(وقت صلاة التراويح)
اقتباسات من كتاب " فقه الصلاة" للدكتور يوسف عبد الله القرضاوي (رحمه الله)
الحلقة: الحادية و العشرون بعد المائة
ذو القعدة 1444ه/ مايو 2023م
ذهب جمهور الفقهاء إلى أن وقت صلاة التراويح من بعد صلاة العشاء قبل الوتر، إلى طلوع الفجر؛ لنقل الخلف عن السلف، ولأنها عرفت بفعل الصحابة، فكان وقتها ما صلوا فيه، وهم صلوا بعد العشاء قبل الوتر؛ ولأنها سنة تبعٌ للعشاء فكان وقتها قبل الوتر.
فلو صلاها بعد المغرب وقبل العشاء، فجمهور الفقهاء- وهو الأصح عند الحنفية- أنَّها لا تجزئ عن التراويح وتكون نافلة.
وقد سُئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: عمَّن يصلي التراويح بعد المغرب هل هو سنة أو بدعة، وذكروا أن الإمام الشافعي صلَّاها بعد المغرب وتمَّمها بعد العشاء الآخِرة؟
فأجاب: الحمد لله رب العالمين، السنة في التراويح أن تصلى بعد العشاء الآخرة كما اتفق على ذلك السلف والأئمة، والنقل المذكور عن الشافعي رضي الله عنه باطل، فما كان الأئمة يصلونها إلا بعد العشاء على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وعهد خلفائه الراشدين، وعلى ذلك أئمة المسلمين، لا يُعرف عن أحد أنه تعمَّد صلاتها قبل العشاء، فإن هذه تسمى قيام رمضان، وقيام الليل في رمضان وغيره إنما يكون بعد العشاء. وقد جاء مصرَّحًا به في السنن: أنه لما صلَّى بهم قيام رمضان صلَّى بعد العشاء.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم قيامه بالليل هو وتره، يصلي بالليل في رمضان وغير رمضان إحدى عشرة ركعة، أو ثلاث عشرة ركعة، لكن كان يصليها طوالًا، فلما كان ذلك يشق على الناس، قام بهم أُبيُّ بن كعب في زمن عمر بن الخطاب عشرين ركعة، يوتر بعدها، ويخفف فيها القيام، فكان تضعيف العدد عِوَضًا عن طول القيام. وكان بعض السلف يقوم أربعين ركعة، فيكون قيامها أخف، ويوتر بعدها بثلاث، وكان بعضهم يقوم بست وثلاثين ركعة يوتر بعدها، وقيامهم المعروف عنهم بعد العشاء الآخرة.
ولكن الرافضة تكره صلاة التراويح، فإذا صلوها قبل العشاء الآخرة، لا تكون هي صلاة التراويح، كما أنهم إذا توضؤوا يغسلون أرجلهم أول الوضوء، ويمسحونها في آخره، فمن صلاها قبل العشاء، فقد سلك سبيل المبتدعة المخالفين للسنة والله أعلم.
هذه الحلقة مقتبسة من كتاب فقه الصلاة للدكتور يوسف عبد الله القرضاوي (رحمه الله) ص319-318