الإعداد المعنوي من أسباب التمكين ..
مختارات من كتاب (فقه النصر والتمكين)
بقلم الدكتور علي محمد الصلابي
الحلقة: الثانية والأربعون
يحتل الإعداد المعنوي المكانة الأولى كسبب من أسباب التمكين، وهذا الإعداد يكون عن طريق إعداد الأفراد الربانيين، ولقد رسم لنا النبي صلى الله عليه وسلم منهجاً متميزاً في تربية الأفراد على معاني الربانية وتحمل أداء رسالة رب البرية، وكان صلى الله عليه وسلم مهتما ببناء القاعدة الصلبة وتربية أتباعه على معاني العقيدة الصحيحة، فقد حرص صلى الله عليه وسلم منذ اليوم الأول من بعثته على أن يعطي الناس التصور الصحيح عن ربهم وعن حقه عليهم، مدركا أن هذا التصور سيورث التصديق واليقين عند من صفت نفوسهم، واستقامت فطرتهم، ولقد ركز النبي صلى الله عليه وسلم في تربيته لأصحابه على عدة جوانب منها:
1- أن الله منزه عن النقائص، موصوف بالكمالات التي لا تتناهى فهو سبحانه واحد لا شريك له، ولم يتخذ صاحبة ولا ولدا.
2- وأنه سبحانه خالق كل شيء، ومالكه، ومدبر أمره " أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ
وَالأمْرُ" [الأعراف: 54].
3- وأنه تعالى جده مصدر كل نعمة في هذا الوجود، دقت أو عظمت، ظهرت أو خفيت " وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللهِ" [النحل: 53].
4- وأن علمه محيط بكل شيء، فلا تخفى عليه خافية في الأرض، ولا في السماء، ولا ما يخفى الإنسان وما يعلن: "وَأَنَّ اللهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا" [الطلاق: 12].
5- وأنه سبحانه يقيد على الإنسان أعماله بواسطة ملائكته، في كتاب لا يترك صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها، وسينشر ذلك في اللحظة المناسبة والوقت المناسب " مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ" [ق: 18].
6- وأنه سبحانه يبتلي عباده بأمور تخالف ما يحبون، وما يهوون، ليعرف الناس معادنهم، من منهم يرضى بقضاء الله وقدره، ويسلم له ظاهرا وباطنا، فيكون جديرا بالخلافة والإمامة والسيادة، ومن منهم يغضب ويسخط، فلا يساوي شيئا، ولا يسند إليه شيء: " الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً" [الملك: 2].
7- وأنه سبحانه يوفق ويؤيد وينصر من لجأ إليه، ولاذ بحماه، ونزل على حكمه في كل ما يأتي وما يذر: " إِنَّ وَلِيَّيَ اللهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ" [الأعراف: 196].
8- وأنه وأن حقه سبحانه وتعالى على العباد أن يعبدوه، ويوحدوه، فلا يشركوا به شيئا: " بَلِ اللهَ فَاعْبُدْ وَكُن مِّنَ الشَّاكِرِينَ" [الزمر: 66].
9- وأنه - سبحانه - حدد مضمون هذه العبودية، وهذا التوحيد في القرآن العظيم.
وظل صلى الله عليه وسلم يطرق معهم هذه الجوانب، ويكرر على أصحابه ومن آمن به, ويفتح عيونهم عليها من خلال الكتاب المنظور، والكون المسطور حتى خشعت قلوبهم وسمت أرواحهم, وطهرت نفوسهم، ونشأ لديهم تصور وإدراك لحقيقة ومضمون الألوهية يخالف تصورهم الأول، وإدراكهم القديم (1).
---------------------------------------
مراجع الحلقة الثانية والأربعون:
(1) انظر: منهج الرسول صلى الله عليه في غرس الروح الجهادية، د. سيد نوح، ص10: 160.
يمكنكم تحميل فقه النصر والتمكين
من الموقع الرسمي للدكتور علي محمد الصلابي