وفاء النَّبيِّ (صلى الله عليه وسلم) للسَّيدة خديجة رضي الله عنها ...
مختارات من موسوعة السيرة النبوية والخلفاء الراشدين ..
بقلم د. علي محمد الصلابي
الحلقة (28)
كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) مثالاً عالياً للوفاء، وردِّ الجميل لأهله، فقد كان في غاية الوفاء مع زوجته المخلصة في حياتها، وبعد مماتها، وقد بشَّرها صلى الله عليه وسلم ببيتٍ في الجنَّة في حياتها، وأبلغها سلام الله - جلَّ وعلا - وسلام جبريل عليه السلام، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «أتى جبريلُ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم ، فقال: يا رسول الله! هذه خديجة قد أتتك، معها إناءٌ فيه إدامٌ - أو طعامٌ، أو شرابٌ - فإذا هي أتتك فاقرأ عليها السَّلام من ربِّها - عزَّ وجلَّ - ومني، وبشِّرها ببيت في الجنَّة من قَصَبٍ لا صَخَبَ فيه، ولا نَصَبَ» [البخاري (3820) ومسلم (2432)].
وتذكر عائشة رضي الله عنها وفاء النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم لخديجة بعد وفاتها بقولها: «ما غرتُ على أحدٍ من نساء النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم ما غرت على خديجة، وما رأيتها، ولكنْ كان النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يُكْثِرُ ذكرها، وربما ذبح الشَّاة، ثمَّ يُقطِّعُها أعضاء، ثمَّ يبعثها في صدائق خديجة، فربما قلت له: كأنَّه لم يكن في الدُّنيا امرأةٌ إلا خديجةُ؟ فيقول: إنَّها كانت، وكانت، وكان لي منها ولد» [البخاري (3818) ومسلم (2435) واللفظ للبخاري] .
وأظهر صلى الله عليه وسلم البشاشة، والسُّرور لأخت خديجة، لـمَّا استأذنت عليه لتذكُّره خديجة، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: «استأذنت هالةُ بنت خويلد أخت خديجة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعرف استئذان خديجة فارتاح لذلك، فقال: اللهم هالةُ بنتُ خويلدٍ! فغِرْت، فقلت: وما تَذْكُرُ من عجوزٍ من عجائز قريش، حمراء الشِّدْقَيْنِ هلكت في الدَّهر؛ فأبدلك الله خيراً منها» [البخاري (3821) ومسلم (2437)] . وأظهر صلى الله عليه وسلم الحفاوة بامرأةٍ كانت تأتيهم زمن خديجة، وبيَّن: أن حفظ العهد من الإيمان.
مراجع الحلقة:
- السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل أحداث، علي محمد محمد الصلابي، الطبعة الأولى، دار ابن كثير، 2004، ص 105.