الجمعة

1446-11-04

|

2025-5-2

من تاريخ الدولة الزنكية .... بزوغ نجم عماد الدين السياسي : أحداث وإنجازات

الحلقة: 9

بقلم: د. علي محمد الصلابي

2 محرم 1443 ه/ 31 يوليو 2022م

كان من العوامل الرئيسية التي ساعدت على ظهور عماد الدين زنكي مُنذ عهد طفولته ذلكَ الدور الذي لعبه أبوه آق سنقر في شؤون الدولة السلجوقية السياسية، والعسكرية، والإدارية في الأعوام (465 هـ 487 هـ)، والمكانة التي حصل عليها نتيجة خدماته للسلاطين السلاجقة، وعملهِ على تدعيم كيانهم، حتى إنه ضحى بحياته ـ كما رأينا ـ في سبيل الولاء للسلطان السلجوقي بركيارق، ولم ينس هذا تضحية آق سنقر في سبيل عرشه، فجازاه ـ بعد مقتله ـ بتوجيه العناية والاهتمام نحو ابنه الوحيد عماد الدين زنكي الذي كان آنذاك في العاشرةِ من عمره، وكان يقيم في حلب تحت رعاية مماليك أبيه، وأصحابه الذين كانوا يكنون الحب العميق لآق سنقر.(1)

1 ـ مكانة زنكي عند أمير الموصل كربوقا: لما تولى الموصل قوام الدولة كربوقا سنة 489 هـ، باسم السلطان بركيارق أولى زنكي اهتماماً خاصاً، وطلبَ من بعض مماليكِ والدهِ المقيمين في حلب إحضار عماد الدين إليه، وقال لهم: «هو ابن أخي، وأنا أولى الناسِ بتربيته» فأحضروه عنده ،(2) ويبدو أن كربوقا أدركَ مكانة آق سنقر والد عماد الدين في نفوس كثير من التركمان، وعرف ما يكنُّونَ له من الولاء والطاعة، فحرصَ على أن يضمَّ إليهِ ابنهُ عماد الدين ليحصل على الولاء نفسه الذي يحملهُ التركمان لوالده، إضافة إلى أن كربوقا أثناء ملازمته لآق سنقر قد أدركَ نجابة عماد الدين، ومكانتهُ بينَ مماليك والده، فأراد أن يضمه إلى جانبهِ للاستعانةِ به، وبمماليك والده في حروبه ضدَّ خصومه، وربما ليضمن عدم منافسته له مستقبلاً، وقد حظي عماد الدين بمكانة مرموقة عند قوام الدولة كربوقا، وظل عماد الدين زنكي ملازماً له بالموصل إلى أن توفي كربوقا سنة 495 هـ/1101 م.(3)

2 ـ مكانته عند الأمير جكرمش والي الموصل: بقيت العلاقة طيبة بين زنكي وشمس الدولة جكرمش الذي أعقب كربوقا على ولاية الموصل (495 ـ 500 هـ) والذي كان أحد مماليك السلطان السلجوقي ملكشاه وعلى معرفة بالخدمات التي أداها والد زنكي للسلاجقة، ومن ثم توثقت العلاقة بينهُ وبين زنكي؛ حيث قرَّبهُ، وأحبه، واتخذه ولداً، وظل الأخير ملازماً له؛ حتى وفاته عام 500 هـ.(4)

3 ـ في عهد ولاية جاولي سقاو على الموصل: بعد وفاة جكرمش تولى جاولي سقاو (500 هـ 502 هـ) على ولاية الموصل وكان زنكي قد بلغ مرحلة الشباب (وبدت عليهِ علائم الشهامة) وساد الصفاء علاقاته بالوالي الجديد. إلا أن عصيان الأخير للسلطان محمد عام 502 هـ وهروبه إلى الشام، دفع زنكي إلى الانفصال عنهُ وجماعة من كبار الأمراء في نفس الوقت الذي عين فيهِ السلطان والياً جديداً على الموصل هو الأمير مودود بن التونتكين (502 ـ 507 هـ)، فانضم زنكي ورفاقه إليه. مما كان له أبلغ الأثر في نفس السلطان والوالي الجديد على السواء، الأمر الذي رشحه لأن يكون من كبار أمراء هذا الوالي، وأن يحصل على مزيد من الإقطاعات.(5)

4 ـ ملازمته للأمير مودود في حرب الصليبيين: لما استقر الأمير مودود بالموصل، واتصل به عماد الدين؛ عرف له مكانته بالإضافة إلى منزلة أبيه، ولما رأى منهُ العقل والشجاعة؛ زاد في إقطاعهِ، وشهد زنكي حروبه كلها وخاصة مع الصليبيين في طبرية، وقبل مجيء مودود كان زنكي قد تميز بشجاعته ومقدرته وقد شارك في الغزوات التي قام بها ضد اللاتين، ويذكر المؤرخون بكلِّ اعتزاز: أن عبقريته كرست للجهاد من السنوات الأولى من عمره، (6)وقد أظهر في عهدِ مودود من البطولات في جهاده ضد الصليبيين ما أكسبهُ شهرة واسعة لدى المسلمين، وظل ملازماً لمودود حتى مقتلهِ عام 507 هـ على أيدي الباطنية في جامع دمشق.(7)

مراجع الحلقة التاسعة:

( ) الباهر ص 15، عماد الدين زنكي ص 36.

(2) عماد الدين زنكي ص 36.

(3) الباهر ص 16 الحياة العلمية في العهد الزنكي ص 31.

(4) الباهر ص 16 عماد الدين زنكي ص 36.

(5) عماد الدين زنكي ص 37.

(6) الحروب الصليبية والأسرة الزنكية ص 63.

(7) الباهر ص 17 ـ 19 عماد الدين زنكي ص 37.

يمكنكم تحميل كتاب عصر الدولة الزنكية ونجاح المشروع الإسلامي بقيادة نور الدين الشهيد في مقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي

من الموقع الرسمي للدكتور علي الصَّلابي

alsallabi.com/uploads/file/doc/106969.pdf


مقالات ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة © 2022