أهمية القوة بالنسبة للدعوة الإسلامية ..
من كتاب (فقه النصر والتمكين)
بقلم الدكتور علي محمد الصلابي
الحلقة: الواحدة والأربعون
أهمية القوة بالنسبة للدعوة الإسلامية تتلخص في أمور:
الأمر الأول: أن تؤمِّن الذين يختارون هذه العقيدة على حريتهم في اختيارها فلا يصدون عنها، ولا يفتنون كذلك بعد اعتناقها.
الأمر الثاني: أن ترهب هذه القوة أعداء الإسلام، فلا يفكروا في الاعتداء على حرمات الإسلام.
الأمر الثالث: أن يبلغ الرعب بهؤلاء الأعداء ألا يفكروا في الوقوف في وجه الدين الإسلامي وهو ينطلق لتبليغ كلمة الله إلى الإنسان في كل الأرض.
الأمر الرابع: أن تحطم هذه القوة كل قوة في الأرض تتخذ لنفسها صفة «الألوهية» من دون الله رب العالمين (1).
وبما أن الأمة الإسلامية أمة مجاهدة، فلابد أن تكون هذه الأمة قوية حتى تستطيع أن تنهض بهذه الرسالة التي أنيطت بها، ولذلك حث النبي صلى الله عليه وسلم المؤمنين أن يكونوا أقوياء، وعلى أن يحصلوا كل أسباب القوة، فقال صلى الله عليه وسلم: «المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف» (2).
وما أحوج المسلمين اليوم إلى أن يحصلوا كل أسباب القوة، فهم يواجهون نظاما عالميا وقوى دولية لا تعرف إلا لغة القوة, فعليهم أن يقرعوا الحديد بالحديد، ويقابلوا الريح بالإعصار، ويقاتلوا الكفر وأهله بكل ما يقدرون عليه، وبكل ما امتدت إليه يدهم وبكل ما اكتشف الإنسان ووصل إليه العلم في ذلك العصر من سلاح وعتاد واستعداد حربي، لا يقصرون في ذلك ولا يعجزون (3).
إن هذا الإعداد الشامل من أجل تمكين الله يدخل تحت مسمى الجهاد والذي بدونه يستحال التمكين لشرع الله وإقامة دولة تحكم بمنهج الله، يقول الشيخ محمد الغزالي: «إن التغيير الإسلامي الذي تنشده الأمة الإسلامية لا يمكن تحقيقه من غير جهاد، وبدون صياغة جيل مجاهد، فالمهمة التغييرية مهمة شاقة، فالقوى الظاهرة والخفية القابضة على الزمام في عالمنا قوى شريرة، وقد هيأها أعداء لهذا الدور من زمن بعيد، وهي تعمل ليل نهار على خفت صوت الإسلام بشتى الطرق والوسائل, وإزالة هذه القوى، وإقامة الإسلام مكانها ليس بالأمر السهل، فهي ستتشبث بمواقعها حتى النفس الأخير وذلك يحتاج أولا وقبل كل شيء إلى تربية جهادية تخرج أنماطا من المجاهدين، يحبون الموت كما يحب الناس الحياة، ويعيشون همَّ الإسلام وقضاياه ليلهم ونهارهم. لابد من بناء قاعدة صلبة متينة تستطيع أن تصمد في هذا الصراع الجبار, وتقف في وجه المؤامرات، وتجاهد في كل المجالات والجبهات، وتدفع ثمن التمكين لدين الله في الأرض من زهرة
أبنائها الشهداء (4).
«إن الواجب على الأمة الإسلامية اليوم لتنهض وتتقدم وتترقى في مصاعد المجد أن تجاهد -بمالها ونفسها- الجهاد الذي أمرها الله به في القرآن الكريم مرارا عديدة، فالجهاد بالمال والنفس هو العلم الأعلى الذي يهتف بالعلوم كلها، فإذا تعلمت الأمة هذا العلم وعملت به دانت لها سائر العلوم والمعارف» (5).
---------------------------------------
مراجع الحلقة الواحدة والأربعون:
(1) في ظلال القرآن (3/3154) مع تصرف.
(2) مسلم مع شرح النووي كتاب 6، (16/ 215)
(3) انظر: ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين؟ لأبي الحسن الندوي، ص225.
(4) ركائز الإيمان بين العقل والقلب، ص75 بتصرف.
(5) انظر: لماذا تأخر المسلمون ولماذا تقدم غيرهم؟ الأمير شكيب أرسلان، ص164.
يمكنكم تحميل فقه النصر والتمكين
من الموقع الرسمي للدكتور علي محمد الصلابي