من كتاب الوسطية في القرآن الكريم
(وسطية القرآن بين الكتب السماوية)
الحلقة: الثانية والثلاثون
بقلم الدكتور علي محمد الصلابي
ربيع الأول 1442 ه/ نوفمبر 2020
من وسطية القرآن في باب الإيمان بالكتب السماوية بيانه: أن هذه الكتب نزلت بالحق، والنور، والهدى، وتوحيد الله سبحانه في ربوبيته، وألوهيته، وأسمائه، وصفاته، وأنَّ ما نسب إليها مما يخالف ذلك إنما هو من تحريف البشر، وصنعهم.
ومن وسطيَّة القرآن ما ميَّزه الله وخصه به عن سائر الكتب المقدسة التي سبقت نزوله من الكتب المنزلة، ومن أهمها:
أنه تضمن خلاصة التعاليم الإلهية، وجاء مؤيداً، ومصدقاً لما جاء في الكتب السابقة من توحيد الله، وعبادته، ووجوب طاعته، وجمع كل ما كان متفرقاً في تلك الكتب من الحسنات، والفضائل، وجاء مهيمناً ورقيباً عليها، يقر ما فيها من حق، ويبين ما دخل عليها من تحريف وتغيير قال تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ *}[المائدة: 48 ].
ومن وسطيَّة القرآن : أنه جاء بشريعة عامة للبشر، فيها كل ما يلزمهم لسعادتهم في الدارين، نسخ بها جميع الشرائع العملية الخاصة بالأقوام السابقة، وأثبت فيها الأحكام النهائية الخالدة الصالحة لكل زمان.
إن القرآن الكريم هو الكتاب الرباني الوحيد الذي تعهَّد الله بحفظه. قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ *لاَ يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ *} [فصلت: 41 ـ 42].
والقرآن الكريم أنزله على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم للناس كافة، وليس خاصّاً بقوم معينين، كما كانت تنزل الكتب السابقة، فكان حفظه من التحريف، وصيانته من عبث الناس ؛ ليبقى ما فيه حجة الله على الناس قائمة؛ حتى يرث الله الأرض ومن عليها.
وذلك بعكس الكتب الأخرى، فقد وجه الكلام في كل واحد منها إلى أمة خاصة دون سائر الأمم، وهي وإن اتفقت في أصل الدين إلا أن ما نزل فيها من الشرائع والأحكام كان خاصّاً بأزمنة معينة، وأقوام معينين. قال تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ *}[المائدة: 48 ].
لذلك لم يتعهد الله سبحانه بحفظ أيٍّ منها على مدى الدهور، والأيام، والأزمان كما هو الحال بالنسبة للقرآن، وقد تَكَلَّمْتُ عن أوجه الخيرية للقران الكريم في باب ملامح الوسطيَّة.
وبهذا أرجو من الله العلي العظيم أن أكون قد وُفِّقت في بيان وسطية القرآن بالنسبة للكتب السماوية!
يمكنكم يمكنكم تحميل كتاب :الوسطية في القرآن الكريم
من الموقع الرسمي للدكتور علي محمَّد محمَّد الصَّلابي
http://alsallabi.com/uploads/file/doc/29.pdf
كما يمكنكم الإطلاع على كتب ومقالات الدكتور علي محمد الصلابي من خلال الموقع التالي:
http://alsallabi.com