقالات ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة © 2022