من تاريخ الدولة الزنكية .... زوجات وأبناء عماد الدين زنكي
الحلقة: ٨
بقلم: د.علي محمد الصلابي
محرم ١٤٤٤ه ه/ يوليو ٢٠٢٢م
أ. الزوجة الأولى:
قال السلطان محمود: قد زوجتكَ امرأة الأمير كندغدي من أكابر أمراء السلطان محمد، والسلطان محمود، واتفق أنه مات وترك ولداً صغيراً وزوجة ومن المال والبرك (المتاع الخاص من ثياب وقماش وسلاح) ما لا يقدر عليه إلا السلطان، فطلب من عماد الدين أن يتزوجها وأرسل إليها، يقول لها: إنني زوجتك بعماد الدين زنكي، فامتنعت، ثم أجابت، فركب زنكي من غدٍ بعد دخوله بها ومعهُ ولد كندغدي وهو في موكب عظيم من أصحابهِ وأصحاب كندغدي، وأخرجت له زوجته من الخيام والبرك ما ليس لأحدٍ من العسكر مثله.(1)
ب ـ الزوجة الثانية: خاتون ابنة الملك رضوان، كان زواجه بها زواجاً سياسياً، فقد تزوجها ليصبح له الحق والشرعية في حكم حلب،(2) ولكنه هجرها بعد أن رأى ثياب أبيهِ آق سنقر الذي قتلهُ جدها تتش، وطلقها بتدخل القاضي أبي غانم قاضي حلب ،(3) وكان زواجهُ بها سنة 522 هـ على رأي حسن حبشي وسنة 523 هـ على رأي ابن العديم .(4)
ج ـ الزوجة الثالثة: صاحبة خلاط ابنة سقمان القطبي؛ تزوج صاحبة خلاط ابنة سقمان القطبي سنة 529 هـ والظاهر: أنَّ زواجه منها كان ليمكِّن نفوذه في تلك المنطقة، فقد كان زنكي في السنة السابقة لهذا الزواج في حرب، وكان حسان الدين تمرتاش معهُ في حربه ضد داود بن سكمان بن أرتق، وربما أراد بالمصاهرة أن يضم خلاطاً إليهِ، ويقوي جبهته في تلك المنطقة، ولا سيما أنه في سنة زواجه كان في حرب في تلك الجبهة، فاستولى على الصقر وشوش.
د ـ الزوجة الرابعة: ابنة تمرتاش.
هـ ـ الزوجة الخامسة: خاتون بنت جناح الدولة حسين، وكان زواجه منها سنة 531 هـ وفي هذه السنة كانت فترة نشاطه في حمص، فقد حاصرها حصاراً شديداً ولا يستبعد أن يكون زواجه بها ليكتسب شرعية أخذه حمص من دمشق؛ لأنها الوارثة لها بعد والدها، وليضم إليه أنصار والدها، ويساعدوه على أخذ المدينة.(5)
و ـ الزوجة السادسة: تزوجها سنة 532 هـ وهي صفوة الملك ابنة الأمير جاولي أم شمس الملوك إسماعيل وإخوته بني تاج الملوك، وهي أخت الملك دقاق لأمه،(6) وقد كانَ زواجهُ منها في أمل أن يمتلكَ دمشق، فلما لم يحصل له ملك دمشق؛ أعرض عنها.(7)
ونلاحظ: أنَّ موضوع زوجات زنكي قد حظي باهتمام عدد من المؤرخين، وأغلب الظن: أنَّ سبب ذلكَ يعود إلى العلاقة الوثيقة بين معظم عقود الزواج التي قام بها وبين مشاريعه السياسية والعسكرية، وكان زنكي يعتمد رابطة الزواج لتحقيق بعض أهدافه السياسية، والعسكرية، وإنه تمكن بهذا الأسلوب من توثيق علاقاته بعدد من الحكام والأمراء، الأمرُ الذي ساعده إلى حدٍّ كبير في تنفيذ خططه الرامية إلى توحيد القوى الإسلامية لمواجهة الخطر الصليبي.(8
أبناء عماد الدين زنكي:
هم سيف الدين غازي وهو الأكبر، ونور الدين محمود، وقطب الدين مودود، ونصرة الدين أمير أفيران. وجميع أولاده ظهرت عليهم النجابة مما ورثوه من والدهم وكانوا ذوي أخلاق حميدة، وشجاعة فائقة، وخاصة نور الدين محمود، وسيف الدين غازي، وقطب الدين مودود، فأخبار شجاعتهم مشهورة، ونلاحظ من أسماء أولاد زنكي اسم مودود فقد يدل على إعجاب زنكي بالأمير مودود، وهناك غازي، واسمه يدل عليه، أما محمود، فإنه يطابق اسم أحد السلاطين السلاجقة ممن خدمه زنكي.(9)
وقد خصص زنكي لتربية أولادهِ علياً بن منصور السروجي، وكان أديباً شاعراً خطاطاً، وعندما كبر سيف الدين غازي؛ أرسله أبوه لخدمة السلطان مسعود، فتلقاه بالحفاوة والتقدير، ورتب في خدمتهِ عشرة من الحراس ،(10) وقد بقي سيف الدين هناكَ حتى قبيل مقتل أبيهِ بوقت قصير، وأما نور الدين محمود فقد نشأ تحت رعاية والده، وتعلم القران الكريم، والفروسية، والرمي ،(11) ولما جاوز صباه لزم خدمة أبيه حتى مقتله ،(12) وهكذا كان زنكي يُعِدُّ أولاده لتحمل المسؤوليات الإدارية والعسكرية في المستقبل، وما يقال عن غازي، ومحمود يمكن أن يقال عن ابنيه الاخرين: أفيران، ومودود.(13)
مراجع الحلقة الثامنة:
(1) التاريخ الباهر ص 28.
(2) نور الدين زنكي، حسن حبشي ص 24.
(3) زبدة حلب ص 244، الحروب الصليبية والأسرة الزنكية ص 59.
(4) الحروب الصليبية والأسرة الزنكية ص 59.
(5) المصدر نفسه ص 60.
(6) الروضتين (1/80).
(7) مفرج الكروب نقلاً عن الحروب الصليبية والأسرة الزنكية، ص 60.
(8 عماد الدين زنكي ص 172.
(9) الحرب الصليبية والأسرة الزنكية ص 62.
(10) الباهر ص 97.
(11) البداية والنهاية نقلاً عن عماد الدين ص 173.
(12) الروضتين (1/119).
(13) عماد الدين زنكي ص 173.
يمكنكم تحميل كتاب عصر الدولة الزنكية ونجاح المشروع الإسلامي بقيادة نور الدين الشهيد في مقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي
من الموقع الرسمي للدكتور علي الصَّلابي