الثلاثاء

1446-11-08

|

2025-5-6

تأملات في الأية الكريمة {فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لَا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ}

من كتاب إبراهيم خليل الله دَاعِيةُ التَّوحِيدِ وَدينِ الإِسلَامِ وَالأُسوَةُ الحَسَنَةُ

الحلقة: 220

بقلم الدكتور علي محمد الصلابي

شعبان 1444ه/ مارس 2023م

 

‌أ- {فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً}:

حين لم يأكلوا خاف منهم، وجاء في الآية الأخرى في سورة هود {فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لَا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً} ]هود:70[، وهذا يؤكد ما ذكرته آنفاً أنه لم يواجههم بقوله: {قَوْمٌ مُنْكَرُونَ} وإنما قاله في نفسه فهو لما {رَأَى أَيْدِيَهُمْ لَا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً}، وحُق له أن يوجس منهم خيفة، والضيف إذا لم يأكل، فإنه يٌخشى منه الغدر، وقد يكون يضمر سوءاً وإيجاس الخيفة لا يعني أنه خاف من أشخاصهم، لكن خاف مما وراءهم وسبب مجيئهم، وعادة فإن الأشياء الغامضة تبعث على الخوف، ولذا قالوا له: {لَا تَخَفْ}(1).

‌ب- {لَا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ}:

قد ظهر لهم في قسمات وجهه ما يدل على توجّسه، فقالوا له تطميناً وتبشيراً {لَا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ}، وسرعان ما انقلب الخوف بُشرى بغلام، وهو إسحاق وأمه سارة زوج إبراهيم - عليه السّلام -.

وبدل لذلك ما جاء في الآية الأخرى، حيث نصَّ الله تعالى على اسم هذا الغلام، فقال: {فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ} ]هود:71[ أي: من ولد إسحاق: يعقوب(2).

وقد حدث من سارة موقف إنساني عظيم فإنها لما كبرت ولم يُولد لها وعرفت أنّها عقيم، تحاملت على نفسها وأهدته هاجر من أجل أن تأتيه بغلام، فأذن الله تعالى أن يكون إسماعيل ولداً لهاجر، وأن يكون إسحاق ولداً لسارة، ولم يقل: "بغلام جميل" ولا "طويل"، وإنما {عَلِيمٍ}، وهذا دليل على أن الصفات المعنوية هي التي يجب أن يُحرص عليها ويُمدح بها، وفي الآية الأخرى قال: {فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ} ]الصافات:101[، فالآية الأولى - آية الذاريات- في شأن إسحاق، وآية الصافات في شأن إسماعيل، فإسحاق "عليم"، وإسماعيل "حليم" عليهما السلام (3).

 

مراجع الحلقة العشرون بعد المائتين:

(1) إشراقات قرآنية، سلمان العودة، (1/133).

(2) المرجع نفسه، (1/133).

(3) إشراقات قرآنية، سلمان العودة، (1/134).

يمكنكم تحميل كتاب إبراهيم خليل الله دَاعِيةُ التَّوحِيدِ وَدينِ الإِسلَامِ وَالأُسوَةُ الحَسَنَةُ

من الموقع الرسمي للدكتور علي الصَّلابي


مقالات ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة © 2022