تعزية للأمة الإسلامية وللشعب المصري بوفاة الشيخ الجليل الدكتور أحمد عمر هاشم
عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف
ورئيس جامعة الأزهر الأسبق
قال الله تعالى:
﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ۗ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ (آل عمران: 185).
بقلوب مؤمنة بقضاء الله وقدره، مفعمة بالحزن والأسى، نتقدّم بأحرّ التعازي إلى الشعب المصري الشقيق، وإلى الأمة الإسلامية جمعاء، في وفاة العلّامة الجليل الدكتور أحمد عمر هاشم – رحمه الله – أحد كبار علماء الأزهر الشريف، ورئيس جامعة الأزهر الأسبق، وعضو هيئة كبار العلماء، وأحد أبرز دعاة الوسطية والاعتدال في العالم الإسلامي.
إنا لله وإنا إليه راجعون..
إنّ رحيل العلماء خسارة فادحة للأمة، فهم ورثة الأنبياء ومصابيح الهدى، يضيئون دروب الناس بالعلم والبصيرة، ويقيمون الموازين في زمن الفتن. لقد عاش الشيخ عمره في خدمة الدين والسنّة، علمًا وتعليمًا ودعوةً وإصلاحًا، فكان مثال العالم العامل، والناصح الأمين، والمربي الصادق.
لمحات من سيرته المباركة
وُلد الشيخ أحمد عمر هاشم – رحمه الله – يوم الخميس 10 محرّم 1360هـ الموافق 6 فبراير 1941م، بقرية بني عامر في محافظة الشرقية، بمصر. نشأ في بيئة ريفية طاهرة محبة للعلم والقرآن، فشبّ فيها على حب المعرفة وخدمة الدين.
التحق بكلية أصول الدين بجامعة الأزهر، وتخرج فيها عام 1961م، ثم واصل مسيرته العلمية حتى نال الإجازة العالمية عام 1967م، فاختير معيدًا بقسم الحديث الشريف، وواصل البحث والدراسة حتى حصل على الماجستير عام 1969م، ثم الدكتوراه بدرجة امتياز مع مرتبة الشرف.
رُقّي إلى درجة الأستاذية عام 1983م في علوم الحديث، وتولى عمادة كلية أصول الدين بالزقازيق عام 1987م، ثم رئاسة جامعة الأزهر عام 1995م، فكان قدوةً في القيادة والعلم والإصلاح.
مناصبه وإسهاماته
تولّى الشيخ – رحمه الله – عددًا من المناصب العلمية والدعوية الرفيعة داخل مصر وخارجها، منها:
عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف.
عضو مجمع البحوث الإسلامية والمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية.
عضو مجلس الشعب ومجلس الشورى لعدة دورات.
رئيس لجنة البرامج الدينية في التلفزيون المصري.
رئيس المركز العام لجمعيات الشبان المسلمين العالمية.
كما درّس في عدد من الجامعات خارج مصر، منها جامعة أم القرى بمكة المكرمة وجامعة أم درمان الإسلامية في السودان، ومثّل الأزهر في مؤتمرات دولية في قضايا السنة والسيرة والحوار الحضاري، فكان سفيرًا للعلم والاعتدال.
شخصيته وإرثه العلمي
امتاز الشيخ أحمد عمر هاشم – رحمه الله – بعلم راسخ، وخلق كريم، واعتدال في الفكر والخطاب. جمع بين عمق المحدثين وبيان الدعاة، وكان خطيبًا مؤثرًا وإداريًا ناجحًا.
أشرف على أكثر من مئتي رسالة علمية في الماجستير والدكتوراه، وربّى أجيالًا من العلماء والباحثين في العالم الإسلامي.
خلّف إرثًا علميًا زاخرًا تجاوز مئةً وعشرين مؤلفًا، من أبرزها:
من هدي السنة النبوية
مباحث في الحديث الشريف
الشفاعة في ضوء الكتاب والسنة والرد على منكريها
تيسير مصطلح الحديث
منهج الإسلام في العقيدة والعبادة
كانت كتبه مرجعًا في الدراسات الإسلامية، وتميزت بوضوح المنهج ووسطية الرؤية، مما جعله من كبار علماء الحديث والدعوة في العصر الحديث.
دعاء وخاتمة
لله ما أخذ وله ما أعطى، وكل شيء عنده بأجل مسمّى.
اللهم اغفر لعبدك الشيخ الدكتور أحمد عمر هاشم، وارحمه رحمةً واسعة، واغسله من الذنوب والخطايا كما يُنقى الثوب الأبيض من الدنس.
اللهم اجعل قبره روضة من رياض الجنة، ونوّر له فيه، وارفع درجته في المهديين، واجزه عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء.
اللهم اجعل علمه وعطاءه صدقة جارية إلى يوم الدين، وأبدله دارًا خيرًا من داره، وأهلًا خيرًا من أهله، واملأ قبره بالسكينة والنور والرضوان.
اللهم اجعل له نصيبًا من دعاء كل من تعلّم منه أو انتفع بعلمه أو اهتدى بهديه.
رحمه الله رحمةً واسعة، وأسكنه فسيح جناته، وجعل علمه نورًا للأمة من بعده.
وإنا لله وإنا إليه راجعون.
د. علي محمد الصلابي
15 ربيع الآخر 1447هـ
الموافق 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2025م