السبت

1446-11-05

|

2025-5-3

تأملات في الآية الكريمة:

{إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ}

من كتاب إبراهيم خليل الله دَاعِيةُ التَّوحِيدِ وَدينِ الإِسلَامِ وَالأُسوَةُ الحَسَنَةُ

الحلقة: 217

بقلم الدكتور علي محمد الصلابي

شعبان 1444ه/ فبراير 2023م

 

‌أ- {إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ}:

يُفيد أن دخلوهم كان مفاجئاً،وكأنه لم يذكر استئذاناً، وقد يكون بيت إبراهيم - عليه السّلام - مفتوحاً للأضياف - لها مقرّ خاص بهم- لا يحتاج الناس فيه إلى استئذان لكونه كريماً مضيافاً.

‌ب- {فَقَالُوا سَلَامًا}:

أي: نسلّم عليك سلاماً، فهو مفعول مطلق، فردّ عليهم سلامهم بأطيب منه.

‌ج- {قَالَ سَلَامٌ}:

أي عليك "سلام"، والجملة الإسمية التي قالها إبراهيم - عليه السّلام - أقوى وأثبت من جملتهم التي هي فعلية والفعل ليس له ثبات(1)، وهذه بداية الكرم من إبراهيم - عليه السّلام -.

‌د- {قَوْمٌ مُنْكَرُونَ}:

وهذه الكلمة لم يقلها إبراهيم - عليه السّلام - لهم مباشرة، وإنما قالها خُفية عنهم(2)، بمعنى أنه استنكر حالهم، فقد كانوا على هيئة شباب في نضارة وجمال، قيل: هم ثلاثة ملائكة: جبريل وإسرافيل وميكائيل(3).

وقيل: كانوا عشرة، أو اثني عشر، أو ثلاثة عشر(4).

وفي التوراة ذُكر هذا المعنى، وفي بعض الآثار أنهم كانوا ثلاثة في سنِّ الشباب، وفي غاية الجمال، ولم يكن يعرفهم، وهذا جزء من الإنكار أنه لم يرهم من قبل، ربما سحنات وجوههم غير مألوفة، كذلك سلامهم كان شيئاً يستغرب، فالناس ما كانوا يحسنون السلام فهم لما قالوا له: {سَلَامًا} كان هذا ما استنكره واستغربه فضلاً عن أنهم ربما دخلوا دون أن يستأذنوه(5).

والأظهر أن إماماً مثل إبراهيم الخليل - عليه السّلام - السيد العظيم الذي اتّخذه الله تعالى خليلاً، لديه من قوة الحدس والبصيرة والعرفان ما يغوص فيه على دقائق المعاني والأسرار، حتى ولو لم يوجد في ظاهر الحال ما يدل عليها، فلذلك أحسّ أنَّ الأمر ليس طبعيّاً، وهذا فيه حكمة عملية؛ أن الإنسان إذا استغرب شيئاً عليه أن يتعامل معه بشكل طبعيّ، ويبحث بعد ذلك حتى تتضح له الأمور، ولا يتعجل باتخاذ موقف ما، ولا يفاجئ الناس بما يستغربون، وينتظر حتى تنكشف الأمور بعد ذلك، ومن كمال الضيافة عند إبراهيم - عليه السّلام - التي عُرف بها ألا يواجههم بوصفهم بالنكارة، وقد يكون قالها في نفسه أو يكون قالها لأهل بيته لما ذهب إليهم ليضعوا طعاماً(6).

 

مراجع الحلقة السابعة عشر بعد المائتين:

(1) روح البيان في تفسير القرآن، إسماعيل حقي بن مصطفى الخلوتي البروسوري، (9/161).

(2) الوسيط في تفسير القرآن المجيد، الواحدي، (4/178).

(3) التفسير الكبير مفاتيح الغيب (تفسير الرازي)، (28/174)، إشراقات قرآنية، سلمان العودة، (1/130).

(4) مدارك التنزيل وحقائق التأويل (تفسير النسفي)، (3/375)، إشراقات قرآنية، سلمان العودة، (1/130).

(5) إشراقات قرآنية، سلمان العودة، المرجع السابق، (1/131).

(6) المرجع نفسه، (1/131).

 

يمكنكم تحميل كتاب إبراهيم خليل الله دَاعِيةُ التَّوحِيدِ وَدينِ الإِسلَامِ وَالأُسوَةُ الحَسَنَةُ

من الموقع الرسمي للدكتور علي الصَّلابي


مقالات ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة © 2022